الدين والسينما
ماهي المشكلة في عرض أعمال فنية تخدم الإسلام؟ ما الخطأ في تقديم أعمال فنية تعرض حياة أو جزء من حياة أحد الشخصيات الدينية وخاصة في عهد النبوة؟
يقول الكاتب محفوظ عبد الرحمن، مؤلف فيلم القادسية والذي تم منعه من قبل الأزهر : للأسف نحن نتراجع ثقافياً خاصة بشأن السماح لعرض وتقديم أفلام عن الاسلام والشخصيات الدينية. هذا المنع لا يفيد الاسلام ولا أعتقد أنه يحمي الدين كما يتصورون. ومسألة المنع هذه تعني انحسار هامش الحرية الفكرية التي أباحها الاسلام. وأنا أعتقد أن الاصرار على منع ظهور هذه الشخصيات يضر بالدعوة للاسلام في هذا الوقت الحرج الذي تواجهه الأمة الاسلامية. لأن السينما وسيلة هامة يمكن استغلالها للتعريف بالاسلام وحقيقته.
ويضيف محفوظ عبد الرحمن: اذا كان هناك اعتراض على فيلم «القادسية» فلماذا يتم منع عرض فيلم مثل «الرسالة»، فأنا أتصور أن أي مسلم محب لدينه لا يمكنه منع هذا الفيلم. ان أوروبا وأميركا عندهم انفتاح شديد ونهم أكبر تجاه الاسلام سواء كان من منطلق الفضول أو الاعتراض. واذا لم نقدم نحن ذلك سيقدمونه هم برؤاهم الخاصة.
ولنا أن نتساءل ماهي مبررات الأزهر لتحريم الأعمال الفنية في هذا المجال؟؟؟؟
ففي عام 1925 أراد الفنان يوسف وهبي تمثيل فيلم بعنوان" محمد رسول الله" إلا أن قرار الأزهر في ذلك الوقت ألغى فكرة انتاج هذا الفيلم والذي كانت ستتولى انتاجه شركة ماركوس الألمانية من خلال مشاركة الحكومة التركية في التمويل ولم يكتف الأزهر في ذلك الوقت برفض فكرة الفيلم فقط بل أصدر فتوى تنص على أن الدين يحرم تحريماً باتاً تصوير الرسل والأنبياء ورجال الصحابة .
يقول الكاتب الكبير يسري الجندي: أن ما يحدث الان هو نوع من المزايدة علي ميراث متخلف من الأساس… وهذا الميراث يحتاج إلي تجديد الفكر ولغة الخطاب الديني وإلي حركة تنوير جديدة مثل التي قادها الإمام محمد عبده والشيخ علي عبدالرازق وغيرهم من العلماء المستنيرين الذين كانوا حماة الوسطية والإستنارة التي هي جوهر الدين الإسلامي… وعلي مدي العقود الماضية هناك محاولات للمزايدة علي الأفكار المتطرفة من جانب الجهات الرسمية بما في ذلك الأزهر.
وأضاف الجندي: نحن في حاجة إلي تقديم أعمال دينية مهمة في الوقت الحاضر مثل مسلسل’ الحسن والحسين’ لتظهر عظمة الإسلام… فمن خلال هذه الرموز الدينية الكبيرة يمكن أن نرد بشكل عملي علي الهجمات الصهيونية الشرسة التي تدعي أن الإسلام دين إرهاب وعنف… أما قضية منع مسلسل’ الحسن والحسين’ فإنها تدل علي ردة المجتمع لأن كثير من الشخصيات الدينية المقدسة والمرفوضة حاليا تم تناولها مسرحيا في الثلاثينات والأربعينات….والآن وصل الرفض إلي أقصي مداه…. حيث أصبح كل من عاشوا في عصر الرسول الكريم ممنوعون….ولم يقتصر الأمرعلي العشرة المبشرين بالجنة….
وأضاف الجندي: نحن في حاجة إلي تقديم أعمال دينية مهمة في الوقت الحاضر مثل مسلسل’ الحسن والحسين’ لتظهر عظمة الإسلام… فمن خلال هذه الرموز الدينية الكبيرة يمكن أن نرد بشكل عملي علي الهجمات الصهيونية الشرسة التي تدعي أن الإسلام دين إرهاب وعنف… أما قضية منع مسلسل’ الحسن والحسين’ فإنها تدل علي ردة المجتمع لأن كثير من الشخصيات الدينية المقدسة والمرفوضة حاليا تم تناولها مسرحيا في الثلاثينات والأربعينات….والآن وصل الرفض إلي أقصي مداه…. حيث أصبح كل من عاشوا في عصر الرسول الكريم ممنوعون….ولم يقتصر الأمرعلي العشرة المبشرين بالجنة….
ومن الأعمال الَّتي قدِّمت ووافقت عليها المراجع الدِّينيَّة لالتزامها بشروطها نذكر فيلم "الرِّسالة" للمخرج السوري الراحل مصطفى العقَّاد…. الذي يعتبر من أكثر الأعمال شهرةً وإنتشارًا على المستوى العالمي…حيث يروي قصَّة الإسلام منذ مبعث الرَّسول إلى وفاته… أنتج في السَّبعينات بعد أخذ موافقة مرجعيَّاتٍ سنيَّةٍ… وموافقة المجلس الإسلامي الشِّيعي الأعلى في لبنان حيث وضعت عدَّة شروط على المخرج العقَّاد والتزم بها… إذ لم تظهر صورة النبي في كلِّ أحداث الفيلم على الرغم من دوره الرَّئيس… كما غابت شخصيَّات رئيسة في تاريخ الإسلام مثل الإمام علي بن أبي طالب الذي ظهر سيفه "ذو الفقار" فقط في مشهد النـزال قبل معركة بدر.
وبالرغم من ذلك تم منع عرض فيلم الرسالة في دور السينما المصرية لكن لم يعترض الأزهر على عرضه على القنوات الفضائية!!!!
وعن فيلم «الرسالة» يقول المخرج مصطفى العقاد:" قد لا يعلم الكثيرون أنني أحمل معي موافقة لجنة الأزهر على سيناريو فيلم الرسالة. وأن العمل جيد وقد مكثت سنة كاملة قضيتها في فندق الهيلتون بالقاهرة في بداية السبعينات للاعداد لسيناريو الفيلم. مع كبار الكتاب فأنا مسلم عربي لا أستطيع الاساءة للاسلام. ولهذا حرصت أن يخرج العمل في أفضل صورة ممكنة سواء من ناحية القصة والسيناريو…. و من ناحية التصوير وفريق الممثلين والاخراج…. هل يعلم المصرون على المنع انه بعد أحداث 11 سبتمبر تم بيع 100 ألف نسخة من فيلم «الرسالة» للقوات الأميركية وأجرت معهم احدى المجلات حواراً لمعرفة سبب ذلك فقالوا انهم أرادوا معرفة الاسلام فمنهم من اشترى كتب وآخرون اشتروا أفلاما. أنا أقول للذين يرون في منع ظهور تلك الشخصيات حماية لأصول الدين. ان الحياة تتغير وأساليب الدعوة في الماضي كانت مختلفة… والا فعلينا أن نمتنع عن استخدام أساليب التكنولوجيا الحديثة لأنها لم تكن موجودة في عهد النبي".
وجدير بالذكر أن المخرج الراحل مصطفى العقاد نذر حياته من أجل الفن الهادف…ومن أجل طرح رؤية موضوعية عن الإسلام والعرب من خلال بصماته الاخراجية الواضحة في هوليود. ولم يكن "الناصر صلاح الدين" الحلم السينمائي الوحيد المؤجل بالنسبة للمخرج الراحل.. ففيلم عن السلطان العثماني محمد الفاتح… وآخر عن الأندلس… حضارتها… وما وصل إليه العرب هناك… كانا مشروعين يشغلان باله….
وفي شهر رمضان الماضي دار جدل حول مسلسل عمر والذي تم عرضه على شاشة الـ"MBC" …والمسلسليتناول تجسيد شخصية عمر بن الخطاب رضي الله عنه وسيرته الذاتية وظهور ممثل لتجسيد شخصيته…. وإصدار الأزهر بيانًا يعلن فيه رفضه عرض العمل على الشَّاشة… وهذا يعيد إلى الذهن ما حصل في العام الماضي مع مسلسل "الحسن والحسين ومعاوية" ومحاولات منعه الَّتي لم تنجح.
يقول د محمد رأفت عثمان عضو مجمع البحوث الاسلامية " أن فلسفة الأزهر في منع ظهور الصحابة والأنبياء في الأعمال السينمائية ترجع الي أن تجسيد هذه الشخصيات يقلل من هيبتها ومقدارها لدي الناس …. كما أن الممثل الذي يجسد شخصية الصحابي لن يصل الي روح الشخصية مهما أتقنها … ومهما بذل من جهد لاتقانها ".وأضاف د رأفت عثمان " كما أن الفنانين الذين سيقومون بتجسيد شخصية الصحابي قد يقوم البعض منهم في حياتهم العملية والطبيعية بأعمال تتنافي مع الاسلام … ومن هنا تأتي حرمة تجسيد الصحابة والأنبياء ".
وأكد الشيخ علي عبد الباقي أمين " ان الإسلام لا يرفض الأعمال الفنية الجادة والهادفة… كما أنه يحترم كل الأنبياء والرسل لما لهم من قدسية خاصة… كما أن تجسيد الصحابة قد يثير جدلا حول هذه الشخصيات".
ولكن هناك من العلماء من يرد على هذا الكلام… فيلخص الشريف حاتم بن عارف العوني
وقال الرئيس السوفييتي خرشوف قال: أنا أخشى من هوليوود أكثر مما أخشى الصواريخ الأمريكية العابرة للقارات. وقال المخرج العالمي الفرنسي مخاطباً شعبه الفرنسي: ألم أقل لكم منذ ثلاثين سنة أن أمريكا تغزونا بأفلامها ؟؟ .
ونحن لانستطيع أن ننكر تأثير قنوات الأفلام والمسلسلات الأمريكية وهي عديدة على المشاهد العربي وخاصة الأجيال الصغيرة ….
وفي المقابل خسرنا مخرج عملاق الذي كان له من الأهمية ( لو قُدم له الدعم المالي ) … وكان يمكن لأفلامه التي كانت في ذهنه أن يقدمها عن الإسلام أن تكون عملاً مضاداً قوياً لما يقوم به اللوبي الصهيوني في أمريكا وفي أوروبا من تشويه لتعاليم الإسلام ، وخصوصاً بعد الحادي عشر من أيلول سبتمبر. لأن السينما في الغرب هي أفضل الوسائل للوصول إلى قلوب وعقول الغربيين … لما تحتويه السينما من متعة وتشويق . أما الوسائل الإعلامية الأخرى فهي أقل تأثيراً حتى ولو كانت هذه الوسيلة هي القنوات الفضائية … لأن القناة الفضائية التابعة للمسلمين لن يشاهدها الجمهور الأوروبي والأمريكي حتى وإن وُجهت وخُصصت لخطابهم . أما الأفلام فلها تأثير كبير في الغرب .
وقد كان العقاد رحمه الله يجهّز نفسه لإخراج فيلم عن صلاح الدين الأيوبي ، وذلك ليبيّن للعالم عظمة تعاليم الإسلام التي تجسدت في أخلاق صلاح الدين الأيوبي وهو يجابه الصليبيين… وكان يقول بخصوص هذا الفيلم : إن هذا الفيلم هو أفضل رسالة للغرب عما يحدث في فلسطين الآن .
وقد طرح رحمه الله فكرة إنشاء هوليوود إسلامية في الشرق الأوسط ، ولكن حين يطبق الجهل على العقول والقلوب فلن يلقي المسلمون أهمية إلى قيمة هوليوود إسلامية ..ولكن ماهو راي المشاهد العربي ؟؟؟ هل لديه ميل لمتابعة مثل هذه الأعمال ويؤيِّد عرضها أم يقف في صفِّ المرجعيَّات الدِّينيَّة الَّتي تندد بها… قامت صحيفة "إيلاف" باستفتاء قرّاءها حول الموضوع وأتت النتيجة بتأييد 63% من مجموع المصوِّتين الذي بلغ عددهم الإجمالي 6860 مشاركًا فكرة العرض مقابل رفض 37% لها….ونتيجة الاستفتاء تبين رغبة الناس في متابعة أعمال فنية تظهر حياة الشخصيات الدينية ….
تعليقات
إرسال تعليق