فكرة الكتاب رائعة...
تتبع ما كتب حول موضوع معين ...
هنا اختار الكاتب الرئيس إبراهيم الحمدي...جمع ما كتب عنه، ولكن لم يركز على فترة حكمة بل الفترة التي سبقت ذلك حتى الوصول للسلطة...
هذا النوع من الكتابات التحليلية تجمع المعلومات وتقارن تلك المعلومات المتنوعة والمتناقضة وتحللها...
والباب مفتوح لكتابات أخرى تزيد وتضيف وتنتقد، لتغني الموضوع وكل هذا يصب لمصلحة القارئ المهتم...
الملفت للانتباه في فكر أهل السلطة والحكم منذ قيام الثورة أنها لا تختلف كثيرا عما سبق خاصة في موضوع حرية الفكر والسماح بوجود أحزاب مثلا:
"فلما حلت الذكرى السابعة على إنشاء لواء الاحتياط، وقد صار أول قائد له رئيسا، ذهب الحمدي يحتفل بالمناسبة يوم 29 أغسطس 1974، وقدم توصيفا خاصا ببعض أطراف احداث أغسطس 1968م بأنها قوى حزبية ذات أفكار مستوردة تتعارض والعقيدة الإسلامية، وأنهم أرادوا إخضاع الشعب ببحر من الدماء، معتبرا ذلك الباعث الرئيس على نشوء هذا اللواء بقيادته".
والغريب أن الدستور أيضا ينص على تحريم الحزبية. بدل من تنظيمها ووضع قوانين لمنع التجاوزات.
وفي الحديث عن حركة التصحيح والنقاط التي تضمنتها ، يتساءل القارئ كم تحقق من تلك النقاط؟
وجاءت مسألة عقد الاجتماعات الرسمية بمنزل رئيس الأركان أو غيره من المسؤولين، وهي عادة غريبة لأن تلك الاجتماعات هي في العادة جلسات قات وليست اجتماعات رسمية، والأجدى أن تتم في المكاتب ...
يبدو جليا تلك الرغبة بالتفرد بالحكم عند كل من يحكم ، وتسمية مجلس للجمهورية أو للقيادة سرعان ما يتم تجاوزها لصالح الحكم الفردي، والتفرد بالرأي ورفض أي رأي مخالف...
وكأن العمل الجماعي مهارة يفتقر لها الجميع.
التركيز في الكتاب كان في الغالب على العلاقة بين المسوري والحمدي ومحمد الإرياني:
"زاد على ذلك أن بدأ سريعا الرئيس الحمدي جولة تصفية أعوانه وأركان الانقلاب أو الحركة التصحيحية، الذين ظنوه مطية سهلة يمكن التخلص منه، من المشايخ والساسة والعسكرين"
ومن الأمور العجيبة فعلا هو مواقف الشيوخ الذي لايجدوا غضاضة بأن من يحكم اليمن يجب أن ترضى عنه دول الجوار، وليس المقياس ما سيقدم للبلاد وما يملك من رؤى...
مقتطفات من الفصل الأخير للكتاب:
"طبعت صورة ذهنية، ارتقت به إلى مصاف الأبطال المنقذين، والغرض النكاية بالعهود اللاحقة. وليس تخليد الذكرى"
"الحاكم يفضل العمل برجال من صنعه، ربما يعمل بمطبخ الحاكم السابق إلى حين حتى يتمكن، وهنا لابد من التغيير فهو لا يحب من له فضل عليه، ويحب من يغرقه هو بفضله، وحتى هذا يكون إلى حين"
"والحقيقة هنا أن لا صداقة في السلطة، كما في السياسة، ولا دوام في الحياة"
"" وامتطى الحركة التعاونية التي قدر رجالها الأوائل أن وجود شخص بموقع السلطة سيشكل دعما كبيرا لنشاطها الجماهيري فجير هو المشاريع التعاونية لخدمة غايته. على غرار ما سخر علاقاته الشخصية بمسؤولي الإعلام لتلميع صورته من وقت مبكر، داخليا وخارجيا"
"لقد بدأ منسجما مع الجميع، وتعجل أن ينتهي مصطدما بالجميع"
ميزة الكتاب تنوع المصادر والمراجع من وثائق وتقارير وبرقيات دبلوماسية، إلى مقالات ومقابلات على الصحف والمجلات، وكتب أغلبها مذكرات وسير ذاتية ، كما استعان بأفلام وثائقية وكتب وثائقية.
هذا النوع من الكتابات في الغالب تكون صادمة لأن هناك من لايتقبل الحقائق التي تخالف ما يظن أنه الحقيقية.
خاصة وأن الكتابات التي تتناول القادة والزعماء تصورهم أبطال لا يشق لهم غبار ولا تتطرق بأي شكل لأي خطأ أو جانب سلبي من شخصياتهم...