لماذا سميت اليمن بهذا الاسم؟
أختلف الاخباريون في تفسير ذلك ...يقال سميت يمن لأنها تقع على يمين الكعبة ...
وورد اسم اليمن في نصوص سبأ القديمة باسم يمنات و يمنت...
ولعل يمنات تعني اليمن والخير لكثرة الاشجاروالثمار والزروع ويقول في ذلك الكلاعي:
هي الخضراء فأسأل عن رباها
يخبرك اليقين المخبرونا
ويمطرها المهيمن في زمان
به كل البرية يظمئونا
وفي أجبالها عز عزيز
يظل له الورى متقاصرينا
كما عرفت عند اليونان ببلاد العرب السعيدة ...
وعرفت اليمن قديما بتجارة العطور والبخور والطيوب والمر والصمغ والكافور والورس (وهو بنات احمر يستخدم في الصباغة)...
وكان لمنتجات اليمن سوق رائجة في مصر الفرعونية، إذ كان المصريون يستخدمون اللبان اليمني والصومالي مع البخور في المعابد...كما كانوا يستخدمونه في تحنيط جثث الموتى...
كما كان اهل اليمن يعملون وسطاء للتجارة بين الهند وبلاد العراق والشام ومصر ...فعن طريق اليمن كانت لآلئ الخليج الفارسي والتوابل والسيوف الهندية والحرير الصيني والعاج والذهب الأثيوبي تصل إلى مصر والشام والعراق...
وأشار ديودور الصقلي إلى أن الذهب في مناجم بلاد العرب ذهب خالص للغاية لا يحتاج إلى صهر ...
ومن معادن اليمن أيضا الرصاص والفضة والحديد...
أما الأحجار الكريمة فمنها العقيق و معدن الجزع وهو يشبه العقيق ويستخرج من شبام حجر الجمست...
أما العنبر ودم الأخوين فهما من مصادر ثروة اليمن في العصر الجاهلي...
ومما عرفت به اليمن صناعة الجلود المعروفة بالأدم أو الانطاع وصباغتها...
وصناعة المنسوجات وأشهرها الحلل اليمانية والثياب السعيدية بصنعاء والعدنية...
كانت بلاد اليمن في الجاهلية أكثر بلاد العرب تحضرا...وكانت كثيرة الحصون والقصور ...وكانت القصور تعرف بالمحافد...
ومن أشهر القصور قصر غمدان الذي قال فيه ذو جدان الهمداني:
وغمدان الذي حدثت عنه
بناء مشيد في رأس نيق
بمرور وأعلاه رخام
تحام لا يعيب بالشقوق
مصابيح السليط يلحن فيه
إذا يمسي كتوماض البروق
فأضحى بعد جدته رمادا
وغير حسنه لهب الحريق
والبيت الأخير فيه ذكر لما أصيب به القصر...فقد أحرق في عهد النبي عليه الصلاة والسلام على يد فروه بن مسيك، وبدئ بهدمه أيام حركة الردة كما قال الهمداني في كتاب الاكليل.
وفي خلافة عثمان بن عفان استكمل هدمه وتخريبه...قال في ذلك المسعودي: ورأيت غمدان ردما وتلا عظيما قد انهدم بنيانه وصار جبل تراب كأن لم يكن...
ومن مدن اليمن القديمة صنعاء وكانت ديار ملوك اليمن كما ذكر ابن حوقل...
والمعروف أن السبئيين بعد حملة ايليوس جالوس على اليمن نقلوا عاصمتهم من مأرب إلى ذمار ويذكر ياقوت أن ذمار قرية على بعد مرحلتين من صنعاء...ثم اتخذها الأحباش حاضرة لهم في اليمن وأقاموا فيها القليس المشهور...
وقد امتدح الجغرافيون مناخ صنعاء ونظافتها وأحوالها التي يباع فيها الأدم والنعال المشعرة والانطاع والبرود المرتفعة والمصمت والاردية والاواني والجزع وأنواع الخرز...
وكانت اليمن مركزا للنصرانية في جنوب شبه الجزيرة العربية وعلى الرغم من قضاء ذي نواس الحميري على نصارى نجران بالحرق كما ذكر القرآن فقد عادت نجران في ظل الأحباش والفرس إلى مثل ما كانت عليه حتى ظهور الإسلام...
وصرواح التي تقع بين صنعاء ومارب ويقال ان سليمان بن داود هو من بناها وهي مدينة لعبت دور هام في تاريخ اليمن القديم...اقام فيها السبئيون المعابد للإله المقه(القمر) ثم انتقلوا منها لمأرب...معبد صرواح يعتبر اليوم من اهم آثار اليمن القديمة...
وظفار كانت عاصمة للحميريين حتى قيل من دخل ظفار خمر ...وفيها شيد الحميريون القصور السامقة التي تردد ذكرها في شعر العرب ومنها قصر ذي يزن وقصر ريدان وقصر شوحطان وقصر كوكبان الذي سمى كذلك لأنه كان مؤزر الخارج بالفضة ومافوقها أحجار بيض وداخله منطق بالعود الفسيفساء والجزع وصنوف الجواهر ...
( المصدر : كتاب تاريخ العرب في عصر الجاهلية- للدكتور السيد عبد العزيز سالم )