قالت (1):
- أيش في؟
- لا شيء جديد نفس القصة القديمة الجديدة...
عمي المحترم والمثقف والسفير والمناضل راح مع ابنه إلى بيت والدي ومن الحوش صاح وصرخ وزعق قائلا:
لازم نعترف أن الأرض ملكه وليست ملكنا....وأن بيتنا هو من بناه.
سكتت (2) ثم تابعت بضيق:
- طبعا لو شكينا لأحد يقولوا لك: هذا أمر عائلي ....شخصي عيب تتكلموا عنه ...وهذا عمكم. يعني في ثقافتنا
مقبول يكون عمك معتوه ويجننك كلما طلع الجني براسه
لكن إياك تحتج....كأننا نعيش فيلم رعب متكرر...
*****
قالت لي:
مات ابي وأعمومي يشتوا نقسم حوشنا بيننا بالتساوي...
قلت لها:
- لا ...لا ...مات أبي
-طيب ليش هم يورثوا؟
- هكذا سلبطة ...بلطجة...قالوا أبي ظلمهم وشل حقهم.
- معاهم ورق ووثائق تثبت قولهم.
- لا ... معاهم بهرره...سلبطة...بلطجة...
******
قلت لصديقتي الجنية:
حكاياتكم الأسرية غريبة في عالم الجن...فعلا عَجّبتيني...
قالت:
ماذا سمعتي!... كما يقول المثل عندكم لم تري من الجمل إلا أذانه...
ذات يوم صحونا والسور قد تم هدمه ...عمي وعياله ومجموعة من المسلحين كانوا يقفوا معه بتحدي وعيونهم تبرق شرا ...
ماهذا ؟
قال عمي الحنون أي اعتراض والله لا أرشكم بالرشاش !!!!!!
اتصلنا بالجن والعفاريت الجيران والأصدقاء ...
تخيلي حاولوا اقناعنا أن الحل الأفضل والأسلم هو الرضوخ لرغبة عمي المجنونة بأخذ لبنة ونص من مساحة أرضنا وبناء السور ...
هو يهدم ونحن نبني بعد أن يأخذ جزء من أرضنا...
بمنطق الجن هذا أعقل الحلول وما شاء الله كان ...
طبعا هذه مشيئتهم وليست مشيئه الله ...واكتشفنا أن عمنا الكبير الأكثر حنانا وعطفا من خارج البلاد ارسل فاكس يؤيد هذا العمل العظيم...
في عالم الجن الكل يسند القوي والأكثر جنانا ...
تعجبت كثيرا وقلت:
لا ...الحمد لله...عندنا في عالم الأنس لا يحدث مثل هذا الجنان ....
طيب وانتهت المشاكل على هكذا؟
قالت:
لا...لا ...هذك كانت مجرد مقدمة... الآن بيت عمي بعد أن أخذوا اللبنة والنص من أرضنا يطالبونا بخمس لبن ... قالوا نبري ذمة أبي الذي أخذ أرضهم...
قلت مستغربة: هل هي أرضهم فعلا؟
فضحكت صديقتي حتى وصلت ضحكتها لكل الكواكب الأخرى وطل سكان تلك الكواكب مستغربين وانتقلت لهم عدوى الضحك فضحكواحتى سالت الدموع من أعينهم أنهارا....
******
اشتقت لصديقتي الجنية فزرتها في بيتها، رأيت كتاب على الطاولة..
قالت لي:
لا تهتمي... ذلك الكتاب لا يستحق القراءة...
لماذا؟
فقالت لي :
كتبه عمي صنع من نفسه بطلا ...
فهو مدني كان أستاذا وانتقل للعمل بالإذاعة...
لكن هناك مشكلة لم افهمها فهو يقول في إحدى الصفحات أنه اراد دخول الكلية الحربية لكنه لم يقبل ...
أبي دخلها وتخرج منها وهو ممن اسسوا ما سمي بتنظيم الضباط الأحرار...الذي اجتمعوا لأول مرة في بيتنا...
لكن عمي قال أنه هو من نظم وأسس هذا التنظيم وهو لم يكن عسكريا ...لكن حسب ما جاء في كتابه فهو احد المؤسسين للتنظيم العسكري الثوري وهو مدني ولازم نقتنع بهذا ...
وذكر أسماء الضباط الأحرار وحشر اسمه بينهم وكرر أن اللقاء الأول تم في منزله...
وهذا غير صحيح ...
ما علاقته بالأمر والتنظيم خاص بالضباط وهو سري !!!
لم يكتف عمي بمحاولات سرقة أرضنا ...
بل ألف كتاب ليسرق تاريخ أبي ...
كتب لي إهداء لم يكلف خاطرة حتى أن يكتب أمام اسمي ابنتي الغالية من باب المجاملة ...
قلمه لم يتمكن من ذلك...
ولا أدري لماذا أهداني الكتاب!!!
في هذا الكتاب يقول أنه باع أرضيته التي وزعت على موظفي الإذاعه...ونسي أنه طالما باع أرضيته ليدعم الثورة كما جاء في الكتاب فلماذا لا يعترف أن والدي منحه جزء من أرضيته هو ومنح عمي الصغير أيضا ...
لا يزال مصر أنها أرضيته...
عليه أن يغير الادعاء أو يسحب الكتاب ويغير ذلك السطر !!!!
فقلت لها: فعلا أخباركم كلها تدي الجنان ...
ابتسمت صديقتي وقالت لي : حياة الجن تختلف عن حياتكم يا عزيزتي فنحن خلق آخر ...
غابت صديقتي الجنية لأيام ...اتصلت بها هاتفيا:
- أين أنتِ؟ أين اختفيتِ ؟
- يا عزيزتي أنبش الذكريات وأقلب الأوراق والصور ...
تخيلي منذ وفاة أبي رحمه الله لا توجد صورة واحدة تجمعنا مع أيا من أعمامي !!!
جرت العادة يوم العيد الأهل يتصوروا مع أطفالهم...
واضح أنهم لم يعتبرونا جزء من العائلة ...
لكن الغريب ان تسمعي شكواهم أننا لا نزورهم للاطمئنان عليهم ...
سلامات يا قلبي ...
سلامات ...كل شيء عندهم بالمقلوب...
تأثرت وحاولت التخفيف عن صديقتي:
- لا تزعلي ...الحمد لله كبرتوا ولم تحتاجوهم...
- نعم الحمد لله لم نحتج أحد منهم ...لم نعرف أي مساعدة أو دعم منهم ...ولم نسلم من أذيتهم...عشنا مسلسل مرعب ...كل مرة يطلع الجنان الأصلي ويسبوا ابي الظالم ويطالبوا بإعادة توزيع الأرض...
هذه شكرا منهم لأبي ...
أبي وصى عمي الكبير ان يرعاني لو حدث له شيء...
وعمي يتفاخر وكتب هذا في كتابه العبقري ...
وينسى أنه لم يرعاني ولم يهتم بي ولم أسلم من أذيته ...
وغرس في عقل عياله وعيال عمي الصغير أنه وهب لنا الأرض...
وهم صدقوه رغم ما فيش دليل ...على المدعي البينة
لكن بح..بح
ما في بينة ولا دليل بس أذيه
سأدعو عليه وكل من يسيء لأبي منهم أن ينزع البركة من أعمارهم ويصيبهم بالقلق والتوتر والرعب الذي سببوه لنا ...
وتلعنهم الأجيال كما سولت لهم أنفسهم لعن ابي ...
قبحهم الله قبيحة ...
فعلا أتق شر من أحسنت إليه...
لأنه سيؤذي عيالك ...
قلت لك أحمدي الله انك من جنس الأنس ولا يوجد معك أهل جن مثل اللي معي.
******
زارتني صديقتي الجنية، ومع فنجان القهوة والكبانة أخذنا الحديث إلى مواضيع شتى...
قالت لي:
- عانيت من ألم في كتفي الأيسر ..ولأنه ازداد حدة قررت زيارة طبيب ...
هز رأسه وقال لي بسيطة لا تقلقي ...عادة لأن قميص النوم دون أكمام يحدث شيء مثل هذا بسبب البرد..
اعترضت لأن البرد اختار كتف واحدة غير ان بيجامتي مكممة...لها أكمام
مد يده بوصفة ملاها بأسماء الأدوية ...
استغربت وقلت هذه أدوية لي ؟
هز رأسه وتلك الابتسامة العجيبة لم تفارق وجهه: نعم.. نعم .
وضعت اصبعي على أحد الأدوية....بشكل عشوائي وأنا أحاول أن أمسك أعصابي:
ما هذا العلاج؟
أجابني بهدوء : علاج ضد الحموضة...
لكن أنا لا اشكو من الحموضة!!!!!!
فقال وهو لا يزال مبتسما: نعم ...نعم لكن هذا ، وأشار لاسم علاج آخر ، هذا العلاج يسبب الحموضة...
عندها قرح عرق الجن ...
فوقفت وأنا أقول بسخرية : أيش العلم الخطير علاج يدي حموضة وعلاج يبعد الحموضة هذا وأنا مابش عندي شي حسب كلامك ...
وسحبت ورقة الوصفة ومزقتها ...
اختفت ابتسامة الدكتور وغادرت وجهه تماما ...
وبينما كنت أحضر نفسي لهجوم قاس....
لكنني لم أستطع أن امسك نفسي، فانفجرت ضاحكة وكدت اختنق بالكبانة التي سدت حلقي، فقفزت صديقتي لمساعدتي ..
- سامحك الله، ضحكتيني... حتى الأطباء في عالمكم جن ...
*****
حكت لي صديقتي الجنية حكاية من حكايا الجن كعادتها، ونبدأ بالتعوذ من ابليس وجماعته...
قالت:
سأحدثك اليوم عما حصل لجارتنا صفية في احد الأيام ...
- خير ، ما الذي يضحكك!!.. ضحكيني.
- حكت لي جارتنا ما حدث لها فقالت:
"ذات يوم وفي عز الظهيرة والشمس تلسع الظهور والرؤوس بأشعتها الساخنة كنت في طريقي للبيت بعد عدة مشاوير ، لم أصادف سيارة أجرة واقتربت مني سيارة يقودها شاب ظريف، وبدأ يطلق عبارات الغزل والاعجاب والحب والغرام ...
"نوصلكم؟"، الجميل فين رايح؟"، "يا أرض أحفظي ما عليك"..."سبحان من صور"...
أنا كنت فعلا ميتة من التعب، والعرق يتصبب مني وأكاد أختنق باللون الأسود للشرشف واللثام والخنة طبعا تغطي عيني... أوقف السيارة بجانبي...فتحت الباب وصعدت...
رأيت علامات السعادة تفيض من عينيه، رأيته يرقص حاجبيه..
وبدأ يسمعني كلمات غزل أكثر جرأة، تجاهلت كلامه وقلت له بهدؤ: كيف اختي حمودة؟ وتابعت ملامح وجهه في المرآة، رايت الدم يختفي من وجهه، لم يرد فتابعت: بارك الله فيك يا ابني ادركت ان امك صفية تاعبة من الشمس...هذا الساع الخطية تحت الشمس تعب...لم اسمع له نفس ...كتمت ضحكتي واستمريت أحاكيه عن علاقة الصداقة التي تجمعني بأمه حمودة وهو صامت وكأنه ابتلع لسانه...أوصلني للبيت فأوصيته ان يسلم على أمه حموده...وانطلق بالسيارة بسرعة الضوء..."
- يا إلهي...ماذا فعلت جارتك بالشاب الظريف...
-أعتقد انه تاب بعد توصيل جارتي صفية وتحول لشيخ جامع....
- أوف موتيني ضحك أنت وجارتك...