المشاركات

عرض المشاركات من مارس, ٢٠٢٢

قراءة لرواية شرخ الماء لعبد الرحمن الخضر

صورة
  يقول الكاتب البرازيلي جورج أمادو: ” أكتب لكي يقرأني الآخرون، ولكي أؤثر فيهم، ومن ثمة استطيع المشاركة في تغيير واقع بلادي وحمل راية الأمل والكفاح”. تذكرت هذا وأنا اقرأ رواية “شرخ الماء”. فالرواية تستطيع أن تكون صورة دقيقة للمجتمع، والكاتب المبدع هو من يحقق ذلك. فيقول لنا عن واقعنا وعن واقعه هو كل شيء بشكل أدبي، فنحن نحتاج أن نعرف عن أنفسنا وواقعنا الذي يخفى منه عنا الكثير، ولأننا نفقد ثقتنا بالأخبار الرسمية يصبح الأدب هو المصدر. الأدب الواقعي هو الذي يمنحنا تلك المتعة ونحن نقرأ واقعنا من خلال العمل الأدبي، فيدفعنا لنقرأ ما بين السطور من تحليلات وتأويلات دسها الكاتب بذكاء ونحن نبحر في سماء الرواية. وكما يقول صبحي فحماوي: ” الدراما في الرواية تشدك بخيط سحري…الرواية تفرش الأرض القفراء خضرة وينابيع وغابات، وهي التي تجعل للحياة طعما، ولهذا نكتب الرواية”.   كما خطر ببالي ما قاله أرنست هيمنجواي صاحب رواية وداعا للسلاح: ” في جميع قصصي أحاول نقل نبض الحياة الواقعية، ولا أكتفي بوصفها، أو انتقادها، ولكنني أقوم بنقلها إلى الورق، بحيث يشعر القارئ بعد الانتهاء من قراءة قصتي أنه قد عاش

رواية «كحل وحبهان»: سيمفونية تستدعي الذكريات

صورة
  استوقفتني صورة غلاف رواية « كحل وحبهان » للكاتب المصري «عمر طاهر»، حاولت أن أتذكر من صاحبة صورة الغلاف، الوجه مألوف لممثلة مصرية شهيرة غاب اسمها عن بالي. فشغلني ذلك عن القراءة، وبدأت بالبحث عن اسمها. أخيرًا عرفتها، الصورة للراحلة الممثلة «مديحة كامل». ولكن ما علاقتها بالرواية؟ سألت نفسي هل صورة الغلاف تستحق كل هذا الاهتمام؟ صورة الغلاف أول ما تقع عليه عينا القارئ. فلماذا مديحة كامل تحتل صورة الغلاف؟ لكن القارئ سيعرف هذا وهو يقرأ الرواية. وأنا أبحث بدافع الفضول عن صاحبة الصورة على غلاف الرواية، عثرت على مقال ينتقد الرواية بشدة ويقول إنها لا تُصنَّف رواية، فهي بحسب رأيه تفتقد للحبكة الدرامية، ويُشكِّك في نزاهة لجان الجوائز الأدبية بسبب وصول هذه الرواية إلى القائمة القصيرة لجائزة بحجم «جائزة نجيب محفوظ». وبعيدًا عن ذلك الجدل بدأت مغامرة قراءة الرواية، لأجدها ممتعة من الصفحة الأولى. اللغة الكاتب يمتلك لغة جميلة، شعرية رائعة تصف الأشياء بدقة وجمال. صمت مُربِك تهشم بقسوة بعد دقائق إثر صوت صرخة أم سمير. الجوع فراغ، وكل فراغ مؤلم. كان ألم أم سيدنا موسى أن فؤادها أصبح فارغًا. فرا

كناب : فن اللامبالاة

صورة
  ينشر محمد صلاح صورةً له وهو يقرأ كتاب “فن اللامبالاة” ويرسل له مارك مانسون رسالة شكر. ترتفع مبيعات الكتاب، فهل حدث ذلك صدفة؟ الكتاب يحتوي 269 صفحة، في المكتبة معروض تحت لوحة الكتب الأعلى مبيعًا. عادةً كتب تطوير الذات لا تثير اهتمامي كثيرًا، لكنني أشارك مع مجموعةٍ للقراءة وكان هذا الكتاب هو كتاب الشهر، علي أن أقتنيه وأقرأه بتمعن من أجل جلسة النقاش الشهرية. مؤلف الكتاب مارك مانسون من مواليد 1984م، بدأ مدونته عام 2009م كقناةٍ تسويقية لأعماله في مجال الاستشارات للمواعدة dating advice business ، إذن هو خبير في أعمال التسويق والترويج. التسويق للكتاب في كتابه يخبرنا مارك أن كتابه مختلف عن كتب تطوير الذات، فيقول: “ليس الكل استثنائي” فهل هي دعوة لليأس والقبول بالواقع كما هو دون بذل أية محاولة لتحسين الأوضاع؟ ويوجه النقد لكتب تطوير الذات التي تحاول إقناع كل شخص أنه متميز ويملك قدرات يحتاج أن يكتشفها ويستغلها لصالحه. وهذه محاولة ذكية من المؤلف فهو يقنع القارئ بأن كتابه مختلف كلية، ولدية الجديد للقارئ الذي بدأ يفقد الثقة بكتب تنمية الذات التي باتت متشابهة وتحمل الأفكار ذاتها ولو اخ

الجزء الرابع من رواية بحثا عن الزمن المفقود لمارسيل بروست: (سادوم وعامورة)

صورة
 العنوان يعطي ايحاء بالحديث عن الشذوذ الجنسي والمثلية، لارتباط العنوان بتلك القرى التي خسفها الله وحل بها العذاب الإلهي الذي جاء ذكره بشكل مباشر أو غير مباشر في الديانات الإبراهيمية الثلاث، لكن ذلك لن يكون هو المحور الرئيسي لهذا الجزء من الرواية كما يوحي لنا العنوان.   المثلية الجنسية: يبدأ القسم الأول من الرواية بالاقتباس التالي: ” أول ظهور للرجال – النساء. هم من نسل الذين وفرتهم نار السماء من سكان سادوم. ” فللمرأة عامورة وللرجال سادوم” – (الفريد دو فينيي) ولكن خلو الرواية من الحديث الصريح عن المثلية الجنسية، يدفعنا للتساؤل هل تم تهذيب مشاهد الرواية في الترجمة العربية أم أن هذا حدث في النص الأصلي؟ وربما يفسر هذا ما جاء في المقدمة العامة للرواية والتي كتبها جان إيف تادييه: ” وأخيرا يثبت الشذوذ الجنسي أنه أحد الطروحات الرئيسية في العمل الفني وسوف يصرح عنه بروست لجميع ناشريه المحتملين، فهو لا يستطيع أن يتصور رفض كتابه لأسباب أخرى غير التهتك”. فهل شعر بروست بالقلق لفكرة رفض نشر الرواية إذا كانت تمتلئ بوصف حالات وأفعال الشخصيات الشاذة ففضل أسلوب التلميح عوضا عن التصريح؟ ويلمح تاد

أمين معلوف و غرق الحضارات

صورة
  هل كانت الحياة في الماضي أجمل، أم حياتنا في الحاضر هي الأجمل؟ يشعر كثيرون بالحنين للماضي، للزمن الجميل. لكن مؤلف الكتاب أمين معلوف يؤكد أنه ليس ممن يحلو لهم الاعتقاد أن الأمور كانت أفضل من قبل. فالاكتشافات العلمية تبهره، وتحرر العقول والأجساد يبهجه، ويرى أن العيش في عصر مبدع ومبهج مثل عصرنا هو امتياز.  يبدا أمين معلوف كتابه بلغة حميمية، يتحدث عن مشاعره ويقارن بحال الناس في الماضي، الذين عاشوا ظروف ثابتة لم تتغير لفترة من الزمن: “الذين يتراءى لهم أنهم زائلون في عالم ثابت لا يتغير؛ يعيشون في الأراضي التي عاش فيها أهلهم، يشتغلون مثلما اشتغلوا، يعتنون بأنفسهم مثلما اعتنوا بحالهم، يتعلمون مثلما تعلموا، يُصلون على المنوال نفسه، وينتقلون بالوسائل نفسها. لقد ولد أجدادي الأربعة وجميع أسلافهم منذ اثنى عشر جيلا في ظل السلالة العثمانية نفسها، فكيف لا يخالونها خالدة؟".   يشعرنا المؤلف بالقلق من الصفحات الأولى للكتاب بقوله: " غير أنني أراقب منذ بضع سنوات، انحرافات تبعث على القلق المتزايد، وتهدد بإفناء كل ما بناه جنسنا حتى الآن، كل ما نعتز به اعتزازا مشروعا، كل