قراءة لكتاب: أزمة اليمن الطريق إلى الحرب لهيلين لاكنر

 


عبر 336 صفحة تأخذنا مؤلفة الكتاب ، التي عاشت في اليمن لفترة من الزمن، في رحلة عبر تاريخ اليمن لنفهم لماذا جاءت الحرب أو لماذا كانت اليمن تسير في طريق ينتهي بالحرب!
 
يستطيع القارئ بسهولة فهم ماتريده المؤلفة، فالدولة التي لا يبادر نظامها السياسي للاهتمام بمصالح الشعب، لن تجد من يفعل ذلك من دول العالم. وأيضا تفقد هذه الدولة احترام دول العالم، وتصنف دولة فاشلة لا تستحق الدعم.
 
تشرح كيف حول رئيس النظام السياسي في اليمن بلاده لدولة فاشلة، كيف أضاع الكثير من الفرص والدعم المالي لتحويل اليمن لبلد مستقر وتحسين اقتصاده برفضه لأي مشاريع حقيقية تخدم البلد وتحوله لبلد ديمقراطي مستقر اقتصاديا.
 
كان كل اهتمامه ينصب حول الحصول على المساعدات والاستيلاء عليها لصالحه وصالح من يعملون معه، في ظل سياسته التي عبر عنها بالرقص على رؤوس الثعابين.
بعد ثورة 26 سبتمبر عام 1962 غرق النظام في فخ تشويه صورة النظام السابق كوسيلة لتلميع ذاته بدلا من التفكير والعمل على تحقيق أهداف الثورة برفع مستوى الشعب وإزالة آثار العزلة.
عقدت مقارنات وتحليلات لوضع النظامين في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية، وأوضاع الناس المعيشية، فهي عاشت مع الناس البسطاء في كل منهما قبل الوحدة.
 
تقول في بداية الكتاب عن اليمن:
"اليمن بلد جميل للغاية، به مناظر طبيعية رائعة من جبال وصحراء وساحل. كما أن لديه العديد من الميزات الثقافية، بما في ذلك تراث معماري فريد بالإضافة إلى مواقع أثرية وثقافية تعود إلى ما قبل التاريخ، والتي لها أهمية كبيرة في تاريخ شبه الجزيرة العربية بأكملها والشرق الأوسط الأوسع. كل هذا يستطيع بسهولة أن يجعله أفضل الوجهات للسياحة الثقافية وسياحة المشي لذوي الدخول العالية، بالإضافة إلى البحث."
 
تشير في الكتاب إلى اسهام الناس في بناء المشاريع التي يحتاجونها في مناطقهم تحت مسمى التعاونيات وكيف حاول الرئيس الحمدي أن يفرض سيطرة الدولة على تلك المشاريع التي تنفذ من مساهمات الناس وجيوبهم الخاصة ، وبعدها جاء نظام الرئيس صالح فألغى تلك التعاونيات وحولها إلى مجالس محلية قضت على ما تبقى.
 
يعرض الكتاب المشكلات التاريخية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية المعقدة والمتداخلة والتي أدى التفاعل بينها إلى الحرب عام 2015، حيث كان عام 2011 هو عام الوصول إلى نقطة الانهيار. 
 
استمرت مستويات معيشة الشعب في التدهور، واستنفد الحكم الاستبدادي القائم على المحسوبية ومحاباة الأقارب طاقته.
وفشل النظام الانتقالي في توفير الحكم الرشيد والسياسات الاجتماعية والاقتصادية العادلةاللازمة لتغيير البلد جذريا.
وتحولت اليمن لبلد ممزق...
 
في ختام الكتاب ترى المؤلفة أن أي نظام جديد سينشأ في اليمن يجب عليه أن يركز على القضايا طويلة الأجل التي يواجهها الشعب وفي المقام الأول أزمة المياة...والتعليم..
التعليم سيضمن ظهور سكان متعلمين تعليما عاليا قادرين على استغلال إمكانيات القرن الحادي والعشرين. وهذا يعني استثمار ضخم في التعليم يستهدف سكان الريف والحضر في جميع أنحاء البلاد، وسياسات تعزز تكافؤ الفرص الاقتصادية وإنهاء المحسوبية والمحاباة مما يشكل عنصر من عناصر اليمن الجديد الذي تحكمه إدارة جيدة...
 
الكاتبة تعرضت للكثير مما يحدث في البلد ويظهر بوضوح مدى فهمها ومعرفتها بالمجتمع اليمني وهمومه وعلاقة ما يحدث بالسياسات الدولية مما يصعب عرضه هنا ...
الكتاب يستحق القراءة لمن يهتم بفهم جزء من حقيقة مايدور في اليمن ممن يكتب بعيدا عن التحيز لأي طرف...

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الصمت عار

فيلم Alpha

الكرد في اليمن، دراسة في تاريخهم السياسي والحضاري 1173 - 1454م لدلير فرحان إسمايل