التعصب

التعصب مرض عضال وداء خطير يعصف بالعقل والعاطفة والمشاعر ...
المتعصب يسجن نفسه وعقله في سجن ضيق ولا يرى العالم إلا من ثقب صغير ...
يبني تصوراته عن الآخرين دون علم ، ويعتمد على ظنونه، وأوهامه...
البعض يظن أنه عصري، ومتحضر،ويكره العنصرية ويحاربها...
لكن للأسف يقع في العنصرية حتى النخاع وهو يحاربها...
فهو يمارس كل أنواع التعصب، والتحيز، والكراهية ضد من يعتبرهم عنصريين...
محاربة العنصرية ليست سبب لتكون عنصري...
هذا فهم خاطئ تماما...
من يكره العنصرية عليه أن يكون متسامحا مع الجميع...
يعمل بقوة وبأصرار لوضع قوانين تطبق على الجميع...
قوانين تضبط العلاقات ولا تسمح بظلم أي مواطن مهما كان جنسه، أو مذهبه، أو انتماؤه السياسي...
أما محاربة الظلم والعنصرية بممارسة الظلم والعنصرية فهو مرض عقلي يصيب الكثيرين...
شفانا الله وإياكم من العنصرية والتعصب وكل أنواع الأمراض العقلية والنفسية والجسدية...

علم الجهل



أهل الغرب دائما يؤمنون بالبحث، والدراسة، والتحليل لمعرفة حقيقة الأشياء.
أما نحن فبيننا وبين العلم والمعرفة نوع من العداء، لذا نكون فريسة سهلة لتنفيذ مخططات الغير...
هم يدرسون ويبحثون ويعرفون، ومن منطلق الحقائق التي يحصلون عليها بشكل علمي يبدأون بالتخطيط.
ونحن نتخبط، ونسير دون هدى ودون وعي، ننفذ ما يخططون هم لمصلحتهم وضد مصالحنا...
نحن لا نتعلم من دروس التاريخ لأننا لانقرأ ، أو بمعنى أصح لأن من يحكمنا، وهو ولي أمرنا والمسئول عنا لايؤمن بالبحث والعلم...
بل يؤمن بالقوة والقهر لتكميم أفواهنا، وجعلنا نسبح بحمده ليلا ونهارا.
ساسة الغرب لايغامرون هكذا وهم مغمضي العيون.
قبل كل مصيبة تحل بديار المسلمين يسبقها دراسات علمية وأبحاث وتحليلات...
يبحثون كيف نفكر ؟ وما يغضبنا ؟ ومايسعدنا؟ وماهي أحلامنا؟ وألآمنا؟
وكيف نغضب ؟
فيتعلمون كيف يفسدون كل ذلك بطرق مدروسة ومحسوبة...
ويستخدمون أبناء جلدتنا لتمرير خططهم فينا!
ويأتون إلى بلادنا وقد تسلحوا بالمعرفة...
أعتقد أنهم يعرفوننا أكثر مما يعرفنا ولاة أمورنا...
فكيف تكون نتائج المعارك بين جهة تتسلح بالعلم ومعرفة كل شيء عن الطرف الآخر ، وجهة لا تعرف رأسها من قدمها ولا تعرف حتى نفسها؟؟؟

موت الزعيم

الحدث ليس عاديا...
لأنه لم يكن شخص عادي...
لقد حكم بلدي أكثر من 30 سنة...وهي أطول فترة زمنية لحاكم يحكم اليمن...
عندما تولى الحكم كنت لا أزال في المدرسة...
أتذكر مشاعر الناس عندما تم اعلان اسمه رئيسا لليمن...
كثيرون استهجنوا الخبر ...رفضوه ..استنكروه...
وهناك من استنكر كيف يتولى رئاسة البلد من يظن الناس وشاع بينهم أنه قاتل الرئيس الحمدي!
لكن بمرور الوقت بدأنا نسمع انه رئيس غير عادي وانه شجاع ، فهو من قبل حكم اليمن في فترة تاريخية عصيبة بعد مقتل رئيسين على التوالي؛ الرئيس الحمدي والرئيس الغشمي...
قيل ايامها أن من يتجرأ على القبول بحكم اليمن هو مغامر...
ومرت الأيام والشهور فأصبح هو الرئيس الاستثنائي، وكل يوم نسمع على وسائل الاعلام الرسمي فضائل ومميزات الرئيس علي عبد الله صالح...
يطلع علينا الاعلام ليكشف لنا بالتفاصيل حجم المنجزات والمشروعات العملاقة التي تم انجازها في عهد الرئيس الصالح...
أكبر واتخرج من الجامعة واتزوج وانجب اولادي الثلاثة ولايزال هو الرئيس، وتتوحد اليمن في عهده ويعلن عن التعددية السياسية في البلاد ...
لكن هناك شيئا ما خطأ يحدث!
تبدأ أحلام الناس تتهاوى وكل مافي البلد يتراجع ويتضاعف هذا الشعور بمرور الوقت ...
وتصبح هناك علامات استفهام عديدة ما الذي يحدث في البلد؟
يتضح شيئا فشيئا أن هناك تزييف للوعي...
منجزات ليست بحجم التهليل الاعلامي ...
سبل العيش الكريم تضيق امام الناس ...
تبدأ أوضاع الناس المعيشية في التدهور ...
الوضع الاقتصادي ليس على مايرام...
الحياة السياسية مزيفة ...انتخابات مزيفة نتائجها معروفة سلفا،  واحزاب سياسية صورية ...
عندما يضيق الحال بالناس وهم يرون أن لامجال لتحسن أوضاعهم ، فيكون ماحدث في تونس ومصر وغيرها من البلدان العربية هو بمثابة الشرارة التي اشعلت حماس البعض فخرجوا للمطالبة بتحسين أحوالهم...
كانت مطالبهم طبيعية فلم يطلبوا سوى ماهو حق لهم ...
الحق بحياة كريمة ولم يكن من المستحيل تحقيق بعض منها...
لكن ماحدث هو الرفض لتلك المطالب ومواجهة الاحتجاجات بعنف فتأزم الوضع خاصة بعد انضمام احزاب المعارضة للمحتجين وتبعها انشقاق قائد الفرقة الأولى مدرع لتلك الاحتجاجات الشبابية ...
لم تنتهي الحكاية بنهاية سعيدة كما أرادها المحتجون، فللسياسة دهاليز ومزالق استطاعت أن تقذف بعيدا بكل طموحات وآمال الشباب بحدوث تغيير حقيقي في البلاد ...
فقد طالبوا بتغيير النظام الذي مارس الفساد وقرب الفاسدين، وحلموا بنظام عصري ...نظام يسمح بقيام دولة عصرية تلبي طموحات الشباب بحياة كريمة على وطنهم ...
كل ذلك تبخر على أيدي احزاب المعارضة ومن انضم لهم من أهل السياسة الذين أعلنوا انشقاقهم عن النظام...
تلك الأحزاب السياسية على رأسها حزب الاصلاح الذي تأسس بطلب من علي عبد الله ليكون حزب اسلامي ينافس الحزب الاشتراكي...
فدخلت البلاد في دوامة الفوضى ...
وكانت المبادرة الخليجية هي الحل لوقف نزيف الدم اليمني ...
وفي دائرة الفوضى تلك بدأت الصراعات السياسية المخيفة التي بينت بوضوح حجم تمسك علي عبد الله صالح بالسلطة رغم تنازله عن الحكم لنائبه حسب ما اقتضته المبادرة تلك...
وكانت الكارثة هي بدء عاصفة الحزم على اليمن والتي تجعلنا نتساءل لماذا حدث ماحدث؟ لماذا ارتبط اسم اليمن بالقاعدة وبالارهاب ومادور الرئيس علي عبد الله بذلك؟
لماذا ظهر الحراك الجنوبي الذي يطالب بالانفصال ومادور علي عبدالله في ذلك؟
ومادوره في ظهور جماعة الحوثي أو أنصار الله؟
هل كل هذا قدر مكتوب على اليمنيين؟
أم هو نتيجة طبيعية لسوء الادارة ونظام فاسد؟
ورغم كل ذلك أن تنتهي حياة الرئيس السابق لليمن كما حدث اليوم الأثنين 4 ديسمبر 2017 فهو أمر صادم...
في نهاية العام 2017 وقبل بداية عام جديد يطل علينا...
موته كان مفاجئا وغريبا...
رغم أنني كنت أعارض حكمه وأتمنى لو أنه يكون أكثر حبا وأخلاصا للشعب الذي أحبه حبا عجيبا، لكن موته اليوم صدمني ...
عزائي لأهله ولمحبيه فقد افضى اليوم لخالقه الذي سيحاسبه على أعماله...
ليس امر مفرح ان تكون نهاية من حكم اليمن الموت قتلا ، فهذا ليس عمل اخلاقي وسيجعلنا دائما في دائرة القتل والكراهية والفوضى ...
نسأل الله ان يحقن الدم اليمني، وأن يكون الغد افضل من اليوم...
وإنا لله وإنا إليه راجعون...