مراجعة لكتاب : حرير وحديد من جبل لبنان إلى قناة السويس لفواز طرابلسي

اعجبني الكتاب لأنه كتاب تاريخي لكنه يتناول التاريخ بطريقة فريدة...
الكاتب يتناول فترة تاريخية محددة ، لشخصيات معينة تتنقل بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط..
 
الكاتب يورد أحداث مختلفة كبيرة وكذلك أحداث فردية لكنها ذات أهمية عامة.
اختار شخصيات تتنقل عبر البحر الأبيض المتوسط خلال القرن التاسع عشر ، من 1806 حتى 2004م.

واحداث الكتاب مرتبطة أيضا بموسم الحرير في جبل لبنان، ويختتم الكتاب بافتتاح قناة السويس في مصر.

عبر صفحات الكتاب يتلقى القارئ معلومات عن الحرير ...عن دورة حياة دودة القز وتحولها لشرنقة وطريقة استخراج الحرير .

في رأيي أن الكاتب اخرج هذا الكتاب للنور في هذه الفترة تحديدا لأن هناك تشابه كبير في الأحداث التي تمر بها المنطقة وبين الفترة التاريخية التي اختارها للكتاب...
فترة ما قبل سايكس بيكو ...والآن فترة ما قبل تقسيم المنطقة من جديد...

ولأن العرب لا يقرأون التاريخ فهم يكررون اخطاؤهم وخطاياهم ...

في الكتاب لمحات واشارات كثيرة لها معنى ومغزى...
في صفحة 117 يشير الكاتب إلى أن المسلم العربي أو الدروز يأنفون العمل اليدوي لهذا كانوا يستقدمون المسيحيين للعمل اليدوي..لهذا كان من يشتغل بالحرير هم من المسيحيين.
ومن مفاخرات الشيعة على أهل جبل لبنان عموما ومسيحيه خصوصا قولهم:
" يحسبون الحرير بيعة حرير ...وأيش جاب الحرب لغزل الشلل".
فما هي مشكلة العرب مع العمل اليدوي؟

وفي الصفحة 119 نجد: 
وللتغلب على الأمير - القديس ( يقصد عبد القادر الجزائري)، أوصى الكاتب ( السيد دُ توكفيل) باستخدام مزيج من الحيلة والقوة، وزرع بذور الشقاق بين عرب وبربر وقبائليين، داعيا إلى استمالة البربر للمشروع الاستعماري عن طريق التجارة. ونصح بتأليب القبائل الواحدة ضد الأخرى، بل شجع على اللجوء إلى الكذب والرياء وشراء ولاء مشائخ القبائل بواسطة المال تأمينا لنجاح أهداف الاحتلال.
ولو تأملنا نصيحة السيد دُ لوجدناها لاتزال مستخدمة ونافعة في يومنا...

تبين الأحداث التاريخية الواردة في الكتاب بوضوح متى ينجح الغرب في إثارة الفوضى في الشرق؟
طبعا عندما يكون الحاكم ظالم وقوانينه جائرة فيستغل الغرب ثورات الناس وتبرمهم لتوجيهها حسب مايخدم مصالحهم هم ، وبهذا يكون الحاكم الظالم هو سبب دمار البلاد. وتبين الأحداث كيف أن من يحكم لا يهتم بمصالح المحكومين ولا مظالمهم ولا معاناتهم...ولهذا البلاد العربية متخلفة وبائسة ولم يكن هناك حاكم انشأ بنية تحتية حقيقية في البلاد التي حكمها.

ويعرض الكتاب ما فعلته بريطانيا من اذلال لمحمد علي باشا وكيف أخرجته من سوريا. فماذا فعل؟ 
لقد لجأ لحيلة الجهاد، هي ذات الحيلة التي يلجأ لها الحكام في بلاد المسلمين...
فيستغلون عواطف الناس الدينية ليخوضوا حرب نيابة عنهم، ومن الغريب أن العثمانيين مع البريطانيين وقفوا ضد محمد علي باشا...
وهكذا يرفض الحاكم الاستجابة لمطالب الناس وبسبب تصرفاته القمعية تقع البلاد بسهول تحت تصرف الاجنبي المحتل الذي يتدخل لمصلحة الناس.

يعرض الكتاب فظائع ومجازر فرنسا في الجزائر ...
وكيف تم التلاعب بالمنطقة خاصة في جبل لبنان حيث تم استخدام ورقة الخلاف الديني لتبرير القتل وتسهيل تقسيم المنطقة...

يشرح الكتاب أحوال الناس المعيشية البائسة تحت حكم دولة الخلافة ...

أما عبارة حدير وحرير في العنوان فهي تعبير عن الأغنياء والفقراء ...
وهي جاءت في كلمة قالها الأمير عبد القادر الجزائري عندما وقع اتفاقية مع فرنسا واعترف بسيطرة فرنسا على اجزاء من الجزائر ...

 




 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الصمت عار

فيلم Alpha

الكرد في اليمن، دراسة في تاريخهم السياسي والحضاري 1173 - 1454م لدلير فرحان إسمايل