قراءة لرواية : الديوان الاسبرطي للكاتب الجزائري: عبد الوهاب عيساوي

 


رواية تاريخية جميلة ...جمالها وسحرها يكمن في الفترة الزمنية التي تدور فيها الأحداث...تثير تساؤل حول الفرق بين الاحتلال باسم الحماية والدين او باسم الحرية والتنوير ؟
حمل كل من العثمانيين والفرنسيين شعارات زائفة وكاذبة ...كل منهما اذاق الناس الذل والعبودية والاضطهاد وتسخير كل ما في البلد لمصلحة المحتل...
 
" ميالون إلى الاسترخاء، لا يعملون إلا والسوط فوق ظهورهم، اعتقدت دائما ان الشعوب الإفريقية والعربية لا يمكنها تحقيق مصالحها الا بالفرد الأوروبي، لا يستطيعون تنظيم حياتهم ، يجب دائما أن يكون هناك سيد ينوب عنهم ، يسير لهم حياتهم ، وهم ليس عليهم فعل شيء سوى الجد في العمل، ولكنهم بالرغم من كل هذا يجدهم أميل إلى الكسل، قانعين بحياة لا تختلف كثيرا عن حياة حيواناتهم"
 
لغة الكاتب تشد القارئ من الصفحة الأولى للرواية...الفترة الزمنية التي اختارها لاحداث الرواية ..رأيت نفسي هناك ..نجح الكاتب أن يضعني هناك ...
شعرت بالقهر والمرارة والحزن على ابن ميار ودوجة ...فهمت دوافع الموقف الصادم للغازي كافيار المتعصب..
 
تظل الرواية التاريخية هي الأروع...فهي تنقل لنا الألم المخزن عبر السنين...تنفض الغبار وتفتح أبواب الزمن المغلقة لتصفعنا الآهات والغصات لشخصيات طواها الزمن وواراها الثرى... شخصيات عاشت القهر والحرمان...فنحس بطعم الألم المعتق... نعقد المقارنة بين وضع الإنسان في تلك البلاد التي حكمها الوالي العثماني المسلم والذي احتقر صاحب الأرض وتعالى عليه...وزاده الصبر طغيانا واستبدادا ، وبين المحتل الفرنسي الذي قال أنه يحمل مشاعل الحرية والتنوير لكنه جاء مغرورا متعاليا ينهب الأرض ويقتل الإنسان ويسرق حتى عظام الموتى...
 
برع الكاتب كثيرا في نقل كل هذا ...
وددت لو ان صفحات الرواية لا تنتهي...اردت ان اعرف ماذا بعد!!
 
ارتبطت عاطفيا بشخصيات الرواية...دوجة المنتهكة كأنها تمثل البلد المغتصب الذي لا حقوق لأهله...
 
يصدمنا وقوف الناس ضد مصالحهم...
ضد من يدافع عن حقوقهم...
ونتعجب من ثقة العربي بعدالة الهيئات والحكومات الأوروبية التي تكمن مصلحتها في اذلاله واستغلاله...
يواجهنا الإيمان بالقدر والاستسلام دون عمل شيء لتغيير الواقع وتطوير الحياة وعدم الاعتراف بتغيرات الزمن والحياة...
نتوقف عند فكرة استخدام الغازي الأوروبي للعلم للتعرف على البلد وعادات اهله قبل غزوه لها ...
 
المدهش ان كثير من أحوال العرب لا تزال كما كانت لم تتغير ...فالفجوة الكبيرة بين العرب والغرب في العلم والمعرفة وأساليب التفكير لاتزال حتى يومنا ...
وصلت الرواية القائمة القصيرة لجائزة البوكر وهي تستحق ذلك ...
 
بعد قراءة روايات القائمة القصيرة جميعها شعرت بأن رواية " الديوان الاسبرطي"هي التي ستفوز بالبوكر وصدق توقعي...
 

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الصمت عار

فيلم Alpha

الكرد في اليمن، دراسة في تاريخهم السياسي والحضاري 1173 - 1454م لدلير فرحان إسمايل