يوليسيس الجزء الثاني

 

الجزء الثاني من يوليسيس يحتوي على ست فصول أو حلقات:
في وسط العاصمة الإيرلندية
الليستريغون
سيلا وخاربيدس
صخور التيه
عرائس البحر
السيكلوب
 
استغربت لماذا أول حلقة في هذا الجزء تحمل عنوان لا علاقة له بالأوديسة...
لكن اتضح أن هذا من عمل المترجم ، في النص الأصلي الحلقة تحمل عنوان إيلوس...
أحداث هذا الجزء تدور من الساعة الثانية عشرة ظهرا حتى الخامسة عصرا...
الحوارات بين أشخاص الرواية تبدو طبيعية لأن الناس عادة في النقاشات يتحدثون هكذا ببساطة وينتقلون من موضوع لآخر ويستخدمون الايحاءات اللغوية والأمثال التي تكون مفهومة ومعروفة في مجتمعهم...
وجويس رسم الحوارات بطريقة جميلة وساخرة تفيض منها الشخصية الإيرلندية..
هناك نقد لمسرحيات شكسبير...
 
وعلى القارئ أن يفهم مشكلة ايرلندا ومطالب الحكم الذاتي والنفور من كل ما هو انجليزي ...فإيرلندا محتلة وإنجلترا دولة الاحتلال والغزاة...
لكن الكاتب يحير القارئ عندما يكون السرد بأسلوب المتحدث الأول ، من هو المتحدث؟
الرواية مزدحمة بأعمال كتاب وفلاسفة وعناوين كتب وروايات وقصائد وأشعار مشهورة ...
فهناك: غوته وشكسبير وأفلاطون وارسطو والمسيح...وأسماء آلهة من الأساطير الرومانية ...
الحديث عن الحرب ومصير الفقراء والجنود والبحارة ضحايا الحروب
إشارات إلى مقاطع في الإنجيل، ومسرحية ماكبث، ومسرحية الملك لير، دون كيخوته لسرفانتس...
واشارات للبروتستانتي المؤيد لإنجلترا عكس الكاثوليكي المؤيد لاستقلال ايرلندا...
أساطير اغربقية ونقاشات سقراط للوصول للحقيقة والروايات الشعبية الرخيصة وأفكار الفلاسفة الثيوصوفية...
وهناك أسماء الصحف المحلية ...
 
أما فصل : عرائس البحر فيغرق القارئ في الموسيقى عبر إشارات لمجموعة متنوعة من المقطوعات الموسيقية مثل الأغاني والأوبراء والأوبريت وأغاني الأطفال والمقطوعات الدينية والموسيقى السيمفونية...
إضافة إلى الاستخدام المتكرر للمصطلحات الموسيقية ...
وترتبط المنولوجات والمعزوفات بالمونولوجات الداخلية لأحد أبطال الرواية: بلوم ...
هذا الفصل يشبه مشهدا سينمائيا يظهر الشخصيات في حانة حيث يرتفع صوت الموسيقى وتختلط مع أفكار وتداعي ذاكرة الشخصيات... وهذيان وأحاديث غير مترابطة لسكارى.
الحلقة الأخيرة في هذا الجزء مزدحمة بتاريخ ايرلندا ومشاعر كراهية الإنجليز....
كل فصل أو حلقة تبدو قائمة بذاتها...بأسلوب مختلف ومواضيع مختلفة ...
 
هل تمرد جيمس جويس هنا على عناصر الرواية التقليدية؟
حتى يسهل على القارئ فهم الرواية يحتاج أن يكون صاحب ثقافة موسوعية ...
أو على الأقل يقرأ قبلها شيء من الأساطير الإغريقية والرومانية مثل الإلياذة والأوديسة والإنيادة ومسرحية هاملت والملك لير ...
ربما ينطبق عليها وصف: رواية نخبوية....
 

 

قراءة لرواية حب

 رواية حب للنرويجية هانة أورستافيك صنفت ضمن أهم الأعمال الأدبية النرويجية في أواخر القرن العشرين.

فصول الرواية لاتحمل عناوين ولا أرقام ...

تدور أحداث الرواية عبر 155 صفحة فقط ...حول الأن فيبيكة وابنها يون...خلال ليلة واحدة طويلة وبارده من ليالي الترويج الشتوية...

"كان يريد سؤالها عن عيد ميلاده، غدا سوف يبلغ التاسعة من عمره"

يون ينتظر يوم الغد ...ويفكر في كعكة عيد ميلاده التي ستعدها أمه...والهدية التي سيتلقاها ..

لكن لماذا لم يسألها؟ 

لماذا لانناقش ما يدور ببالنا مع من نحب؟

هل هناك حواجز ومخاوف تمنعنا !!!

"يتطلع إلى الثلج الموجود أمام النافذة ويفكر كيف تستطيع رقاقات صغيرة أن تصنع هذا الكم من الثلج"

وصف الثلج والبرد في الرواية أشعرني بالبرد...

"الحياة قصيرة جدا كي لا تبدو جميلة، فلنتحمل البرد، هكذا تفكر"


تشعر فيونيكة بالوحدة، تحتاج للحب والرعاية...

ويعيش يون منغمسا  بأحداث يصنعها خياله عن شخصيات فضائية وحروب ومواجهات مع تلك الشخصيات وعوالمها...

السرد في الرواية ينتقل بالتناوب بين أفكار الأم وأفكار ابنها دون فواصل ...فتارة نكون مع أفكار الأم وتارة مع الأبن ...

ورغم بعد المسافة بين أماكن تواجدهما لكن الراوي يشعرنا أنهما أقرب لبعضهما رغم ما يحدث...

كبر المسافة بينهما  وبرودة الجو تتضح من برودة علاقتهما ببعضهما...

ذلك الطقس البارد انعكس على علاقتهما...

الحب هو من يدفئ العلاقات ويربط الجسور بين القلوب ويدفع الحزن والشعور بالوحدة والمخاوف بعيدا ...

دون تعبير عن الحب تبرد العلاقات وتتجمد العواطف وتصبح الحياة لا تطاق...

الحب هو من يزين حياتنا ويملؤها بهجة . .

كم هو محزن أن يعيش الناس في غربة عن احبائهم...

يعيشون الوحدة والخوف والإهمال وخيبة الأمل رغم وجودهم مع من يحبون...

البحث عن الحب والاهتمام في الخارج  يمكن أن يجعل الإنسان عرضة لمخاطر لا حصر لها ...لكن الرواية تدور في مجتمع آمن لايشكل الغرباء فيه أي مصدر للقلق. .. 

ولأن الرواية مكتوبة بصيغة الفعل المضارع فذلك يعطي للقارئ الايحاء بأن الأحداث تجري الآن في هذه اللحظة فينغمس فيها ...

ينغمس الابن في أحلام اليقظة المألوفه في تلك السن، لكن يبدو أن الأم لم تصل لمرحلة النضج للعيش في الواقع ، فهي أيضا لاتزال تحلق في عالم الخيال بعيدا عن الواقع ومسؤولياته...

تقرأ ثلاثة كتب أو أربعة أو خمسة في الأسبوع كما قالت...فأين ابنها في دائرة اهتماماتها!!!

الرواية تبعث على الأسى،...

وتدعو القارئ للتوقف والتفكير ....