التقديس

جاء في ختام الجزء الأول من كتاب: " قصة الحضارة - ملخص" مايلي:
[أن الحضارة لا تموت ولكنها تهاجر من بلد إلى بلد، فهي تغير مسكنها وملبسها، ولكنها تظل حية. وموت إحدى الحضارات كموت أحد الأفراد يفسح المكان لنشأة حضارة أخرى. فالحياة تخلع عنها غشاءها القديم وتفاجئ الموت بشباب غض جديد. ] 
وينتقل الكاتب وهو يختم الجزء الأول من الكتاب والذي أنتهى بسقوط الحضارة اليونانية ليقول:
[ فالحضارة اليونانية حية، وتتحرك في كل نسمة من نسمات العقل نستنشقها، وإن ما بقي منها ليبلغ من الضخامة حدا يستحيل على الفرد في حياته أن يستوعبه كله. ونحن نعرف عيوبها ونقائصها- نعرف حروبها المجنونة التي خلت من الرحمة، ومافيها من استرقاق دام إلى آخر أيام بنيها، ونعرف إخضاعها  النساء وإذلالهن، وتحللها من القيود الأخلاقية، ونزعتها الفردية الفاسدة ، وعجزها المحزن عن أن تجمع بين الحرية والنظام والسلم. ولكن الذين يحببون الحرية ، والعقل، والجمال، لا يطيلون التفكير في هذه العيوب...].

ما لفت انتباهي في هذا الكلام، أنه رغم اعجاب الكاتب بالحضارة اليونانية، لكن هذا الاعجاب لم يعميه عن رؤية السلبيات والفظائع التي كانت موجودة، عكس مايفعله من يكتب تاريخنا. 
كتابنا ومؤرخونا قدسوا التاريخ وقدسوا شخصيات التاريخ، فجعلوا كل مافي تاريخنا هو شيء عظيم ولا يجوز المساس به، لا يجوز النقد ولا يجوز الحديث عن العيوب والسلبيات والأخطاء...
 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الصمت عار

فيلم Alpha

الكرد في اليمن، دراسة في تاريخهم السياسي والحضاري 1173 - 1454م لدلير فرحان إسمايل