قراءة لرواية فتاة من ورق لغيوم ميسو

 

نصحني أحدهم بقراءة هذه الرواية للاستمتاع بالخيال الغريب، لرواية تحكي عن سقوط بطلة الرواية من الكتاب بعد أن يصاب الكاتب بما يسمى عسر الإلهام، أو حبسة الكاتب. وعندما أمسكت بالرواية بيدي، قرأت على الغلاف الخارجي للرواية:


"مبللة وعارية تماما، ظهرت على شرفتي في عز ليلة ماطرة.

- من أنتِ؟ سألتها وأنا أقترب متفحصا إياها من أعلى إلى اسفل.

- لقد سقطتُ.

- سقطتِ من اين؟

- سقطت من كتاب. سقطت من حكايتك، !كذا!"

أي خيال هذا!

فتاة من ورق، هي بطلة رواية تخرج من بين السطور لتعيش مع الكاتب ...وبدأ خيالي ينسج حكاية مذهلة عما يمكن أن تكون عليه الرواية.

بصراحة، أعجبت بالفكرة بشكل غير عادي.

اشتريت الرواية، وشرعت بالتهام صفحاتها. 

من هو غيوم ميسو؟

المؤلف غيوم ميسو من أشهر المؤلفين الفرنسيين، ترجمت بعض رواياته إلى أكثر من عشرين لغة، وتحتل كتاباته قائمة أعلى الكتب مبيعا في العالم. صدرت أولى رواياته عام 2001.بدأ الكتابة وهو على مقاعد الدراسة في التاسعة عشرة من عمره.

ورواية فتاة من ورق من أبرز رواياته، صدرت باللغة الفرنسية عام 2010. وترجمت إلى اللغة العربية عام 2012 عن المركز الثقافي العربي، ترجمة شكير نصر الدين.

الرواية تبدأ بداية مختلفة عبر عناوين لعدد من الصحف تنقل أخبار رواية هي أشهر عمل أدبي للسنة لكاتب شاب مغمور طوم بويد فصارت تلك الرواية، كما نفهم من الأخبار، في غضون بضعة شهور على رأس قائمة المبيعات للسنة. 

ونعرف أيضا أن تلك الرواية هي الجزء الأول من ملحمة مكونة من ثلاثة أجزاء.  يترك الكاتب الشاب وظيفته بعد توقيع عقد مع دار النشر يخص كتابين إضافيين أو الجزئين التاليين من الرواية ونعرف أن العقد بمليوني دولار.

ونتابع عبر عناوين الصحف والايميلات قصة الحب الفاشلة للكاتب الشاب والتي سببت بسقوطه في فخ الإدمان ويعتقل في حالة سكر.


ومن الصفحة 25 تبدأ احداث الرواية بعيدا عن الصحف، فنعرف أن الكاتب يعيش في عزلة عن العالم تحت تأثير المهدئات بسبب قصة الحب الفاشلة التي انتهت بتخلي عازفة البيانو عنه، لكن صديقه صاحب دار النشر يحاول أن يخرجه من عزلته ليتابع كتابة بقية أجزاء الرواية دون جدوى. 


وفجأة تظهر تلك الفتاة التي سقطت من الرواية غير المكتملة لتظهر في شرفة الكاتب. يطلق عليها فتاة من ورق وتتوسل إليه أن يستمر بكتابة الرواية لتعود إلى عالمها في صفحات الكتاب قبل أن تموت، ولكن الكاتب يعاني من حالة اكتئاب شديدة، وتحاول مساعدته.

الرواية مليئة بالتشويق والإثارة والأحداث المتسارعة ويجد القارئ نفسه يلاحق الأحداث كأنه أمام أحد أفلام الحركة والتشويق الأمريكية، فهناك شرطة، واتهامات بالقتل....

وتنقلات من بلد لآخر، ومطاردات بالسيارات تحبس الأنفاس. قدرة هائلة على التشويق، خاصة لمن يهوى أفلام المطارادات والحركة والإثارة السينمائية التي لا تحدث في الواقع لكنها تسعد المشاهد. كل تلك المطاردات والتنقلات رافقت النسخة الوحيدة للرواية. نسخة وحيدة للرواية تنجو من الاتلاف بعد أن تقوم دار النشر بسحب كل النسخ للرواية من السوق بسبب عيب فيها وهذا ربما ما سبب سقوط بطلة الرواية.

لكنني توقفت عند سؤال: كيف عرف ميلو أن تلك النسخة لم تتلف؟الحبكة للرواية معتمدة على تلك النسخة.

  في رايي أن الروايات التي تقوم على عدد كبير من الصدف تصبح غير مقنعة، عندما يجد القارئ نفسه يقف للتساؤل. كل تلك الصدف أصابتني بالحيرة.


يجد القارئ نفسه يتابع مشاعر الكاتب الذي يقع في المعاناة بسبب ما يسمى حبسة الكاتب، ويتابع مقدار مايعانيه الكاتب عند الكتابة. وكيف يأتي الإلهام، ويستمر الكاتب في الكتابة لينقذ بطلة روايته من الموت. 

الرواية تحوي الكثير عن مشاعر الصداقة والحب والحوارات الرائعة.

فكرة أن بطلة الرواية فتاة تسقط من بين صفحات الكتاب فكرة عبقرية أدهشتني. فكرة رائعة، لكن كيف تمت معالجة الأحداث عبر صفحات الرواية ال441، لم تقنعني.

هي فتاة من ورق، يقع المؤلف في هواها.

قلت،  حسنا يمكن ذلك، ربما يزيد هذا من متعة الخيال ويجعل الأحداث أكثر إمتاعا.

لكنني أصبت بخيبة الأمل، فنهاية الرواية غير المتوقعة خيبت أملي فعلا. شعرت بالخيانة. لا ، ليس هذا ما توقعته. 

هل سبق لأحدكم أن قرأ رواية ووجدها مختلفة تماما عما تخيل، فشعر بالغضب؟


للأسف الترجمة ليست جيدة.

 اقتباسات من الرواية:

  - لكن الهوى يشبه المخدر، إن معرفة عواقبه المدمرة لم تمنع أحدا من الاستمرار في تدمير ذاته بعد أن دخل تلك الدوامة.

- لكن نادرا ما تجعل الشهرة شخصية من يصلوا إليها أفضل ما يكون. إنها تعمق الجراح النرجسية أكثر من تلطيفها.

- إن الصلة التي كانت تربطنا هي أبعد من التعاطف والمودة. ولم تكن أيضا مجرد صداقة عادية، بل كانت من تلك الوشائج الثابتة التي لا يمكن  بناؤها إلا في الطفولة والتي تلزم المرء طوال حياته، في اغلب الأحيان على المر أكثر منه على الحلو.

- ربما لأننا كنا نأمل بسذاجة أن عدم استحضار الماضي كان يسمح بمحوه. 

-الحظ هو وصل الإرادة بالظروف المناسبة، هذا ما زعمه سينيك.

- نحن نجهل في الغالب المحن التي يجتازها الناس الذين نحبهم أكثر.

- الكائن البشري هو بالتاكيد حيوان يتكيف مع كل المهانات.

- إن أي كتاب لا يصير على صورته إلا بالقراءة والقارئ هو من يمنحه الحياة، من خلال تأليف صور ستخلق ذلك العالم الخيالي الذي تعيش داخله الشخصيات.




 


 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الصمت عار

فيلم Alpha

الكرد في اليمن، دراسة في تاريخهم السياسي والحضاري 1173 - 1454م لدلير فرحان إسمايل