قراءة لرواية المنتهكون لسمية هندوسة:

 


العنوان: 

يبدأ السؤال من لحظة قراءة العنوان...

 المنتهكون، من هم؟ أي انتهاك ستدور حوله الرواية؟

مدخل الرواية جميل، يشد القارئ بشخصية الخير مختار الذي يرتبط معه القارئ عاطفيا. ولادة طفلته الأولى شكلت ولادة حلم بحياة جديدة ومستقبل أفضل، حلم مشرق. 

وتزدحم الرواية بالشخصيات التي تتحاور وتتفاعل مع بعضها في بيئة سودانية فنغوص في التفاصيل الصغيرة والحميمة للطقوس النسوية ، والحوارات باللهجة السودانية والتي تضفي نكهة مميزة للرواية.

ونجحت الكاتبة بتأثيث الرواية بكل ما هو سوداني الداية وتوزيع الحلويات، ومستلزمات السماية ومصطلحات الحياة اليومية وهموم الناس البسطاء الممزوجة بالأساطير والمخاوف.

ناقشت الرواية عدد من القضايا المهمة، الانتهاكات بصور مختلفة، انتهاك الطفولة، التحرش والاغتصاب، سيطرة الثقافة الخرافية في المجتمع على ثقافة العلم والوعي، زواج الصغيرات أو بمعنى أدق بيع الفتيات ودفع أخريات لبيوت الدعارة، والظروف التي تدفع الشباب للتورط مع الجماعات المتطرفة في بيئة لا تمنح الحب والاحتضان.

وتسلط الرواية الضوء على ما يسمى بالقضايا المسكوت عنها، تلك التي لا يحب أحد أن يعترف بوجودها ويهيل الجميع عليها التراب.

في الرواية تتعدد الشخصيات المنتهكة، وينجو الجناة بسبب الثقافة السائدة التي تحمي الجناة وتدين الضحايا: " كلنا ضحايا وكلنا منتهكون في مجتمع يحاكم الضحية ويقف مع المجرم"، كما جاء على لسان أحد شخصيات الرواية، وهي تلخص ثقافة العيب، والخوف والتربية التي تفتقر للتوجيه والتوعية الحقيقية للطفل حتى يتعلم كيف يحمي نفسه من أي خطر يواجه. وهي نقد للتربية الساذجة التي لا تعترف بأي أخطار محتملة قد تنتهك براءة وطفولة الأطفال. 

 

الرواية تمثل من وجهة نظري صرخة في وجه المجتمعات التي لا تواجه مشكلاتها الحقيقية ولا تعترف بوجودها من الأساس.

ظهرت لغة صحفية وتقريرية في بعض الأماكن بالرواية، عندما كان هناك المزيد من التوضيح والشرح الذي يقلل من جمال السرد الروائي عندما يكون التركيز على وصف ماذا حدث وتكرار الوصف والشرح، كما جاء في صفحة 179: " ولا يدري بأنه هو هذا المليونير الذي تأخذ من خزائنه ما تشاء لتجلب كل ما تريده لها ولأبنائها ولوالدتها"، فهي جملة توضيحية مكررة تشرح ما يعرفه القارئ.

 

بالإجمال هي رواية مؤلمة فهي تبدأ بيوم ولادة هادية ذلك الحلم الجميل لوالدها، وتنتهي الرواية بموت بطلة الرواية وهي تحاول الانتقام ممن انتهكوا حياتها وأضاعوها، موتها يعلن بوضوح أن المواجهة الفردية اليائسة ليست حل لمواجهة الانتهاكات.

 


 

المكان لآني إرنو:


عمل أدبي مختلف لكاتبة فازت بجائزة نوبل للأدب...
الكاتبة تتميز بكتابة تفاصيل دقيقة وعميقة لا يكتبها الكتاب عادة.
الغريب وضع الحرف الأول فقط لأسماء الأماكن ...
الترجمة باللغة العربية الفصحى، لكن الحوارات باللهجة المصرية تشعر القارئ بالغرابة عند تخيل شخصيات فرنسية تتحدث باللهجة المصرية ..
اختيار غير موفق للترجمة ...
الكاتبة تحاول تسليط الضوء على شخصية والدها ...تفسير تصرفاته والصعوبات التي عاشها وهي صعوبات تواجه الطبقات الفقيرة التي ينتمي إليها...
لست متأكدة هل ينطبق على هذا النص مسمى رواية...
يشبه كتابة مذكرات مختصرة ...
يبدأ الكتاب بموت الوالد ...وتتداعى الذكريات التي تحاول الكاتبة تجميعها عنه...
انتهت صفحات الكتاب 81 صفحة ...هل يعقل أن ذلك كل شيء!!!
الكتابة مختصرة ، القارئ يتعاطف مع وضع الوالد ومجمل التعاسة التي عاشها، ويخيم شعور الكاتبة بالذنب لأنها تركت عائلتها لتنتقل للعيش في مستوى اجتماعي أفضل...مكان آخر ...
عندما وصلت مرحلة المراهقة وهي مرحلة صراع نفسي... وجدت نفسها في صراع بين الانتماء لطبقة عائلتها وشعورها بالانفصال التدريجي عن تلك الطبقة، والتعليم يكسبها معرفة تعزلها عن ذلك المحيط ...
وتتزوج بشاب من الطبقة البرجوازية وهكذا تنفصل عن طبقة عائلتها، رغم استمرار زياراتها لهم ...لكنهم أصبحوا عالم يختلف عن عالمها...والدها ترى فيه صورة للعصور الوسطى ببساطته وأفكاره...
وهي تعرف المكان بذلك الفضاء غير المرئي الذي يفصل بين البشر ...تلك المسافة التي تم انشاؤها بين الناس...فالمكان هو الطبقة الاجتماعية التي ينتمي لها الإنسان...
تحاول اللجوء للكتابة لتسلط الضوء على حقائق طمسها الزمن ...
استطاعت ببراعة أن تنقل للقارئ مشاعرها وهي تصف والدها الميت الذي لن تراه ...
اعتقد أن براعة الكاتبة يتلخص في قدرتها على التكثيف وفضح المشاعر القوية كما هي دون تجميل ...
 
عللت لجنة جائزة نوبل اختيارها الكاتبة الفرنسية البالغة من العمر 82 عاماً للجائزة: "لما أظهرته من "شجاعة وبراعة في اكتشاف الجذور والاغتراب والقيود الجماعية للذاكرة الشخصية ووصفت اللجنة انتاجها الأدبي بأنه:
"أعمال غير مهادنة أنجزتها على مدى 50 عاماً، صورت فيها حياة تشوبها الفوارق الكبرى في اللغة والجنس والطبقة"
 

 
 

رواية أفراح القبة - نجيب محفوظ:

 


هل يكفي اسم الروائي ليكون العمل رائعا؟
الرواية قصيرة لكنها غنية بالمعاني، يفسرها القارئ كيف يشاء ...
 
الرواية مكونة من أربعة فصول: في كل فصل نسمع صوت أحد الشخصيات الرئيسية...أي رواية متعددة الأصوات ...نسمع الحكاية من أربع وجهات نظر مختلفة، كل شخصية تحكي الحكاية من وجهة نظرها...
ولأن كل شخص في الحياة يرى ويحكي ويفهم من زاوية مختلفة لهذا سنسمع الحكاية من زوايا مختلفة...
 
الفصل الأول الذي يحمل اسم الشخصية الأولى طارق رمضان وهو ممثل في المسرح سيلعب دور البطولة في مسرحية تحمل عنوان أفراح القبة...يؤكد الممثل أن مؤلف المسرحية عباس يحكي في المسرحية حكاية حقيقية ويعترف بجريمة قتل زوجته ...ونفهم أن المسرحية تكشف أحداث حقيقية وشخصياتها هم من العاملين في المسرح.
إذا الرواية عن مسرحية، ومؤلف المسرحية كتب الواقع، ما حدث كما حدث، ويختفي.
لا تكتمل الصورة أمام القارئ إلا بعد قراءة الفصل الرابع ، وهو الجزء الأجمل حيث يعرف القارئ لماذا كتب عباس المسرحية.
أسلوب السرد في الرواية رائع ومدهش....الكاتب لا يصف ...لا يشرح لا يقول إلا قليلا ...يترك فراغات كثيرة لخيال القارئ ...
 
عند الانتهاء من الرواية وجدتني استعيد أحداثها ومواقف الشخصيات ...الحياة مسرحية حقا وكل منا يلعب دوره فيها، لكل منا قناعاته ومفاهيمة التي تتبلور حسب البيئة التي ننشأ فيها...وهناك حواجز كبيرة بيننا وبين أقرب الناس لنا تسبب كوارث في حياتنا.
الحب والكراهية والخيانة والغدر والطيبة وحتى سوء الفهم وسوء الظن كلها تلعب دور كبير في علاقات الناس ...
الرواية مدهشة ...أحد إبداعات صاحب جائزة نوبل ...كتبها نجيب محفوظ في ثمانينيات القرن الماضي .
رواية تستحق القراءة...والتوقف عندها قليلا.
 
اقتباسات من الرواية:
" حرارة المقت أقوى من موقد الفرن"
"إن الخير ينتصر إذا وجد من ينصره"
الحب أقوى من الشر نفسه"
"منذا يدلني على معنى الحظ"