ما يميز كتاب: اليمن حقائق ووثائق عشتها 1962- 1974 الجزء الثاني، أنه معتمد فعلا على وثائق، رسائل بخط يد من راسلوا كاتب المذكرات...
المعلومات كثيرة في كتاب أفرد فصلا كاملا لكل عام من الأعوام الثلاثة عشرة التي يحتويها الكتاب بصفحاته ال 489...
إضافة إلى 311 صفحة للوثائق من برقيات ورسائل وهناك ملحق للصور ...
يقول في المقدمة إنه تحرى نقل الحقائق كما جاءت في الواقع بدون ميل أو تدخل وأيد كل واقعة بوثيقة يشير إليها...
كل من يكتب يساهم في توضيح جزء من الصورة خاصة من يحاول التزام شيء من الموضوعية، لأن القارئ سبجد أمامه أحداث تروى بحسب رأي الكاتب ومن زاويته....
يستطيع القارئ أن يحصي عدد الحكومات التي تشكلت في كل فترة ...
تجربة حكم بنظام جديد ...
هل نسميها ديمقراطية! رغم السجون والاعتقالات !!
على كل حال هي تجربة وليدة ... أخطاء وتعثر وهذا طبيعي...ولكن للأسف لم يتعلم أحد من أخطاء تلك المرحلة ...يبدو واضحا ألا أحد يهتم بالقراءة والتحليل ...
كل من يأتي يظن أنه فريد من نوعه ولا تجري عليه السنن...
الانقلابات في هذا الجزء سلمية ...
تغير السلال وجاء الإرياني وبعدهما جاء الحمدي كلها انقلابات سلمية ...
شخصيات تزعل وتحنق وتحتج وتعود للسلطة ...
هناك نقاط إيجابية لتلك الفترة كما جاء في الكتاب، فمثلا في عام 1971 :"هذه الفترة اتفقت مع بعض التجار على بناء عدد من المدارس على حسابهم"
يرصد سنان أبو لحوم المشاريع التي نفذت في محافظة أو لواء الحديدة لأنه كان في منصب المحافظ:
"
ومن أكبر المشاريع وأهمها، مستشفى الشهيد العلفي وبناء دار العجزة وإصلاحية الأحداث ومدينة العمال التي سلمنا الدفعة الأولى منها للمستفيدين من عمال الميناء في احتفال عيد العمال العالمي الأول من مايو عام 1974 بحضور الأخ رئيس المجلس الجمهوري وأعضاء المجلس الجمهوري ....."
في تلك السنوات كان الأهالي في كل منطقة مع التجار والمواطنين القادرين يساهموا في تمويل وإنجاز مشاريع مثل بناء المدارس، والجوامع ومستوصفات، وشق طرق ومشاريع مياه....
وفي العاصمة تشكلت لجنة لتحسين العاصمة لإن إمكانيات الحكومة محدودة فجاء المجهود الشعبي التعاوني لوضع خطط تعاونية لإصلاح الشوارع وعدد من المشاريع ...
الصراع على السلطة كان واضحا ...
فالاجواء متوترة وهناك اجتماعات لمحاولة حل النزاعات...
لكن دوما لا تنجح جهود المصالحة وتقريب وجهات النظر ...
ويظهر من يعمل بكل قوة لتغيير شخص من يحكم كأن ذلك التغيير سيحسم كل الخلافات ...
الخوف من أن الرئيس الإرياني يقرب الحركيين والبعثيين وغيرهم جعل المجموعة التي ترأسها الشيخ عبد الله تخشى على دستور البلد وكان الحل تغيير الرئيس...
ينتهي هذا الجزء عند بداية حكم الحمدي وهو حكم لا يختلف عما سبق كما يفهم القارئ...لأن كل شيء بقي بيد الحاكم ...كل كبيرة وصغيرة حتى الحصول على ترخيص لإصدار صحيفة تحتاج أن يوافق على الطلب رئيس مجلس القيادة مع توجيه لوزير الإعلام:
" لا مانع، على أساس الالتزام بسياسة الدولة الاعلامية"
قراءة هذا الجزء يثير عدد من الاسئلة:
كانت تجربة الحكم في النظام الجمهوري جديدة وتحاول السير في الطريق الصحيح رغم أنها تخرج عن ذلك الطريق وتتعثر لكن ما الذي حدث فتوقف المسير للأمام؟
يبدو واضحا أن هناك من لم يستوعب أن البلد تتسع لكل الآراء دون خوف طالما هناك قانون يلتزم به الجميع ...
ولكن أين هذا القانون؟
لا يزال كل شخص يظن أنه القانون وأنه الوحيد من يعرف مصلحة الشعب وعلى الجميع الخضوع له دون نقاش....
نتائج كل المؤتمرات بصراحة رائعة ...لكنها بنود لم تنفذ حتى اليوم.
الكتاب يستحق القراءة لمن يهتم بتوسيع زاوية الرؤيه لما حدث ...