رواية: في بلاد الرجال لهشام مطر

 

الرواية جميلة بقدر ما هي مؤلمة ومؤثرة...
السرد على لسان الطفل سليمان ابن التسع سنوات ...
تحكي الرواية فظائع النظام الليبي في عهد الرئيس القذافي ....تصف التعذيب والاعتقالات والإهانات التي يتعرض لها المواطن الذي تشك فيه المخابرات والأسلوب المرعب لتنفيذ الاعدامات...
كأنها حكاية تتكرر تحت عدد من الانظمة العربية ...
 
هناك تفاصيل كثيرة عن العادات الليبية يعرفها القارئ عبر الحكايات التي تحكيها الأم لابنها سليمان عن طفولتها وعذاباتها وتزويجها في سن صغيرة ...
ويتعرف القارئ على وضع المواطن الليبي الذي حالفه الحظ وغادر بلده...
فأصبح كلب ضال في نظر النظام ...
 
قرأت الرواية منذ فترة وسجلت ملاحظاتي التي لم أنشرها ...
لكن احداث سوريا أعادتها لذاكرتي ..
فكل بلد عربي له أوجاعه والآمه...
اقتباسات:
-نحن في هذه البلاد لا نفهــــــــــم أوجاع القلوب.
- لعل الشك أسوأ من الحزن، واليقين أثمن من الحب.
- كان يملأنى هذا الشعور بالحاجة إلى أن أغدو رجلا بسرعة كبيرة، ولكن ليس لأقوم بالأشياء المرتبطة بالرجولة وامتيازاتها، بل لأغير الماضى، لأنقذ تلك الصبية من يومها الأسود..
-في تلك الليلة حلمت أن أبي يعوم على سطح البحر. كان الماء هائجاً يمور كأنه في الصميم ، يرغي ويزبد على التلال ، وأبي مستلقْ على ظهره ، مثل زورق صيد صغير يحاول الاستسلام لمشيئة البحر.
كنت هناك أيضاً ، أبذل جهدي لأبقي كتفي فوق الماء ، ولئلا يختفي عن ناظري ، لكن البحر ارتفع ، واختفى أبي من المشهد. واصلت السباحة. كنت أعرف أنني قريب منه. ثم رأيته فجأة متخشباً متصلباً. حينما مددت يدي لألمسه تحول إلى سمكة ، خفيفة الحركة ومجفلة. غاص بسرعة وابتعد. تمكنت من القاء نظرة على عموده الفقري الفضي يترجرج تحت الماء.
استدرت ولم ألمح أي شاطىء أعود إليه...
 

 

حكاية صورة

 

في عام 1976 التقطت صورة لطلاب الصف الأول الثانوي بمدرسة صنعاء النوذجية الاهلية التي كان مديرها الاستاذ سعيد المقطري...
أحد الزملاء وربما إنها إحدى الزميلات نشر تلك الصورة لتصبح أشهر صورة على صفحات الفيس بوك...
 
الزملاء وقوفا من يمين الصورة:
أحمد عبدالله 
 هاني فتحي السيد (مصري الجنسية) 
عبد الناصر احمد 
 طارق حسين حبيشي 
عبدالحكيم سعيد قايد ابن مدير المدرسة 
محمد علي سلامه (سعودي ابن دبلوماسي) 
محمد أحمد الدعيس 
أحمد الدغيش 
 
الصف الثاني وقوفا من اليمين:
 الاستاذ سعيد قائد المقطري مدير المدرسة 
حسان ثابت 
خالد عبد الحفيظ بهران 
خالد الشامي 
 عبدالله نعمان محمد غالب ..
 
الصف الثالث وقوفا من يسار الصورة :
الابلة أمينه مدرسة العلوم مصرية الجنسية وابنتها وكانت تدرس العلوم امتازت بشخصية قوية 
الهام مولوي ( ايرانيه ) 
خالده صالح محسن 
أحلام جحاف 
 سمر فؤاد عبد الحي (بنت السفير المصري) 
 عايده (مصرية) 
 أروى عبد القادر هاشم 
 ريم يونس حجازي (أردنيه) .
 
الصف الاخير جلوسا من يسار الصورة:
ريم إبراهيم الارياني 
 فوزيه عبدالله الوهابي 
إيناس محمد زكي( بنت دبلوماسي مصري) 
بلقيس عبدالله حمران...
 
في العام التالي ألغي الصف الأول الثانوي وتوزع الزملاء على المدارس ونحن ذهبنا لمدرسة أروى في شارع الزبيري ..
 
هناك صور أخرى التقطت لطلاب وطالبات المدرسة لكن لم تحصل أيا منها على شهرة هذه الصورة ...
 
المدرسة كان لها هيئة من الأهالي مذكورة في النظام الأساسي للمدرسة ...
 
ولكن عندما تدخلت الحكومة في الأعمال الأهلية والتعاونيات للأسف توقف ذلك الزخم من الحياة المدنية في البلاد ...
 
سنبقى نحلم أن يكون المستقبل أكثر جمالا في بلد يستحق أهله أن تتحقق أحلامهم...
الغريب أن هذه الصورة يعاد نشرها كل فترة من قبل أشخاص ليس لهم علاقة بها، فتارة تنشر على أساس أنها لطلاب من عدن أو تعز ...
على أساس مستحيل وجود هذه المدرسة في صنعاء!!!
أو أنها لعدد من الإعلاميين ... 

 

قراءة لرواية المزحة -لميلان كونديرا:

 


رواية جميلة وعميقة ...تزداد جمالا كلما توغلت فيها حيث تتضح ملامح الشخصيات والأحداث.
السرد ممتع ينطلق من الحاضر للماضي ذهابا وعودة...
يتناوب السرد على لسان أربع شخصيات فيتعرف القارئ على حقيقة الأحداث من وجهة نظر كل شخصية...
لا يتدخل الكاتب في السرد للشرح أو للتوضيح...
أسلوب السرد يدفع القارئ للتعاطف مع الشخصيات دون أن يقع الكاتب في فخ توجيه نصائح أو تبرير ما يحدث أو توجيه أصابع الاتهام لأي طرف...
فالأمر متروك للقارئ...
 
توجه الرواية نقدا لاذعا للنظام الشيوعي، وتكشف آثاره المدمرة على حياة الأفراد دون التورط في خطاب مباشر ...
يتميز أسلوب كونديرا في الرواية بالعمق الفلسفي والسخرية اللاذعة، مما يجعل الرواية تجربة قراءة غنية ومثيرة للتفكير في نقاط كثيرة منها على سبيل المثال:
- كيف تتحول السلطة إلى أداة قمع وانتقام بأيدي الأفراد.
- أثر الماضي في حياة الاشخاص على حاضرهم ومستقبلهم.. فنرى من خلال لوسي أو لودفيك كيف تأثرت حياتهم بسبب الماضي...
- محاولة التغلب على الذاكرة المؤلمة والتعافي من الرغبة بالانتقام..
ترينا الرواية كيف يمكن لنكتة أو مزحة عابرة أن تغير حياة شخص وتعرقل حياته في وجود سلطة ديكتاتورية...
 
الشخصية الرئيسية لودفيك يعود لمسقط رأسه، ويستعيد ماحدث له في حياته بسبب مزحة غيرت حياته في بداية الخمسينات رغم أنه كان يدعم النظام الشيوعي، لكنه عاني من خيانة الاصدقاء وطرده من اللجنة والحزب بسبب مزحة...
فكانت لحظة ارتفاع أيادي مئة من زملائه للتصويت ضده، لحظة مرجعية لنظرة متشائمه وشاكة في الأشخاص والعالم... لحظة تحول أساسية في نظرته للدولة والنظام الذي كان يؤمن به...
يتعرف على لوسي التي يتعلق بها لكنها ترفض أي علاقة جسدية ، ولا يفهم ما هي دوافعها فيغضب ويطلب منها الابتعاد عنه...
يقابل الصحفية هيلين وعندما يعرف أنها زوجة عدوه أو صديقه الذي تسبب بطرده من الحزب يقرر الانتقام منه بمعاشرة زوجته...
يشعر بالخيبة عند معرفته أن علاقة زيمانيك انتهت مع زوجته وهو الآن على علاقة بامرأة أخرى...
تتعقد الأمور لأن هيلينا تقع في غرام لودفيك..
وهكذا تتقاطع مصائر الشخصيات بطريقة عجيبة ...
 
أحداث الرواية تدعو القارئ للتفكير في حقيقة الحياة ، وفلسفة الحياة والموت والانتقام والتسامح...
من اللمسات الجميلة في الرواية أن يتعرف القارئ على المهرجان الشعبي المورافي الذي يتم في الربيع ... ويتعرف على جزء من تاريخ الموسيقى في البلاد وكيف تشوه الدولة ذوق الناس....
 
بطل الرواية يرى أن الأخطاء في التاريخ ليست استثنائية بل هي القاعدة...ويصل لقناعة بعدم جدوى التصحيح بالانتقام لأن كل شيء معرض للنسيان ولا قيمة له بالنسبة للأجيال الجديدة...
الرواية تعرضت للحظر عندما غزا الاتحاد السوفيتي تشيكوسلوفاكيا لسحق ربيع براغ، وكانت الرقابة من قبل قد منعت نشرها ...
وضع الكاتب في الرواية مراجعاته الفكرية والايديولوجية لعقيدته الماركسية اليسارية، وقرر بعدها أن الحياة مجرد مزحة ...
صدرت الرواية قبل أن يفصل كونديرا من الحزب الشيوعي بخمس سنوات...
فر الكاتب إلى باريس بعد يأسه من إحداث أي إصلاحات للنظام ...وسحبت منه جنسيته التشيكيه.
 

 

رواية: لوليتا لفلاديمير نابوكوف

 

لماذا نقرأ الروايات؟ وربما يكون السؤال ما هي وظيفة الأدب في حياتنا؟

خطر مثل ذلك السؤال على بالي وأنا أقرأ الرواية!!!
الرواية تعد مثال للجدل حول عمل أدبي..
رفضتها دور النشر الأمريكية فلجأ الكاتب لدار نشر فرنسية تنشر كتب إباحية...
العجيب أن التايم أدرجتها في قائمة أفضل مئة رواية باللغة الإنجليزية.
واحتلت المرتبة الرابعة في قائمة أفضل مئة رواية في القرن العشرين حسب تصنيف دار مودرن لايبرري...
كما ظهرت في قائمة أفضل مئة كتاب لمكتبة بوكلوبن....
ظهرت على شكل فيلم سينمائي في عام 1962...ومرة أخرى عام 1997...
كما عرضت أكثر من مرة على خشبات المسرح...

هناك من يعبر عن اشمئزازه من الرواية ...ولكن هل تستحق الرواية كل هذه الشهرة؟
قرأتها لأني بصدد قراءة رواية "أن تقرأ لوليتا في طهران"...وقبل قراءة هذه الرواية من المؤكد أن تقرأ أولا رواية لوليتا...
رغم أن موضوعها صادم لكنها رواية مهمة من وجهة نظري ...
موضوعها مهم ...
ومن الشجاعة الكتابة عن شخص مثل بطل الرواية المهووس بحب الفتيات صغيرات السن اللواتي تتراوح أعمارهن بين 9 سنوات و 14 سنة ...
يطلق عليهن اسم حوريات أو جنيات ...
هذا النوع من الأشخاص المرضى يعيشون بيننا بكل تأكيد ...
ومثل هذه الرواية توضح مدى خطورتهم على الفتيات الصغيرات خاصة إذا كان أحدهم من المحارم وقريب من الضحية...
الرواية مكتوبة على هيئة وثيقة كتبها بطل الرواية المدعو همبرت همبرت وهو يقدم اعتراف للمحكمة عن جريمة القتل التي ارتكبها لكنه يبدأ بسرد قصة ولعه بالفتيات وكيف تزوج من الأم ليتسنى له الاقتراب من ابنتها....


الرواية ليست إباحية ولا تحتوي مشاهد جنسية لكن فكرة استحواذ بطل الرواية على فتاة صغيرة لعامين هي الجزء المخيف في الحكاية ...
وأعتقد أن هذا ما أراد الكاتب أن يوصله للقراء....
إنها نوع من التحذير لخطورة أمثال همبرت لأنه شخص مثقف ووسيم وفي الثلاثينيات من عمره ويعمل استاذ في الجامعة ...
لكنه شخص مريض وأناني ونرجسي حرم طفلة من طفولتها لاشباع رغبته المريضه .