المشاركات

الجزء الرابع من رواية بحثا عن الزمن المفقود لمارسيل بروست: (سادوم وعامورة)

صورة
 العنوان يعطي ايحاء بالحديث عن الشذوذ الجنسي والمثلية، لارتباط العنوان بتلك القرى التي خسفها الله وحل بها العذاب الإلهي الذي جاء ذكره بشكل مباشر أو غير مباشر في الديانات الإبراهيمية الثلاث، لكن ذلك لن يكون هو المحور الرئيسي لهذا الجزء من الرواية كما يوحي لنا العنوان.   المثلية الجنسية: يبدأ القسم الأول من الرواية بالاقتباس التالي: ” أول ظهور للرجال – النساء. هم من نسل الذين وفرتهم نار السماء من سكان سادوم. ” فللمرأة عامورة وللرجال سادوم” – (الفريد دو فينيي) ولكن خلو الرواية من الحديث الصريح عن المثلية الجنسية، يدفعنا للتساؤل هل تم تهذيب مشاهد الرواية في الترجمة العربية أم أن هذا حدث في النص الأصلي؟ وربما يفسر هذا ما جاء في المقدمة العامة للرواية والتي كتبها جان إيف تادييه: ” وأخيرا يثبت الشذوذ الجنسي أنه أحد الطروحات الرئيسية في العمل الفني وسوف يصرح عنه بروست لجميع ناشريه المحتملين، فهو لا يستطيع أن يتصور رفض كتابه لأسباب أخرى غير التهتك”. فهل شعر بروست بالقلق لفكرة رفض نشر الرواية إذا كانت تمتلئ بوصف حالات وأفعال الشخصيات الشاذة ففضل أسلوب التلميح عوضا عن التصريح؟ ويلمح تاد

أمين معلوف و غرق الحضارات

صورة
  هل كانت الحياة في الماضي أجمل، أم حياتنا في الحاضر هي الأجمل؟ يشعر كثيرون بالحنين للماضي، للزمن الجميل. لكن مؤلف الكتاب أمين معلوف يؤكد أنه ليس ممن يحلو لهم الاعتقاد أن الأمور كانت أفضل من قبل. فالاكتشافات العلمية تبهره، وتحرر العقول والأجساد يبهجه، ويرى أن العيش في عصر مبدع ومبهج مثل عصرنا هو امتياز.  يبدا أمين معلوف كتابه بلغة حميمية، يتحدث عن مشاعره ويقارن بحال الناس في الماضي، الذين عاشوا ظروف ثابتة لم تتغير لفترة من الزمن: “الذين يتراءى لهم أنهم زائلون في عالم ثابت لا يتغير؛ يعيشون في الأراضي التي عاش فيها أهلهم، يشتغلون مثلما اشتغلوا، يعتنون بأنفسهم مثلما اعتنوا بحالهم، يتعلمون مثلما تعلموا، يُصلون على المنوال نفسه، وينتقلون بالوسائل نفسها. لقد ولد أجدادي الأربعة وجميع أسلافهم منذ اثنى عشر جيلا في ظل السلالة العثمانية نفسها، فكيف لا يخالونها خالدة؟".   يشعرنا المؤلف بالقلق من الصفحات الأولى للكتاب بقوله: " غير أنني أراقب منذ بضع سنوات، انحرافات تبعث على القلق المتزايد، وتهدد بإفناء كل ما بناه جنسنا حتى الآن، كل ما نعتز به اعتزازا مشروعا، كل

قراءة لرواية بينما ينام العالم لسوزان أبو الهوى:

صورة
تبدأ أحداث الرواية بصفحاتها ال 479، من قبل العام 1948م. وأنا أقرأ الرواية وجدتني أعقد مقارنة بينها وبين رواية “الطنطورية”، لرضوى عاشور، لأن هناك تشابه بينهما إلى حد ما. ربما لأن كل منهما تناقش الأحداث في الفترة الزمنية ذاتها. ورغم روعة وجمال رواية الطنطورية، إلا أنني وجدت رواية بينما ينام العالم أكثر جمالا، لماذا؟ في رأيي أنها تصور الوجع الفلسطيني بعمق أكبر... تدخل إلى مسافة أكبر داخل الجرح الفلسطيني. وتركز بشكل أعمق على مشاعر الشخصيات. وتجعل القارئ يتعاطف مع الشخصيات ووجعها. تفعل ذلك عبر تتبع حياة أفراد اسرة فلسطينية تعيش في قرية هادئة من قرى فلسطين وكيف تتغير حياة أفرادها بعد إعلان دولة إسرائيل وتشريد سكان القرية السالمة. تقول الكاتبة على لسان أحد شخصيات الرواية: "لقد قالوا لنا أن هذه أرض بلا شعب، لنكتشف أنها أرض بشعب." فهذا نفي وفضح لأكاذيب الصهيونية. شخصية إسماعيل أو ديفيد الذي يتم اختطافه وهو طفل صغير ، كانت مؤلمة جدا. فالكاتبة بعد أن شرحت مأساة سلب الأرض وطرد أصحابها، تبين أن الاحتلال وقسوته ووحشيته تعدت كل الحدود. لم يكتفوا بسرقة الأرض، لقد سرقوا حتى ا

كتاب: عن مدن ونساء لإيتل عدنان

صورة
  الكتاب عبارة عن 9 رسائل تشبه اليوميات. تتحدث الكاتبة فيها عن المدن التي تزورها. عن انطباعاتها حول تلك المدن وعن النساء في تلك المدن . في صفحة 16 على سبيل المثال، تقارن لو أن النساء رقصن في بيروت لقال لهن أحد الشباب: أنت لست جميلة، أو لست صغيرة. بعد أن رأت نساء كبيرات في السن يرقصن في شوارع أحد المدن. " الفرق بين النظرة للمرأة، للحرية الشخصية، لاحترام الآخرين بيننا وبين الغرب". كانت الرسالة الأخيرة عن بيروت حزينة . حزينة لأنها تصف حال بيروت بعد 15 عام من الحرب الأهلية. هي لا تكتب الرسالة دفعة واحدة، كما يستشف القارئ من الرسالة، بل تتوقف ثم تتابع كتابة الرسالة.   اقتباسات من الكتاب: - " وجدت نساء هذه المدينة متحررات. أعني بذلك أنهن يتمتعن على ما يبدو بالسيطرة على أجسادهن وتحركاتهن. لسن متعجرفات ولا خانعات، يجعلنك تشعر بأن ثمة وحدة في شخصياتهن وتطابق بين أذهانهن وحياتهن". - "ما هو الضيق الذي يثقل كاهن النساء في شوارع مراكش؟  في مراكش تحمل النساء وضعهن الاجتماعي أكثر مما يحملن روحهن". - أما في برشلونه، فلايبدو على النساء في الشارع أنهن يتعمدن لعب دور أو يمثل

قراءة لكتاب: أيامي مع جورج طرابيشي…اللحظة الآتية لهنرييت عبودي

صورة
  يحمل الكتاب عنوان “أيامي مع جورج طرابيشي…اللحظة الآتية”، المؤلفة هي زوجة الراحل جورج طرابيشي، هنرييت عبودي. والكتاب من إصدارات دار مدارك للنشر، يقع الكتاب في 287 صفحة. على صفحة الغلاف صورة لجورج وصورة أخرى لجورج وهنرييت.   يبدأ الكتاب بمقدمة طويلة للناشر، المقدمة رائعة وتشد القارئ.  هذه المقدمة تشكل فكرة الكتاب وما يحمله الناشر من مشاعر تجاه الراحل الطرابيشي. بلغة صحفية جميلة يحمل القارئ في رحلة سريعة حول محطات مهمة في حياة جورج طرابيشي، ويصدقنا القول أن الكتاب الذي يحمل عنوان: ” اللحظة الآتية …أيامي مع جورج طرابيشي “، والذي يصنفه تحت بند المذكرات، جاء بطلب من الناشر لزوجة الراحل. يجري الناشر تركي الدخيل مقابلة مع هنرييت عبودي ليسألها عن زوجها جورج طرابيشي، ويطلب منها الكتابة عنه، عن أهم المحطات في حياته.  ويحوي الكتاب أيضا مقال رائع يكشف زاوية مهمة عن حياة الطرابيشي للدكتور محمد عبد المطلب الهوني عن صديقه الراحل جورج طرابيشي، وهناك مقال آخر بقلم جورج طرابيشي يحمل عنوان ست محطات في حياتي.   لغة الكتاب رائعة، جميلة. وكأن م

مع كتاب ثقافة القهوة

صورة
  للقهوة عشاق كما للكتب عشاق، وهذا الكتاب يجمع بين القهوة والكتاب. الكتاب بعنوان “ثقافة القهوة” لمؤلفته: كاثرين م. تاكر، يزين غلاف الكتاب غصن شجرة البن بكرزات البن المدهشة. كتاب يجمع بين دفتيه الكثير عن القهوة. عن تاريخها وتاريخ الصراع لاحتكار زراعتها وتجارتها. ونعرف من صفحات الكتاب المتعددة، أن “شرب القهوة هو الخطوة النهائية في سلسلة تربطنا بالمزارعين في عدد من دول العالم المنتجة للبن الواقعة في المناطق المدارية”. نعم، الخطوة النهائية لأننا نعرف القهوة في خطوتها الأخيرة في فنجان نرتشف محتواه بتلذذ. ونستمتع برائحة القهوة، لكن لا يخطر على بالنا ما هي الرحلة التي قطعتها حبات القهوة أو البن حتى وصلت الفنجان.  لكن هذا الكتاب يأخذ القارئ في رحلة تاريخية موجزة لنعرف تاريخ شجرة البن وانتقالها من أثيوبيا إلى اليمن ومنها إلى بقية دول العالم. من المدهش أن نعرف علاقة فنجان القهوة الذي نستمتع به صباحًا، بالاقتصاد العالمي والعولمة. “فقد غدت محلات القهوة ظاهرة عالمية”، وتصنف القهوة في المرتبة الثانية بعد الماء وبعض المصادر تضع المشروبات الغازية قبل القهوة في معدلات الاستهلاك. القهوة و

تقول الإحصاءات أن العربي لا يقرأ، فهل تلك الإحصاءات دقيقة وحقيقية؟

صورة
  أتذكر جيدًا ذلك التقرير الشهير عن معدل قراءة الفرد العربي الصادر عن مؤسسة الفكر العربي والذي جاء فيه أن متوسط ما يقرأه العربي في السنة هو 6 دقائق، بينما متوسط القراءة للأوروبي 200 ساعة سنويًا. ذلك التقرير الصادم الذي يتناقله الجميع، يؤكد أن الفرد العربي لا يقرأ. وكل من يتحدث عن القراءة في الوطن العربي لا بد أن يستشهد بهذه الإحصائية وكأنها أحد المسلمات. مشكلة هذا التقرير أنه كان يتيماً، وحيداً، لم يصدر تقرير آخر في السنوات التالية لسنة صدوره ليرصد هل تحسن الوضع أم ازداد سوءًا. هل حقًا العربي لا يقرأ؟ في ندوة بعنوان” أزمة الكتاب العربي” حضرتها في شهر مارس 2019، وجدت الإجابة. فمن النقاش الذي دار عرفت أن مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في عام 2016م قامت بإصدار أول مؤشر للقراءة على تطبيق Knowledge For All، لتصحيح تلك الصورة القاتمة، والتأكد من حقيقة وضع القارئ العربي. وكشفت نتائج مؤشر القراءة العربي أن هناك إقبالًا ملحوظًا من المواطن العربي على القراءة، على عكس تلك البيانات والإحصاءات السابقة التي نشرت سابقًا عن المنطقة العربية. وأفاد ا