وداعا جوليا

 

وداعا جوليا فيلم سوداني من إخراج محمد كوردفاني فيلم رائع بامتياز...
لماذا؟
يقدم قصة درامية باحترافية، تنساب أمام المشاهد الأحداث وتشده لمتابعتها ...
لا بطل رئيسي للفيلم ، بل كل الشخصيات تلعب دور البطولة، حكايات كل الأشخاص تسير جنب بعضها، ونفهم دوافع كل شخصية وخلفياتها....هكذا نفهم كيف كل شخصية يمكن أن تكون الجاني والضحية في آن معا..
 
المجتمعات التي تسير باتجاه التفكك نعرف أن ذلك يعود لمجموعة من قناعات غرست عبر أجيال طويلة فجعلت من البعض عدوا للآخر ...
وهكذا يعيش في بلد من يكن الكراهية للآخر لأن تلك القناعات والمواقف توارثها جيل بعد جيل...
الفيلم لايدين جهة ويبرئ أخرى بل يقدم الحقيقة كما هي دون تجميل أو تبرير ...
ربما إيمانا من المخرج كاتب قصة الفيلم أن الحقيقة هي من يعالج ويشفي الجروح لأن تراكم الأكاذيب والتشويهات يزيد من عمق مشاكل المجتمعات ويذهب بها بعيد عن أبواب الحل والخروج من جحيم الواقع الذي تعيشه...نعم لاشيء يعالج مثل الحقيقة ...
أداء الممثلين يبدو تلقائي ومقنع وتم اختيارهم بعناية...
 
أظهر الفيلم العلاقات بين الناس من شمال السودان أو العرب والجنوب أو ما يطلق عليهم العبيد في العاصمة الخرطوم قبل انفصال الجنوب فنفهم تعقيدات الوضع...
الجميل في الفيلم أن السياسي لم يطغ على الشخصي....
بل سلط الضوء على مشاعر أبطال الفيلم ...
 
صور ببراعة المشاعر الانسانية المعقدة في أجواء الكراهية والخوف من الآخر ...وسيطرة الشعور بالذنب ومحاولة التكفير والغفران...
يظهر الفيلم أيضا الوضع الاجتماعي للمرأة بلقطة مبدعة ...عندما يحضر الزوج زوج من الطيور في قفص وعندما تطلق الزوجه تلك الطيور يتهمها زوجها بالغباء لأن الطيور التي تربت في قفص لا تستطيع العيش خارجه...
وضع يشبه حال النساء في المجتمعات ذات النظام الأبوي التي تعيش المرأة فيها كطائر في قفص... 
 
يسلط الضوء على ما تتعرض له المرأة في وسائل المواصلات أو في التعامل مع البعض من تحرش جنسي يتنافى مع قيم المجتمع ...
قصة معقدة من العلاقات تعطي المشاهد نظرة ثاقبة للانقسامات بين شعب شمال وجنوب السودان التي أدت إلى تقسيم البلاد في عام 2011...فيفهم لماذا سار البلد نحو الانقسام... 
دون انحياز من كاتب القصة لأي طرف ...
 
 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الصمت عار

فيلم Alpha

الكرد في اليمن، دراسة في تاريخهم السياسي والحضاري 1173 - 1454م لدلير فرحان إسمايل