قصة نورية

نوريه طفلة صغيرة لها أخ واحد يكبرها بثلاثة أعوام علي، لم تدرك بأعوامها الخمسة ما الذي يجري حولها. توفي والدها، رأت والدتها دامعة العينين والبيت مزدحم بالنساء المتشحات بالسواد، كانت تنظر إلى وجوههن الباكية تحاول الدخول حيث تجلس والدتها ولكن يتم إبعادها فتصرخ باكية تمد يديها باتجاه والدتها مستغيثة فيختلط صوت بكائها بأصوات نحيب النساء. تغيرت أحوال الأسرة ولكن لم تستوعب (نوريه) حقيقة هذه التغيرات        .
بعد أن انتهت شهور العدة لوالدة نوريه، مورست ضغوطات شديدة علي الأرملة الشابة لتتزوج بالأخ الأكبر لزوجها المتوفي ،  لم تفلح اعتراضاتها أمام الضغوطات ، فالأخ المتوفي ترك ثروة هائلة من العقارات والأموال والمزارع المتنوعة ، ولن يسمح الأخوة بخروج ثروة أخيهم بعيدا عن دائرة العائلة ، تغيرت حياة الصغيرة نوريه وعلي بعد أن زفت والدتهما إلى العم الأكبر أحمد … لم تفهم نوريه سبب حزن والدتها الدائم، بعد مرور ثلاث سنوات توفيت والدة “نوريه. وجدت نوريه نفسها في عالم غريب لم تستطع أن تفهم سبب النظرات الغريبة التي كان الجميع من حولها يطلقها ناحيتها
 
لم تكن نوريه طفلة عادية، عاشت الحرمان من العواطف التي يحتاجها كل طفل،  فيجدها في نظرات أم حنون أو أب عطوف.
حُرمت من مصدر العطف والحنان، ولم تجد سوى المعاملة القاسية من أفراد العائلة الكبيرة، قسوة لا تعرف سبب لها. بدأت المؤامرات تحاك حول الطفلين علي و نوريه حيث العم الأكبر هو الوصي على ثروتهما الطائلة ، ولكن العم الأصغر عبد الرحمن ، بدأ بالتخطيط ليحصل على نصيب من الثروة عن طريق تزويج أبنه المتزوج صالح من نوريه وبذلك ينتقل حق الوصاية على نصيبها من ثروة والدها إلى عمها عبد الرحمن .
ودعت نوريه سنوات الطفولة التي لم تستمتع بها باكرا وأدخلت عنوة إلى مرحلة جديدة، بعد عام واحد زُفت نوريه ذات التسعة أعوام إلى أبن عمها.  كان زواجا لا يختلف تعاسة عن سنوات طفولتها التعيسة…. فصالح يحب زوجته السابقة ولا يريد ابنة عمه الصغيرة زوجة له ، بدأت نورية فصل جديد من الشقاء والتعاسة في بيت عمها عبد الرحمن ، وجدت نفسها في مرتبة الخادمة للجميع ، فهي تتلقى التعليمات والأوامر من زوجة عمها ومنضرتها التي كانت تتفنن في إيذائها والسخرية منها ولم تكن تتوانى عن ضربها أحيانا، والأدهى من ذلك ما كانت توصله للزوج غير العادل صالح من أكاذيب عن نورية موغرة صدره وصدر والده ضد نورية التي تتلقى الإهانات من الجميع ولم تكن تجد صدر حنونا تلجأ إليه . كتمت أحزانها في صدرها ولم تجد القوة الكافية للشكوى حيث ليس لها سوى علي ، لكنها أبت أن تزيد أحزانه وهمومه، فهو لا يعيش في ظروف أفضل ، كانت تشعر بذلك من الحزن الذي يطل من نظرات عينية….
انتهت أحزان نورية عندما أصابها مرض شديد لم يقوى جسدها النحيل المنهك على تحمله ، فغادرت الدنيا تاركة ثروتها الطائلة - التي كانت سبب في شقاءها وعذابها - ليستمتع بها الأهل الذين حرموها من كافة حقوقها كطفلة وإنسانة ويتيمة …

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الصمت عار

فيلم Alpha

الكرد في اليمن، دراسة في تاريخهم السياسي والحضاري 1173 - 1454م لدلير فرحان إسمايل