إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر (1)

لازلت حتى اليوم أشعر بالعجب الشديد من اولئك الأشخاص الذين يحرصون على أداء الصلاة بحرص شديد ...فهم يهتمون بتأديتها في أوقاتها ..ويحرصون على النوافل وترديد الأذكار بعد كل صلاة بحرص شديد...
يهتمون لأمر الوضوء ...والطهارة ..بالطبع طهارة الجسد ..
تستشف من كلامهم أنهم يحرصون أيضا على قيام الليل ..
كل ذلك شيء جميل ..فالحرص على الصلاة وكل ما يتعلق بها هو من دلائل الصلاح ...

ولكن...
ما يثير عجبي ودهشتي أن كل ذلك الحرص على كل مايختص بالصلاة يتناقض تماما مع طباعهم وتصرفاتهم في حياتهم اليومية وتعاملهم مع الناس...
نعم هناك تناقض عجيب ...
كيف يجتمع الحرص على الصلاة وسوء التعامل مع الآخرين ...
اليست الصلاة تعني الوقوف بين يدي الخالق؟ ...الخالق الذي يعرف مانسر وما نعلن ...ومانخفي في صدورنا من أحاسيس ومشاعر ...
كيف يحسن المصلي أن يعيش هذا التناقض اليومي ؟
الوقوف بين يدي الله 5 مرات في اليوم مع التسبب باذية الخلق؟
ألا يفكر ذلك المصلي أن عليه الشعور بالحياء من الله سبحانه وتعالى؟
أي صلاة تلك التي يصليهاوهي لا تستطيع أن تنهاه عن الوقوع في بعض المنكرات والفواحش؟
أليست الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر؟
كيف تم الفصل بين الصلاة والهدف منها؟
هل يقبل الله صلاة من يؤذي الناس سواء بالقول أو العمل؟
هل يقبل الله صلاة من يسخر من الاخرين ويسبب لهم الأذية؟
هل يقبل الله صلاة من يمارس الغيبة والنميمه دون تحرج؟
هل يقبل الله صلاة من يمارس الكذب كسلوك طبيعي في حياته؟
هل يقبل الله صلاة من يستخف بذنوبه وتلك المعاصي التي يقع فيها؟
لو أن من يصلي استشعر مامعنى وقوفه بين يدي الله 5 مرات في اليوم لتحسنت اخلاقه وتهذبت طباعه وعرف أن رضا الله عنه يتحقق عندما تكون صلاته ناهية له عن كثير من الأخلاقيات والممارسات التي ينبغي ألا تكون جزء من اخلاقه...
أمثال هذا المصلي يكونون سبب في نفور البعض من الصلاة ...
ونسمع عمن يستشهد قائلا:
 أن فلان صحيح لا يصلي لكن اخلاقه عاليه أفضل من علان ذلك الذي يصلي ...
هذه المقارنة كارثة ...
والكارثة الحقيقية أنها صحيحة ...
بالطبع هذا لا يشمل كل الناس ...لأن التعميم لا يجوز ..
لكنه ينطبق على كثير من الناس الذين نعرفهم ونتعامل معهم ...
ان الصلاة التي لا تنهى صاحبها عن الفحشاء والمنكر ليست سوى عادة من العادات وليست عبادة ...
الصلاة الحقيقية هي تلك الصلاة التي تغير سلوك المرء فتنظم أوقاته وتعلمه الالتزام بمواعيده وتكون معينا له لتطهير قلبه من كل شائبه ...من كل ما يغضب الله وسينعكس ذلك على سلوكه اليومي وتعامله مع الناس بكل تأكيد...

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الصمت عار

فيلم Alpha

الكرد في اليمن، دراسة في تاريخهم السياسي والحضاري 1173 - 1454م لدلير فرحان إسمايل