جرت العادة قبل رمضان في صنعاء تبدأ عمليات التنظيف الشامل والكامل للبيت والحوش والمخزان...
يأتي رمضان وللبيت روائح منعشة...
النظافة عادة يومية في البيوت ...لكن قبل رمضان وقبل الأعياد وبعض المناسبات تكون النظافة شاملة تطال كل شيء بالغسل والمسح والتخبيط والتنفيض ...
تذكرت هذا وأنا أغسل اليوم الثلاجة ...
شهر كريم ومبارك لكم جميعا
*****
هل يأكل الناس كميات أكبر من الطعام في رمضان؟
أم أن أصناف الطعام تتغير ؟
هناك من يرى أن بعض الأطعمة تسبب العطش وهكذا يتجنبها الناس في رمضان مثل الأصناف البحرية...
في صنعاء وجبات الأسماك وغيرها من الأصناف البحرية هي نادرة على المائدة الصنعانية ...
لأن صنعاء مدينة جبلية بعيدة عن البحر وطعامه...
وهناك أصناف من الطعام لا تظهر سوى في رمضان...
الشراب التقليدي هو القديد وشراب الزبيب...
المائدة الرمضانية في اليمن متنوعة لأن كل منطقة لها تفضيلاتها...
في صنعاء تحتاج قبل رمضان إعادة تموين للمطبخ : البهارات والحوايج ابن آدم ضعيف ينقص نوع معين ويخرب الطعم ...
لذا تزدحم الأسواق خاصة في الأسبوع الأخير من شعبان وكأن العرب والمسلمين لن يأكلوا إلا في هذا الشهر ...
كم من الناس لايخرجوا للشراء والتموين قبل رمضان؟
على كل حال ...ما هي أكلاتكم المفضلة في شهر رمضان؟


(يوميات شهر رمضان٢)
الشفوت أبرز وأهم طبق على مائدة رمضان في صنعاء وبه تبدأ المائدة...
هناك من يفضله مع السلطة أو مع الرمان وهناك من يحبه مع الحامضة
وهناك من يرى أنها أجمل مع المرق ...أو مع الزحاوق...
الشفوت يصنع من خبز اللحوح واللبن المحوج بالكبزرة (الكزبرة )، والنعنعة ( النعناع)...
اللحوح تقريبا موجود في كل مناطق اليمن مع اختلافات بسيطة ...
ربما أجمل نوع هو لحوح حجة ...
ويعرف في المغرب بالبغرير...
وفي أثيوبيا يسمى أنجيرا....وفي أثيوبيا يفضلونه بمذاق حامض....
ورغم وجود اللحوح على مدار السنة لكن في رمضان لابد أن يزين المائدة ..
تغيرت طرق تحضير اللحوح مع تغير الزمن ...
من قبل كان يحضر باستخدام الصلى ( مع تشديد اللام) وهو وعاء خاص ...لكن اليوم تستخدم طاوة (مقلاة) التيفال أو ما يشبهها من ماركات أخرى لهذا فقدت اللحوحة النكهة الأصلية كما حدث لكثير من الأمور في حياتنا...
بائعات الملوج والخبز واللحوح في منطقة القاع متواجدات طوال العام ...
وفي هذا الزمن اتجهت بعض ربات البيوت لطلب اللحوح إونلاين بدلا من مشقة التحضير ...
صوما مقبولا وذنبا مغفورا...
(يوميات شهر رمضان٣)
لرمضان مشروبات خاصة ارتبطت به في كل بلد عربي ..
في اليمن وخاصة صنعاء هناك الشراب الأشهر:
القديد
والذي يصنع من البرقوق أو المشمش المجفف...يضاف له السكر والماء ويغلى لفترة ...ويشرب باردا
وشراب الزبيب ..زبيب أسود أو الأشهر الزبيب الأبيض...
هناك شراب الشعير والكركدية أيضا ...
والمشروبات الصناعية المستوردة مثل التانج والسن كويك وماء الورد والفيمتو عادة تقدم في العيد ...
الخشاف مشروب رمضاني جميل...ينسبه من لديهم هوس بأن أصل كل شيء في البلاد العربية التركية لذا ينسبوه لتركيا للدولة العثمانية أو لإيران ...
لكن هل من يزور تركيا أو إيران يجد الخشاف هناك معروف؟
على كل حال ظهور الخشاف في البلاد العربية في فترة الدولة العثمانية لا يعني أنه تركي مثل الحلويات العربية التي عرفها العرب من قبل عصر آل عثمان ...
الخشاف مشهور في المطبخ المصري وهو مشروب رائع ...منقوع فواكة مجففة ويمكن الاستغناء عن إضافة السكر ...ويحتاج الأمر لملعقة طبعا ...
صوما مقبولا وذنبا مغفورا...
(يوميات شهر رمضان ٤)
******
مائدة رمضان لا تكتمل إلا بالحلويات...
رمضان من غير حلى مش رمضان...
أشهر الحلويات: الرواني والشعوبيات والقطايف والكنافة والشعيرية والبسبوسة والمحلبية البيضاء ومحلبية الكاسترد والكاسترد...
الشعوبيات لا يعلى عليها هي الأجمل ...
محلات بيع الحلويات تنشط في رمضان وتبيع المشروبات عادة مثل القديد والزبيب ...
لكن ربات البيوت المشحوطات يجهزن الحلويات في البيت ..
وممكن تتنوع الحلويات عندما يتم ارسال جزء من الحلاوى للجيران فتأتينا أنواع أخرى ...
صوما مقبولا وذنبا مغفورا...
(يوميات شهر رمضان ٥)
رمضان شهر العزائم دون منازع ...
حسب حجم الأسرة يكون عدد العزومات فيها...
ولأنه شهر الخير والبركة لابد من عزومة المكالف ...كل نساء العائلة ...البنات المتزوجات والأخوات والعمات ...وبعض الأهل لايرون بعضهم إلا من رمضان إلى رمضان...
صحيح أنا لم اجرب هذا النوع من العزومات من جانب عائلة أبي رحمه الله فلم توجه لنا منهم أي دعوة...
لكن عرفناها من جانب أهل أمي عم أمي رحمه الله خالي عافاه الله ومن عليه بالشفاء وجدي رحمه الله ...
وبعد زواجي عائلة زوجي لم يفوتوا العزائم عام واحد حتى وفاة كبير العائلة ...فتغيرت الأحوال .
ودوام الحال من المحال...
وإضافة لعزومة المكالف هناك عزومة الأصدقاء والأنساب ...
فتضاف لصفات رمضان شهر العزومات والضيافة والموائد العامرة بكل ما لذ وطاب ...
صوما مقبولا وذنبا مغفورا...
(يوميات شهر رمضان ٦)
****
رمضان شهر القرآن ...
هناك من يتسابقوا لختم القرآن أكثر من مرة في رمضان ...
لا ادخل هذا النوع من السباقات ...
لأن قراءة التدبر والفهم لل علاقة لها بمرات ختم القرآن...
ولهذا لا نجد أثر للقرآن في سلوكيات الناس وتعاملاتهم رغم عدد الختمات...
وتكرر السؤال لتتأكد أننا نفعل ذلك ...
كل منا يمسك مصحفا ويقرأ لروح أبي...
تلك قراءة مميزة لأنني كنت أستحضر أبي وأشعر أنه معنا ...
في شهر القرآن اعتدنا سماع صوت المقرئ القريطي رحمه الله قبل أذان المغرب ...
والمقري عامر قبل الفجر ...
بعد شيوع المسلسلات المخصصة لرمضان هل لايزال الناس يملكون الوقت لقراءة القرآن...
صوما مقبولا وذنبا مغفورا...
(يوميات شهر رمضان ٧)
****
الشوربة أو الحساء طبق مهم على مائدة رمضان...
عادة لا نتناول طبق الشوربة إلا برمضان...
أشهر شوربة هي شوربة الحب ...التي تتكون من الجشوش أو مجروش القمح يسلق ثم يضاف له الحليب ويزين الوجه بالبصل المحمر بالسمن أو الزبدة ورشة فلفل أسود فتملأ رائحة الحساء المكان...رائحة شهية ومميزة...
البعض يفضلها أيضا على مائدة السحور...
هناك شوربات أخرى مثل شوربة الخضار مع اللحم أو الدجاج ومع إضافة الجشوش أو الشعيرية المحمرة....
أو شوربة الجشوش مع اللحم والطماطيس ( الطماطم كما نسميها في صنعاء)....
أي نوع شوربة تفضلون في رمضان؟!
مقبولا وذنبا مغفورا...
(يوميات شهر رمضان ٨)
*****
شهر المسلسلات أقصد رمضان ...
هو شهر المسلسلات لأن المسلسلات تعد خصيصا لهذا الشهر ...
فهناك من يجلس أمام الشاشة لمتابعة الحكايات والقصص المتنوعة للصراعات العائلة كما يبدو من الإعلانات فأغلبها فيها صرخ وعويل وخيانات ...
حكايات تمتلئ بالاثارة والغموض والعنف ...
قبل التلفزيون كانت أيضا ليالي رمضان هي ليالي السمر لسماع الحكايات من الحكواتي من يملك في جعبته عدد لا ينتهي من الحكايات ...
فتبدأ حكايتها عادة بالصلاة على النبي:
يا مصليين على النبي، كان به واحد وما واحد إلا الله ...
وعندما تنتهي الحكاية...تنهيها بالعبارة المعهودة:
ولو كان بيتنا قريب لاديت لكم غطاء زبيب...
وفي طفولتي كنت أتمنى أن تحازينا واحدة بيتها قريب لنستمتع بزبيب الغطاء ...خاصة لو كان زبيب بياض، يا طعماه.
من الحزاوي التي علقت في ذهني، حكاية البنت التي ماتت أمها...وكانت زوجة الأب شريرة وكذلك ابنتها.
تركن الفتاة بين المطر والبرد لبيع شيء ما...فتأتي ساحرة متنكرة بهيئة عجوز فقيرة فتعطف عليها الفتاة...
وتكافئها الساحرة بطريقة عجيبة: إذا ضحكت يتناثر الورد من فمها وإذا بكت تتناثر حبات اللؤلؤ من عينيها...
من يعرف الحكاية ؟
مقبولا وذنبا مغفورا...
(يوميات شهر رمضان ٩)
اعتاد الناس في شهر رمضان في صنعاء الخروج للدورة ...
فتجهز الأمهات فطور وعشاء رمضان بدري تقريبا على وقت العصر ...
وتخرج الأسرة بالسيارة للدورة ...دورة رمضان كانت جزء مهم ...
الدورة أو الفسحة تكون عادة لضواحي صنعاء :
إلى عصر باتجاه طريق الحديدة ...أو باتجاه حدة ..باتجاه الوادي يكون الجو ساعتها قبل الغروب برود وجمال الله يسكنا الجنة قلوا آمين...
رحلة العودة تكون مغامرة غير عادية، لأن أغلب سكان المدينة خرجوا دورة...
وقبل المغرب بنص ساعة أو أقل الجميع يريد العودة للبيت قبل أن يقرح المدفع ويبدأ أذان المغرب ...
فيبدأ التوتر وتحرق الأعصاب والبعض ينسى الغاية من الصيام ويبدأ بالسب والشتم وجني لنا جني عيكبر المغرب واحنا هنا ...يا جني أخر من الطريق...
وفي اليوم الثاني سيتكرر الخروج للدورة فيكون وقت الخروج لحظات من الحماس والسعادة وعند العودة المشهد مختلف ...
في حياة والدي رحمه الله كنا نخرج دورة بسيارة اللاند روفر ذات اللون الأخضر الفاتح ...
هل لا يزال أحد يخرج دورة؟


