هل يحق للإنسان أن يطلق على مولوده الجديد الاسم الذي يختاره هو؟
ماذا يحدث إذا رفضت السلطات الاسم الذي تختاره لابنك؟
لماذا نختار اسم بعينه ؟ هل للأسماء دلالات مهمة أم أنها كما يقال في التعبير الشعبي مجرد خطام؟
بطل الرواية مسي هو الطارقي أو الأمازيغي الذي ينتقل إلى المدينة...ويذهب لاستخراج شهادة ميلاد لابنه الذي يختار له اسم يوجرتن....
مسي يعني مولاي ويوجرتن يعني البطل الكبير في لغة الأمازيغ....وهما اسمان لهما دلالة عميقة في تاريخهم ووصايا أسلافهم
تبدأ مأساة الرواية برفض موظف السجل المدني تسجيل اسم المولود يوجرتن... بحجة أنه:
"اسم ليس منا، بلسان ليس من زماننا، لإنسان ليس من زماننا" وأنه اسم وثني غير مُدرج في لائحة الأسماء المنزلة.....
وجود
لائحة منزلة للأسماء أو لائحة بالأسماء المسموح بها يثير التساؤل بحجم
تدخلات السلطة في خصوصيات الناس وتفضيلاتهم وأسباب ذلك التدخل؟
هي نقطة تستحق الوقوف عندها لأنها نقطة جوهرية في الرواية ...
رغم
رفض الموظف للاسم الذي اختاره مسي لابنه إلا أنه يصر على ذلك الاسم وهكذا
تنطلق رحلة بطل الرواية في دوامة إدارية بيروقراطية وعنكبوتية محفوفة
بالانتظار واليأس... في محاولته لإثبات حق ابنه في اسمه... وهو ما يوازي
التمسك بـ الهوية والتاريخ.
تصرفات الموظف تذكرنا بمشكلة تعامل المواطن في أغلب الدوائر الحكومية حيث يصبح المواطن ضحية لموظف يفرغ فيه كل احباطاته وعقده !!!!
دون تسجيل الاسم رسميا لا يكون للشخص وجود قانوني في البلد ...
فالمدرسة ترفض تسجيل الطفل ...
دون أوراق ثبوتيه يصدرها السجل المدني يكون الإنسان شبحا لا أحد يعترف به ولا حقوق له ...
تتدهور العلاقة بين الأب والابن الذي يلوم أباه على هذا الاسم الغريب الذي لم ترض عنه السلطات...
من المنطقي أن يتحول الابن لخارج عن القانون وينضم لجماعة تتبنى العنف وتخطط لنسف مبنى السجل المدني ...
فهل السلطات هي من تفرخ الجماعات العنيفة والخارجة عن القانون ؟
تنتهي الرواية بطريقة مأساوية مفاجئة عندما يقتل الأب ابنه....
الرواية تناقش أزمة الهوية والانتماء ...ومعضلة التنوع في البلد الذي لا تعترف به السلطات...
السلطات
تريد لون واحد وتعمل على طمس بقية ألوان الطيف أو التنوع في المجتمع
العربي ... والرواية تركز على واقع الشعب الامازيغي أو الطوارق في ليبيا...
ترمز الرواية إلى الفناء المحتوم لشعب تحول السلطات بينه وبين ثقافته ومن تلك الثقافة الأسماء وكل ما له صله بالثقافة ...
يشعر
القارئ كأن الرواية صرخة يائسه تعكس استسلام هذا الشعب لقدر محتوم يهدد
بإنهاء ثقافته واندثارها والتي جاءت في الرواية بمشهد مقتل الابن الذي يمثل
اندثار ثقافة ذلك الشعب بين الأجيال الجديدة التي لا تعرف الكثير عن ثقافة
الآباء والأجداد وصعوبة الصراع بين الاقليات والسلطات للحفاظ على
هويتها...
في الرواية الصحراء هي رمزية النقاء والحرية والتاريخ وثقافة الأجداد ووصاياهم والهوية الأمازيغية...
المدينة هي رمزية السلطة والقهر والبيروقراطية والاستسلام وضياع الهوية والواقع الحاضر
اللائحة المنزلة للأسماء ترمز للقانون الجائر والسلطة القامعة وصهر الهويات وطمس أي إختلاف ...
في
الرواية يستعين الكاتب بمرويات ونصوص من الكتاب المقدس وقصص الأنبياء
وخاصة ابراهيم مع ابنه الذي هم بذبحه لكن الملاك يأتي منقذا للابن ...
وهنا يأتي عنوان الرواية الذي يذكر الملاك ويتساءل عن حقيقته...
الرواية عمل عميق يناقش قضايا سياسية واجتماعية تتعلق بحقوق الأقليات في المجتمعات العربية
معتمدا على لغة أدبية جميلة تمزج بين الحدث الواقعي والترميز الفلسفي
ليعبر عن عمق الاغتراب والتهميش الذي يعانيه الإنسان الذي يفقد اسمه...يفقد
حرية الاختيار ... فيفقد بذلك وجوده وانتمائه في نظر السلطة.
عالم الأحلام
” قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون..”
عالم الأحلام
” قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون..”
عن عالم الأحلام
- أحلام يحيى جحاف
- أحلم بعالم يسوده السلام والحب والقبول بالتنوع الجميل الذي يمثله البشر من كل الجنسيات والأعراق.
