الجزء الثالث من الرواية يحتوي على الأبواب من السابع حتى التاسع....
هذا الجزء يشكل ذروة الصراع النفسي والفلسفي...حيث . تتكثف المواضيع الرئيسية في الرواية:
الإيمان والإلحاد والحرية والمسؤولية الأخلاقية والذنب والمعاناة....
الباب السابع يحمل عنوان: أليوشا...هنا ترصد الرواية لحظة انهيار الإيمان ... لحظة صدمة أليوشا ومظاهر الانهيار النفسي والروحي لأليوشا وهو الشخصية التي تمثل الإيمان النقي والرحمة....
تحدث وفاة الراهب الأب زوسيما وصدمة تحلل جسده وانبعاث الرائحة الأمر الذي شكل صدمة هائلة للمؤمنين الذين كانوا يتوقعون حدوث معجزة أو عدم تحلل الجسد كما يظن
الجميع أنه يحدث عادة للقديسين.
فيواجه أليوشا لحظات قاسية تهز إيمانه....
فيبتعد عن الرهبنة وتحت تأثير الصدمة يقع تحت تأثير أفكار الآخرين ...خاصة الأفكار المادية والمُتشككة.
ترتبط عادة الأديان بالكثير من المعجزات ولكن ماذا يحدث عندما تنهار تلك المعجزات؟
هل يضيع الإيمان أم ينبعث إيمانه حقيقي يقوم على الفهم الحقيقي للدين وغاياته بعيدا عن أفكار البسطاء!!!
الباب الثامن بعنوان ميتيا وهو الابن الأكبر من الإخوة كارامازوف....
يركز هذا الباب على الدوافع الداخلية والأحداث التي سبقت لحظة القتل المباشر... ويصوّر تخبط ميتيا وفوضاه العاطفية والمالية....
يبرع دوستويفسكي في تصوير مشاهد الصراع الذي يعيشه ميتيا وكيف يجد نفسه في مأزق رهيب....
إنه مدين لخطيبته السابقة كاترينا إيفانوفنا بمبلغ كبير ويحتاج بشدة إلى المال للهروب مع عشيقته جروشينكا....
هذا الضغط يدفعه إلى تصرفات حمقاء ... ويزيد من حدة كراهيته لوالده الذي ينافسه على جروشينكا.
بتابع القارئ تفاصيل تصرفات ميتيا الذي يفقد القدرة على التحكم بأفعاله وهو يخشى أن يفقد جروشينكا خاصة عندما يعتقد أنها قد تكون في منزل والده...
ويأتي مشهد ضربه للخادم جريجوري الذي يحاول منعه من الدخول للبيت....
كل هذه اللحظات الحمقاء ستتراكم لتصبح أدلة تدينه في حادثة قتل لم يرتكبها .
في ذروة يأس ميتيا يقرر أن ينتحر ...
عندما يلتقي بجروشينكا بعد أن لحق بها يتجهزان لقضاء ليلة صاخبة مع آخرين ويقرر أنه سيطلق النار على نفسه في الصباح.
الباب التاسع: التحقيق التمهيدي
في هذا الباب الدرامي يتغير فيه مصير ميتيا وتنتقل أحداث الرواية من الصراع النفسي الداخلي إلى الواقع القاسي للعدالة البشرية....
يتهم ميتيا بقتل والده...
بعد العثور على الأب فيودور مقتولا توجه أصابع الاتهام على الفور إلى ميتيا بسبب تاريخه العنيف...وتهديداته العلنية لوالده ...وصراعهما على المال والمرأة.
يبدأ التحقيق مع ميتيا ويقوم المحققون بعملية التحقيق والاستجواب في النزل حيث كان ميتيا مع جروشينكا.
يصر ميتيا على براءته من القتل..... ويروي قصته حول كيفية حصوله على المال الذي أنفقه لكن المحققين لا يصدقونه...وهنا المشكلة عندما يصبح الشخص متهما وحيدا وتشير كل الأدلة ضده رغم براءته حيث يسير التحقيق حول إثبات التهمة وإهمال أي إشارة لبراءته...
والخلاصة المأساوية....أن الأدلة الظرفية التي تترابط لتؤكد التهمة بشخص بريء مثل تهديداته...صراعاته...وجوده في المنطقة... واعترافه بتوقه للقتل...والمال الذي أنفقه...تتراكم جميعها ضده لتثبت التهمة.
المحققون بدورهم مستندين إلى التحليل النفسي لشخصيته المندفعة والشهوانية يذهبون دون دليل مادي إلى أنه هو القاتل...
يتم اعتقال ميتيا بتهمة قتل والده... وهي النقطة التي تحول ميتيا من فوضوي عاطفي إلى شهيد للمعاناة التي لم يكن مسؤولا عنها بالكامل ولكن كل ذلك يدفع القارئ للتفكير عن حقيقة العدالة وكيف يتم التعامل مع من تشير إليه الأدلة بأنه هو القاتل رغم براءته وكيف يتجاهل الناس الحقائق ويسيرون في تأكيد التهمة على شخصية بريء لأسباب كثيرة ...
كيف يشهد من لا يعرف شيئا...
كيف يؤكد التهمة من لا علم له بما حدث !!!!
لماذا يتصرف الناس بهذه الطريقة الغريبة ويتسببون بتدمير إنسان لم يسيء اليهم؟
