قراءة في كتاب : شاهد على اليمن، أشياء من الذاكرة لأحمد جابر عفيف


 
الكتاب هو شهادة على عصر الكاتب، يتذكر فيه الكاتب جزء من طفولته وشبابه وانتقاله إلى العاصمة صنعاء بحسب طلب من وزير المعارف سيف الإسلام عبد الله بن الإمام يحيى...الذي طلب من إدارة معارف الحديدة اختيار مجموعة من طلاب تهامة ليصعدوا إلى صنعاء بغرض الزيارة ...
تلك الزيارة تترك أثر كبير في نفس الكاتب  ويحن للعيش في صنعاء بعد عودته لبيت الفقية ...
من اللفتات الجميلة في كتب المذكرات أن يأخذنا الكاتب  في رحلة عبر الزمن إلى الماضي الذي لا نعرفه فنحاول رسم ملامح واضحة لأهل ذلك الزمن، ونتلمس معاناتهم، ونشعر كأننا هناك معهم ...
قليلة هي الاخبار عن طفولة الكاتب وحياته قبل أن يستقر في صنعاء ...
ربما بسبب طبيعة كتابة الكتاب...فالاستاذ أحمد جابر عفيف رحمه الله تم اقناعه بأن يسجل ذكرياته على اشرطة كاسيت فهز يسرد ما يتذكره وبعدها تمت عملية نقل ذلك إلى الكتاب ...
الرجل شخصية ليست عادية...رجل اهتم بعملية التحديث في اليمن، تولى منصب وزير للتربية، ناضل لبناء جامعة صنعاء،  كون النادي الأهلي،  له مؤسسة ثقافية رائدة مؤسسة العفيف الثقافية،  وكم من الشخصيات اليمنية التي لها اسهامات ثقافية كهذه ؟

فكر في تأسيس دار مأرب للطباعة والنشر لتنافس دور النشر العربية الشهيرة...ولكن يشرح العقبات التي حالت دون ذلك...
بنى مدينة حدة السكنية ليساهم في حل مشكلة الموظفين ...
هذا جزء من انجازات الرجل رحمه الله...

حارب القات ومؤسسة يمن بلا قات من أفكاره العملية ...
ينتقد بشدة من يحاولون تجميد الحياة في اليمن ويقفون سد منيع في وجه التغيير والتحديث ...
يرصد الكثير من الملاحظات غير الصحية في التصرفات والأوضاع...فعلى سبيل المثال يستغرب كيف يتصرف اليمني بطريقة طبيعية ويمارس كافة الاعمال خارج اليمن ، لكنه يستنكف عن ممارسة أي عمل في بلده ويتصرف باستهتار ويغسر ذلك بأن حكام اليمن سحقوا الإنسان وسدوا أمامه المنافذ...وأظنه يقصد الحكم في الماضي وبعد الثورة...

رأيه في الانتفاضات والثورة يستحق الوقوف عنده طويلا ...فهو يرى:
 " أنه لم يكن هناك ثمة تخطيط دقيق ومنظم وإنما كان الحماس والتبرع اللذان يدفعان إلى مبادرات فيها البطولة وفيها قدر من الارتجال".
رأيه أيضا في الرئيس إبراهيم الحمدي يستحق الوقوف عنده كثيرا ...ويشير إلى استقالة الأستاذ أحمد دهمش دون أن يذكر تفاصيلها ...

يرصد مظاهر الفساد لكن للأسف لا يذكر أسماء ...يضع تلميحات فقط ...
كثير من القصص التي يستشهد بها لا يذكر تفاصيلها بل يكتفي بالقول وهي قصة معروفة للجميع ، رغم ان القصة المعروفة للجميع في فترة لا يعرفها من يقرأ الكتاب ...

في صفحة 38 وهو يذكر كيف تم استقبالهم في الأربعينات وهو في المرحلة الابتدائية ...استقبلوهم في الحديدة قبل سفرهم لصنعاء يذكر كيف فصلوا لهم ملابس جديدة موحدة، وعلموهم..." طريقة اللباس وطرق الأكل وخاصة كيف نمسك بالملعقة والشوكة والسكين.."

الكتاب لا يعطي معلومات كافية عن الأستاذ أحمد جابر العفيف رحمه الله ، وتمنيت لو أن من اشرفوا على الكتاب يومها استوضحوا معلومات أكثر من الرجل ...
الكتاب برأيي يحتاج إعادة كتابة وترتيب للأحداث...أو وضع تواريخ لكثير من الأحداث ...
الكتاب يجعل القارئ يشعر فعلا  انه يستمع لشخص يروي من ذاكرته لمحات من حياته ...من هنا ومن هناك ...

فيذكر مثلا انه كان يرى اشخاص بلباس غريب يجوبون الشوارع في طفولته وعرف فيما بعد انهم من أفراد الجيش السعودي الذين دخلوا بيت الفقية عام 1934...
وقد يعود للحادثة نفسها مرات، وتغيب كثير من التفاصيل ...
أفرد الكتاب الفصل السادس عشر  لوثيقة العهد والاتفاق بين أطراف القوى السياسية وهي النسخة الاصلية كما جاء في الكتاب مع توقيعات للجان الحوار ...
وهناك عدد من الصور للكاتب من سنوات مختلفة وينتهي الكتاب بوصية الأستاذ العفيف رحمه الله ....
في كثير من الصفحات يركز وبشدة على قضية تقدم اليمن...وضرورة احداث نقلة جذرية للتركيبة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية في اليمن...
رحمه الله، ونحلم أن تتحقق

 أحلامه يوما فهو غرس بذرة صالحة وجيدة ...

 

 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الصمت عار

فيلم Alpha

الكرد في اليمن، دراسة في تاريخهم السياسي والحضاري 1173 - 1454م لدلير فرحان إسمايل