اليوميات أدب متميز في قيمته الوصفية والتسجيلية  والسرية....
هي سجل للتجربة اليومية...
هناك من يملك ثقافة كتابة اليوميات كطقس يومي، يكتب كل ما يحدث له في يومه ويسجل مشاعره وأفكاره الحرة حول ما يحدث...
وبالطبع، هناك فرق بين المجتمعات التي يمتلك الفرد فيها سقف حرية مرتفع؛ فيعبر عن مشاعره وأحلامه ومخاوفه بحرية دون خوف مما يكتب وما يترتب عليه من إحراج للأهل والأصدقاء وما هو موقف الجهات الرسمية مما كتب!!!!
في ثقافتنا العربية هناك ثقافة الستر...
استروا ما ستر الله
لدرجة التستر حتى على الجاني والجلاد والطاغية والمغتصب والقاتل...
غياب الحرية ووجود تلك التابوهات الشهيرة...تساعد على التكتم وتقييد الفكر والقلم...
سلطة المجتمع قوية ويتعرض الكاتب للسخرية والاستهزاء بعدد الحروف التي كتبها...
ناهيك عن القراءة المتربصة لما يكتبه العربي وتلك الاسئلة خاصة عندما تكتب الأنثى...
فيخلط القارئ غالبا حتى بين شخوص الرواية وشخصية الكاتب...
ولا يفرق بين الأجناس الأدبية ...وهناك من يقولها صراحة بأن المناخ في مجتمعاتنا غير مهيأ بعد لكتابة أدب اليوميات...
خطر كل هذا ببالي قبل أن اقرأ الكتاب ...
وعندما وجدت بأول صفحة تحت عنوان تنويه: " أي تطابق في أسماء شخصيات الرواية، أو أماكن وقوعها مع الواقع، هو -بالتأكيد- مصادفة غير مقصودة"
الكتاب يمر سريعا بالقارئ ليعيش مشاعر الخوف التي تدفع المواطن العراقي المحب لبلده ليغادر البلاد ...
لا نعيش كثيرا مع اليوميات ...لأن الكاتبة انتقت من يومياتها صفحات محددة ترسم صورة البلد بعد الغزو الأمريكي والاغتيالات اليومية للأطباء وغيرهم الأمر الذي دفع كثير منهم للمغادرة ...
نعرف كيف تتحول الأوطان العربية لمسرح للفوضى التي يبدو أنها مرسومة بدقة ...فتتحول الأوطان لحسرة في القلوب ...
لفت انتباهي تشابه بعض التعبيرات اللغوية في اللهجة العراقية مع ما نستخدمه في اليمن خاصة بصنعاء مثل مناداة أم الزوج بالعمة...
واستخدام لفظ باغة للمواد البلاستيكية 
ووجود أصحاب العربات أو العربيات التي يقودها فتية صغار في السوق..
وتناول خبز التنور الحار    
والبسطة في السوق...
وحقيقة تولي صدام حسين الحكم في عام 1979... واندلاع الحرب مع إيران في عام 1980، وبداية تأزم الحالة الاقتصادية في العراق  وكأن صدام حسين جاء لدور محدد...
وتشير الكاتبة كيف تغلغلت الطائفية في المجتمع العراقي واستنكار الناس لذلك:
"حتى انتخابات النقابة ما سلمت من الطائفية يا أميرة. هناك تلگون قوائم بألوان مختلفة، تميز المرشحين، مؤهلاتهم العلمية، خلفياتهم السياسية والأحزاب المنتمين ألها، وبعدين تجي أسئلة غبية عن الاتجاه الديني والطائفي الهم وإلنا، شنو علاقة الاتجاه الطائفي بشغل النقابة. كافي بعد ما إلنا عيشة بهذا البلد"
يشعر القارئ بالحزن لأنه يقرأ واقع يعرفه ويعيشه،  فالموضوع ليس قصة خيالية بل واقع محزن ومخيف...ويبدو أن كثير من تفاصيله تتشابه في البلدان العربية....

