إخفاء العمر عند الرجال والنساء


إخفاء العمر لدى الأسلاف لم يكن ديدن المرأة وإنما هو مما يستحب للرجل ، نعم للرجل وليس للمرأة !!!
فهاهما بيتين من الشعر العربي القديم تقريباً ، لابن الجوزي ، وهما على شكل وصيّة أو نصيحة للرجل :
احفظْ لسانك ﻻ تبحْ بثلاثـةٍ            سنٍّ ومال ما استطعْتَ ومذهبِ
فعلى الثلاثة تُـبتلى بثلاثــةٍ            بمُكــفِّــر و بحاســــدٍ و مُكَــذِّبِ
هنا نلاحظ إباحة إنكار العمر الحقيقي بنصٍّ جذوري قانوني عُـرْفي ، والمنكِـر لا يُـنْـكَـرُ عليه أبداً !
 
قال ابن الجوزي في صيد الخاطر :
(وكتمان الأمور في كل حال فعل الحازم ،
فإنه إن كشف مقدار سِـنِّه استهرموه ( رأوه هرماً ) إن كان كبيرا، واحتقروه إن كان صغيرا، وإن كشف ما يعتقده ( يقصد مذهبه وملّته ) ناصبه الأضداد بالعداوة ،
وإن كشف قدر ماله استحقروه إن كان قليلا، وحسدوه إن كان كثيراً) ، ثم ذكر البيتين من الشعر ...
 
و قال ابن بشكوال (المتوفى: 578 هـ) في كتابه الصلة في تاريخ أئمة الأندلس ص 326 :
وقرأت بخط أبي الحسن بن الإلبيري المقرىء قال:
سألت القاضي أبا زيد عن سنه؟ فقال:
لا أعرفك بسني، لأني سألت أبا عبد الله محمد بن منصور التستري عن سنه فقال:
ليس من المروة أن أخبرك بسني، فإني سألت شيخي عبد الله بن عبد الوهاب الأصبهاني عن سنه فقال:
ليس من المروة أن أخبرك بسني، فإني سألت شيخي أحمد بن إبراهيم بن الصحاب عن سنه. فقال:
ليس من المروة أن أخبرك بسني، فإني سألت المزني عن سنه فقال:
ليس من المروة أن أخبرك بسني، فإني سألت الشافعي عن سنه. فقال:
ليس من المروة أن أخبرك بسني، فإني سألت مالك بن أنس عن سنه. فقال لي:
ليس من المروة أن أخبرك بسني. إذا أخبر الرجل عن سنه، إن كان كبيرا استهرم، وإن كان صغيرا اسـتـحـقـر.
وقرأت البيت الثاني منهما على النحو التالي :
فعلى الثلاثة تبتلى بثلاثـــةٍ                  بممــوِّه ومخـرِّف ومكــذِّب
 
وروى ابن العماد الحنبلي في شذرات الذهب قصة البيتين على نحـوٍ ممٍاثل ،آخـر قال عند ترجمة القاضي ابي عبد الله المقّـري( ت 761 هـ ) أن ابا الحسن بن مؤمن سأل أبا طاهر السِّـلفي عـن عُمُره فقال له :
أقبلْ على شأنك ، فإني سالت ابا الفتح بن رويان عن سِـنِّهِ فقال :
أقبل على شأنك فإني سألت علي بن محمد اللبان وهو سأل أبا القاسم حمزة بن يوسف السهمي ، وهو سأل أبا بكر محمد بن عدي المنقري ، وهو سأل أبا اسماعيل الترمذي الذي سأل الشافعي ، والشافعي سأل الامام مالكاً بن أنس الاصبحي ، إمام دار الهجرة ، فقال :
أقبلْ على شأنك ، ليس من المروء ة للرجل أن يخبر عن سنِّه ، وأنشد لبعضهم البيتين المذكوريْن آنفاً .
 
وتعليقنا هنا بلغة الجذور :
جواز الانكار انما لعلّــة شرعية ، خلال الفتن وما شابهها ، وحين يرى الرجل ان اعلانه لبعض خصوصياته يشكل خطرا عليه ، وهو للرجل خاصة ، وليس للمرأة ..( لا حظوا العنصرية يحق للرجل دون المرأة)
إذن يبقى التدليس إنْ فَعَـلَـتْـهُ المرأةُ مُحَـرّما ً، ولا مبرر له إطلاقا ، وهو يُصَـنَّـف في دائرة الــ :
الكذب ،
الزور ،
المَـيْـن ،
الإفتراء ،
الإفـك
السّـمّـاهـى , ..... وغيرها من المسميات...
:
:
الآن بذمتكم هذا كلام ناس عاقلين ...
 

المرأة وصناعة السلام

هل اختفى السلام من حياتنا لأن المرأة أختفت من الحياة العامة واقتصر دورها في الغالب على ممارسة دور الزوجة والأم؟ 

يبدو أن الحياة لا تستقيم عندما يتصدر المشهد جنس الذكور فقط، الحياة تستلزم أن يلعب كل من الجنسين دوراً في هذه الحياة، لأن أدوار النساء والرجال هي في الأساس تكاملية على هذا الكوكب. 

 من منا لم يسمع بالمثل الشعبي الشهير: " لولا سعيدة لبيت ردم مازد بقي ردمي" ... قصة المثل تحكي عن امرأة حكيمة تدعي سعيدة، كانت تعيش في منطقة بيت ردم، وحدث ذات يوم أن اختلف رجال القرية وتطور الأمر للمواجهة بالاسلحة، لكن سعيدة شعرت بالقلق لعلمها أن القتال بين الطرفين سيؤدي لا محالة لمذبحة عظيمة، فقررت أن تحول دون وقوع ذلك، فصرخت محذرة لقومها بأنها رأت عسكر الترك يقتربون من القرية، فخاف الرجال على حياتهم من تعسف عساكر الترك فتفرقوا، وبهذه الحيلة أنقذت سعيدة حياة رجال قرية بيت ردم، أدرك أهل القرية ماقامت به سعيدة...فخلدوا ما فعلته تلك المرأة الحكيمة وصانعة السلام بمثل شعبي ...

شاع ذلك المثل حتى يومنا، ولم يكتف أهل القرية بذلك بل أطلقوا اسمها على بئر شهيرة في القرية لاتزال تحمل اسمها تكريما لها لأنها أنقذت رجال القرية من نشوب معركة محتملة. نعم المرأة هي صانعة السلام، لأنها بطبيعتها تنفر من القتال والحروب. وبحكمتها تستطيع أن تجعل السلام واقعا معاش.

 وتذكر لنا آيات القرآن الحكيم قصة صانعة السلام، رغم أنها تملك جيش قوي على استعداد لخوض المعارك بإشارة منها لكنها فضلت السلام، إنها ملكة سبأ التي لم تتعامل مع تلك الرسالة التي وصلتها من الملك سليمان بغرور وتعال، ولم تورط جيشها في حرب لا يعلم إلا الله عدد ضحاياها. بل تعاملت مع الأمربحكمة. هل يحق لنا أن نتساءل، ماذا لو كان مكانها ملك رجل كيف كان سيتعامل مع رسالة الملك سليمان؟ لكننا أمام ملكة تستشير قومها، ولا تستسلم لإغراء العظمة والاستبداد بالرأي، وتقنع قومها بنبذ الحرب رغم قوتهم واستعدادهم العسكري لمواجهة أي تهديد، وتفضل أن تتعامل مع الأمر بكثير من التروي والحكمة. 

ولكن ذلك المجتمع الذي حكمته امرأة هل يشبه مجتمعنا اليوم؟ 

نستطيع أن نسترسل في التساؤلات أكثر:

أي مجتمع هذا الذي يسمح للمرأة أن تحكمه، نعم، أي مجتمع هذا؟ 

وأي ثقافة تحكم هذا المجتمع؟ قد يقول قائل، نحن نعيش في مجتمعات تحكمها العقلية الذكورية التي تنظر للمرأة بدونية، وترى مكانها الطبيعي في الصفوف الخلفية، ولا تجد لها مكان في بناء المجتمع، لهذا يتم اقصاء المرأة عن معظم ميادين المشاركة مع الرجل في بناء المجتمع.

 المجتمع الذكوري الذي يجعل المرأة دوما في الصفوف الخلفية، هو مجتمع يربي الأنثى الاتكالية التي تفقد ثقتها بنفسها وتحتاج دوما لمن يمسك بيدها، ويقوم عنها بأمورها، فتعيش عالة على غيرها بحجة تكريمها وصيانتها. وهنا يحدث الخلل في المجتمع. ان تحرر الرجل من قيود التقاليد البالية المخالفة لروح الدين السليم، هو المفتاح لتحرر المرأة، وهو البداية الصحيحة لتلعب المرأة دورها الايجابي في المجتمع. ورغم ما تبذله بعض النساء من مجهودات كبيرة ليكن لهن دور إلا أن المجتمع لا يقدر تلك الأدوار، واعتدنا أن تكون مشاركات المرأة رمزية ودعائية ، ولا ينظر لها بنظرة جادة، بل تتم من باب المجاملة وجبر الخواطر. واعتباره مجهود لا قيمة له. 

مجتمعاتنا تعاني من الخلل ، وستتعافي عندما يعاد النظر في كثير من الأمور، ومنها دور المرأة في المجتمع، وعندما تصبح المرأة مؤثرة ستلعب دورها الحقيقي بإعادة التوازن للحياة التي أصابها الخلل. فهل يجرؤ مجتمعنا أن يسمح للمرأة أن تلعب دور مؤثر ورئيسي؟ وهل تستطيع المرأة الخروج بثقة واثبات أنها جزء من هذا المجتمع ومن حقها أن تشارك في عودة السلام والحياة الطبيعية، دون خوف ولا وجل. فالمجتمع الذي يحكمه الذكور هو مجتمع أكثر عرضة للحروب والقلاقل، وهذا ما نلاحظه بوضوح، فكلما كانت المرأة في الصفوف الخلفية كلما كان المجتمع أكثر ميلا للقتال والنزاع.

 بنظرة سريعة للمجتمعات اليوم نستطيع تأكيد هذا. مشاركة المرأة في شتى جوانب الحياة يجعل المجتمع أكثر استقرارا وميلا للسلام. ولكي نصنع في اليمن سلام ، نحن بحاجة لأن يفسح لها المجال للعب دورها الفعال والحقيقي في بناء المجتمع، ونشرقيم التسامح السلام. المرأة تميل للسلام لأنها المتضرر الأكبر من الحروب والنزاعات، وهي أولى ضحايا الحروب، فهي التي سيلقى على عاتقها مسؤولية تربية الأبناء بعد وفاة الأب في ميادين القتال، أو تعرضه للإعاقة. 

وهي التي قد تتعرض للتشرد والضياع. لا حل إلا برفع الوعي الحقيقي بين أفراد المجتمع، فمن حق المرأة التي هي الضحية الأولى للحروب أن يكون لها صوت مسموع في صناعة السلام وهذا يتم عبر تعديلات قانونية تمكن المرأة من لعب دور فعال في صنع السلام . ولكن هل نستطيع القول -أيضا -ان المرأة تشارك في غرس كل القيم السلبية في المجتمع لأنها هي من يربي الرجل ...وهي من تغرس قيم المجتمع الذكوري في عقليته. وهذا تناقض صارخ، وأسبابه معقدة ومتشابكة وقد يقودنا لعقدة استوكهولم مثلا. وهو نتيجة طبيعية للأمية التي تعاني منها المرأة ...

وكما قال بيت الشعر المشهور: الأم مدرسة إذا أعددتها ...

 فالسر يكمن في عبارة أعددتها!!! 

وإذا أردنا تصحيح دور المرأة في المجتمع فعلينا معالجة عقل الرجل أولا، وعقل المرأة ثانياً. تقف أمام لعب المرأة دور في صنع السلام عقبات: أهمها ثقافة المجتمع التي تميز ضد المرأة. عقلية الرجل الذي يرى أن المرأة في مرتبة أدنى منه وأنها لا تصلح للعب أي دور في خدمة المجتمع ومكانها الحقيقي هو البيت.

 وهناك التشريعات والقوانين التي لا تنصف المرأة ولا تساويها في الحقوق والواجبات بالرجل. والشيء المثير للجدل أن هناك من يظن أنها قوانين مستمدة من روح الشريعة الإسلامية لهذا لايمكن المساس بها. وفي مجتمع نسبة الأمية بين أفراده أكثر من50% ماذا نتوقع من امرأة تعاني من التهميش وفقدان الثقة بالنفس والجهل بقيمتها وتأثيرها على المجتمع...

هذه المرأة ستسهم في ترسيخ ثقافة مجتمعية غير سليمة، وستغرس قيم تتنافى مع مبادئ السلام في المجتمع. الطريق للسلام يحتاج أن نعمل الكثير من أجله، فهو طريق غير معبد. طريق شائك، لكن مشاركة المرأة في تعبيد هذا الطريق سيعجل بالوصول وتحقيق الهدف.

قراءة لرواية القناق (البيت الكبير) – كامل سياريتش

رواية تتناول مرحلة تاريخية مهمة من تاريخ البوسنة، بداية أفول الحُكم العثماني في منطقة البلقان، وتنازُع السلطة مع الصرب. 

فيها سرد لتفاصيل حياة أحد الإقطاعيين في بيته الكبير المسمى بالقناق على لسان أحد خِصيانه. حياة حافلة بالمُعطيات، والأحداث، والتفاعلات، والقدرة على تصوير النفس البشرية وهي في لحظة انحسار وكبد. 

 

  لا تتعرض الرواية لأحداث تاريخية حدثت في تلك المرحلة التاريخية، بل تركز على تأثير تلك الأحداث على حياة عدد من الشخصيات تعيش في بيت كبير يسمى القناق لإقطاعي تابع للدولة العثمانية مع خدمه وجواريه.  

   أي لا يتوقع القارئ رواية تاريخية، فالرواية تسرد مناجاة بطل الرواية الخصي الذي يناجي الحكيم الفارسي شيران، عبر كتابة مذكرات يومية، يكتب ليناجيه كل ليلة ويمحو ما يكتب ثم يكتب من جديد، لهذا تكون هناك فجوات في السرد، ربما يترك الكاتب الفرصة لخيال القارئ ليبحث ويملأ تلك الفجوات، ولكن لماذا يمحو السارد ما يكتب ليلا هل يخاف ان يطلع أحدهم على ما يكتب؟ هل تلك إشارة للحياة القلقة التي يعيشها بطل الرواية؟ 

تلك المناجاة الليلية تحفر في أعماق الخصي، حيث يظهر جزء من الألم والجراحات العميقة عبر صفحات الرواية. فهو يعاني من الحنين لذلك الطفل الذي كان قبل أن يتم اختطافه وتغيير قدره. لينتج إنسان مشوه المشاعر، والذكريات.  يناجي الراوي ذلك الحكيم طوال الرواية ويشرح له معاناته وعذاباته والوضع الغريب الذي وجد نفسه فيه ... 

ويبدأ القارئ بالتعرف على ملامح سكان القناق، ذلك البيت الكبير وسيده الاقطاعي سابقا وجواريه بعد أن علقوا بالبيت في ظرف تاريخي كانوا من ضحاياه.، بعد أن حددت السلطات الجديدة حريتهم ومنعتهم من الانتقال لمكان آخر. وبعد تخلي الحكم العثماني أو أفول الحكم العثماني عن منطقة البلقان وتداعيات ذلك على من كانوا يوما يمثلوا قبضة تلك السلطة، والمصير الذي يواجهون.  انهارت السلطة العثمانية وتخلت عن رعاياها في منطقة البلقان، وعلق الاقطاعي الذي كان أحد رعاياها في البلقان، كما علق السارد المخصي والذي يحلم بالعودة لقريته في البوسنة. لاتزال هناك بقايا سلطة يتوهم ذلك الاقطاعي أنه يمتلكها، رغم أنه يواجه الأمر بالصمت كأنه أصيب بصدمة قوية تفوق قدرته على الفهم.  يحاول الاقطاعي، سيد القناق أن يمارس حياته وكأنه لا يعترف أو يستوعب ما يحدث، فيشتري عدد من الجواري رغم الصعوبات المالية التي يواجهها، ورغم أنه لا يملك القدرة لكسوتهن وتوفير الطعام لهن. فهو يعيش في انفصال عن الواقع. 

 تلك صدمة تصيب من يجد نفسه يوما بعيد عن الواقع، يجد نفسه بشكل مفاجئ مجرد من سلطته القاهرة على الآخرين، منبوذ لا يستطيع الاعتراف بالواقع الجديد والتعايش مع الآخرين التي كانت علاقته بهم تتلخص بالبطش والسيطرة. وها هو اليوم دون حول ولا قوة.  السرد يصف أحوال سكان البيت الكبير في ظل تلك التغيرات، يومياتهم الرتيبة. 

هناك الكثير من الرصد لمشاعر الخوف والفقد والحنين ...  

 ولكن ما سر اختيار المؤلف لشخصية الراوي، لماذا اختاره مخصيا، ولماذا أختار التركيز على مأساة الجواري؟  هل تلك الشخصيات هي الأكثر قدرة على تلخيص عمق الخلل الذي أحدثه العثمانيون من خلال انتشار نظام الخصيان وبيع الجواري. اختيار المؤلف لتلك الشخصيات يبين حجم التشويه الذي أحدثته تلك السلطة، أو طريقة الحكم التي لم تلق بالا بإنسانية الإنسان، بل داسته وشوهته، وفي آخر المطاف تخلت عنه ليواجه مصيره وحيدا. وتصوير موقف الجواري عندما يقرر السيد أن يعتقهن ويحصلن على حريتهن، لكنهن يشعرن بالخوف من حرية لا يعرفن قيمتها. والسيد تدفعه ظروفه السيئة للتخلي عنهن، فهو لم يعد يملك القدرة المالية للاحتفاظ بهن ولا مفر أمامه من التخلي عنهن، لكنهن يتوسلن أن يبيعهن لسيد آخر. لا يملكن القوة والثقة ليعشن دون سيد. فحياتهن حولتهن لمجرد أدوات لتسلية وتلبية رغبات من يشتريهن وينتقلن من ملكية سيد لآخر.   

  السرد يصور ما يدور داخل النفس البشرية من تناقضات وعمق الجراح والعذاب لمن يعيش دون حرية، وتكون حياته مسخرة لخدمة الآخرين فتطمس شخصيته بعد تحوله لإنسان مجرد من المشاعر والرغبات الطبيعية.  يرصد الراوي لحظات الانحسار والمهانة التي يعيشها سيد القصر الذي كان يوما صاحب سلطة. خاصة عندما يضطر لتأجير عدد من حجرات البيت للصربي كولاش رمز السلطة الجديدة التي تحل مكان السلطة العثمانية.  توقفت عند حكاية المخصي، وبحثت عن بداية الخصي للبشر، يقال أن يزيد بن معاوية أول من استخدم الخصيان في قصرة، واتخذ منهم حاجبا لديوانه يدعى فتح. 

لكن استخدام الخصيان في الدولة العثمانية انتشر بشكل واسع، وكما ذكر د. عبد العزيز الشناوي في كتابه الدولة العثمانية الجزء الأول: " نظام الخصيان يعد نقطة سوداء في تاريخ دولة إسلامية كبرى مثل الدولة العثمانية". وذكر أن السلطان محمود الثاني ألغى تجارة الرقيق الأبيض في أوائل القرن التاسع عشر، فتحرر العبيد اليونانيين والجورجيين والأرمن والشركس. 

 وبتتبع حكاية خصي البشر نجد أن الدول القديمة كانت تستخدم الخصيان في قصور الملوك حتى يشعر الملك بالاطمئنان أن من يرث العرش هم من صلبه، ولأن الخصيان لا ينجبون أطفال فلن يكون هناك من ينافس في الاحتفاظ بالسلطة التي يوكلها الملوك إليهم. فهم بمثابة أدوات بشرية يمكن الوثوق بهم. وفي الرسومات القديمة للحضارات التي تركت آثار كالفراعنة والآشوريون على سبيل المثال يظهر ذكور دون لحى، يقال أنها تمثل الخصيان.  وبالعودة للرواية التي تستفيض بوصف مشاعر الخصي “علي ” الذي يسرد على طول صفحات الرواية مشاعره وعذاباته، يعبر عن أحلامه التي اغتيلت ربما ذات يوم عندما كان في بلدته وهو طفل ونسمعه يناجي شيران وهو يسبح بخياله ويحلم بالعودة لبلدته التي لايزال يحتفظ بصور في ذاكرته وهو يلعب مع الأطفال وهم ينادونه باسمه:  " ولن أكون ما أنا عليه، سأكون يا شيران طفلا، مثلما كنت، عندما كان الأطفال يصرخون علي بأنني علي تشيفيليا. أريد يا شيران أن أسمع تلك الكلمة، أريد يا شيران أن أكون عند البداية، عند تلك المياه والجبال...أمان.."،. 

 يصور ذلك الحلم الذي يبقيه حيا رغم كل شيء، حلم أن يعود لطفولته لتلك اللحظة قبل أن يسلبوا منه شخصيته وحقيقته، وشوهوا جسده بالشخصي وتحول كما يردد في كثير من الصفحات بأنه ليس رجل ولا امرأة ولا يفهم ما يشعره الرجال نحو النساء.  يحلم أن يعود هناك بعد أن اقتربت حياته من النهاية. ذلك الحلم يدفعه للاستمرار، لكن التشويه الذي نال روحه قبل جسده هو من يتحكم به، فهو أسير مشاعر الخصي، العبد الذي وجد حياته مسخرة لسعادة أسياده، كما هو حال الجواري.  

 السلطة التي آلت للسقوط وداست على ضحاياها ترثها سلطة جديدة عمياء باطشة كما نستشف من أقوال كولاش الذي يعذب ضحاياه ويسومهم أنواع العذاب ويرى أن هذا طبيعي لإرساء السلطة الجديدة، فلكل سلطة عبيدا وقوانينها...وعلى السلطة الجديدة الانتقام ممن تظن أنهم يتعاطفون مع السلطة القديمة… 

  يتركنا المؤلف بنهاية مفتوحة وقلوبنا مشبعة بالحزن والألم ، نحاول إزاحة وجوه تلك الشخصيات التعيسة من خيالنا ونحن نعلم أن لا أحد منهم سيحظى بنهاية سعيدة.

 قد يشعر القارئ بالتململ وهو يقرأ الرواية بسبب أسلوب السرد الذي يناجي حكيم قديم وتدور فيه نقاشات فلسفية عن الوجود وطبيعة الحياة. 

   المؤلف:  الأديب البوسني كامل سياريتش وُلِدَ عام 1913. عمل مراسلا لوكالة الأنباء اليوغوسلافية «تانيوغ».  عمل كاتباً مسرحيا في المسرح الوطني. تُرجِمت أعماله إلى اللغة الألبانية، والتركية، والسلوفينية، والروسية، والبلغارية، والمَجَرية، والألمانية، والبولندية. تُوفِّي في 6 ديسمبر عام 1989، ودُفن في مدينة «سراييفو». 

  المترجم: إسماعيل أبو البندورة.  ولد في مدينة الرمثا سنة 1950. ترجم العديد من الأعمال من اللغة البوسنية لعدد من الأدباء والسياسيين، بمن فيهم رئيس جمهورية البوسنة السابق علي عزت بيجوفيتش، وله العديد من الأبحاث والمشاركات، والمقالات المنشورة في الصحف والمجلات العربية في قضايا الترجمة والثقافة.

عالم كرة القدم

لست من مشجعي كرة القدم ...يحدث أن أشاهد بعض المباريات في المونديالات لكأس العالم ...وانسجم مع مايدور في الملعب وبعد ذلك أنسى الأمر ... 

لا أحفظ اسماء الفرق ولا اللاعبين...

 هذه المرة توقفت قليلا، فالمونديال بأرض عربية وفرق عربية تلعب... وجماهير من كل مكان تأتي لبلاد العرب ... شدني احتفال الافتتاح ...الأغاني التي صدح بها مطربون ومطربات بألحان جميلة وأصوات أكثر جمالا ...كلمات عربية تتردد في الأغاني سيرددها من لا يعرف العرب ولا لغتهم... 

الأغنية حالمون أو دريمرز التي غناها الكوري جونغ كوك أكثر من رائعة بكلماتها الجميلة ولحنها المبدع. كرة القدم ليست مجرد لعبة. هناك الكثير مما يصاحب هذه اللعبة ...ما يسمى بالقوة الناعمة ...

 كل هؤلاء البشر الذي أدمنوا عشق هذه اللعبة...تغزو أفكارهم ثقافات جديدة عليهم ... من كان سيعرف البرازيل ويتحدث عنها لو أنها لا تملك فريق لكرة القدم ...

 رأيت على شاشة التلفزيون... أسرة مصرية الأم والأب واطفالهم الثلاثة يرتدون ملابس فريق البرازيل في مقابلة مع مذيع قام بجولة في أحد شوارع قطر ...أفراد هذه الأسرة سافروا قطر ليحضروا مباريات فريقهم الرياضي الذي يعشقونه... أمثالهم يسافر كل أربع سنوات لبلد ربما لم يفكر بزيارته...وهناك يحتك بالناس ويسمع لغتهم، ويمشي في شوارع مدنهم...يصرف الكثير من الأموال في ذلك البلد وهو يشعر بالسعادة والمتعة... يعود لبلده وهو يحمل الكثير عن ذلك البلد، ولا يبقى البلد بالنسبة له مجهولا...متوحشا...منعزلا...

تتغير كثير من الأحكام التي ربما كان يحملها عن ذلك البلد وقد يدفعه الفضول لمعرفة تاريخه وحضارته وثقافته...

 هذا جزء مما تعنيه القوة الناعمة لكرة القدم. لكل زمان أدواته، وكرة القدم من أهم أدوات هذا الزمن لحمل ثقافة بلد ما، أداة توحد الناس رغم جنونهم وتطرفهم في التعبير عن ولعهم بهذه اللعبة. يتحول اللاعب لأيقونة، لمثل أعلى بلباسه وتصرفاته. البلد التي تستخف بهذه اللعبة تخسر الكثير دون أن تدري، بل تخسر جزء من ابناءها الذي يتعلقوا بلاعبين من دول أخرى خارج حدود بلادهم في عصر الفضاءات المفتوحة...

قراءة لرواية عداء الطائرة الورقية لخالد حسيني:

تقع الرواية في خمسمائة وسبع صفحات من الدهشة والحسرة المتواصلة عبر تلك الصفحات. تحكي الرواية حكاية ذلك العداء الذي يشير إليه عنوان الرواية. وصورة الغلاف لطفل وطائرة ورقية وسماء زرقاء تلونها السحب، بعد قراءة الرواية قد يقف القارئ أمام صورة الغلاف والعنوان ليستعيد حكاية الطفل الذي لربما كان ذات يوم يحمل حلم كبير لم تتسع له سماء بلاده. 

المؤلف يهدي الرواية لحارس وفرح ربما طفليه، وإلى أطفال أفغانستان...لمسة عاطفية عميقة من كاتب يدرك عمق مأساة أطفال أفغانستان. ويصدم القارئ بفداحة الواقع الذي عاش فيه عداء الطائرة الورقية. 

غالبا ما أميل إلى القصص الواقعية، التي تحكي حياة الناس ومعاناتهم، بعيدا عن الخيال، فالخيال لا يستطيع أن يحملنا لتلك الأماكن المرعبة في الحياة الواقعية. قد يلجأ للخيال من يعيش حياة عادية لا مفاجآت ومأسي بها، عكس من يعيش فيما يسمى بدول العالم الثالث والتي يعجز الخيال عن تصور ما يجري هناك ... 

 رواية أحزنتني وآلمتني، وهي تكشف جزء من بشاعة البشر تجاه بعضهم. جاء على غلاف الرواية أنها باعت أكثر من 22 مليون نسخة حول العالم، هل الفضول لمعرفة ما يجري في بلد مثل أفغانستان كان أحد الدوافع ليقرأ الناس الرواية، أم أسلوب الكاتب والذي أمسك بمشرط وكشف عن جزء من الواقع المخيف بكل شجاعة بعيدا عن الانحيازات، يعرض الواقع بكل بشاعته على لسان طفل لأسرة من الطبقة الراقية والمقتدرة فيضع القارئ على شكل الحياة في أفغانستان والعلاقات بين الناس قبل الغزو السوفياتي لبلده، ونتبعه بعد هروبه مع أفراد اسرته من مدينته إلى باكستان في رحلة تذكر برواية رجال في الشمس لغسان كنفاني، لكن هنا يموت شخص واحد وينجو البقية. ونتابع الرحلة إلى أمريكا لنعيش مع الجالية الأفغانية في أمريكا. ويعود بطل الرواية أمير لباكستان بعد تلقيه رساله من صديق والده والذي يدفعه للعودة لبيته في أفغانستان بحي وزير أكبر خان في كابول لإنقاذ الطفل عداء الطائرة الورقية، وهو ابن حسن عداء الطائرة الورقية الذي عاش معه طفولته قبل خروجه من أفغانستان. تسيطر على بطل الرواية مشاعر الذنب لما فعل بصديقه حسن عداء الطائرة الورقية في طفولته، ويحاول الآن التكفير عن ذنبه بحق صديقه حسن عبر إنقاذ ابن حسن من حياة تعيسة في أفغانستان. 

ونعرف هذا من الصفحة الأولى للرواية: " في أحد أيام الصيف الماضي، هاتفني صديقي رحيم خان من باكستان، وطلب مني أن أذهب لرؤيته. وأنا أقف في المطبخ والسماعة على أذني، عرفت أن من على الخط لم يكن رحيم خان وحسب، بل ماض مثقل بذنوب لم يكفر عنها. بعد أن وضعت السماعة، ذهبت للتمشية عند بحيرة "سبريكلز" في الطرف الشمالي لمنتزه " جولد جيت". تلألأت شمس العصر على صفحة المياه حيث تبحر العشرات من القوارب الصغيرة، يدفعها نسيم منعش. ألقيت نظرة لأعلى فأبصرت طائرتين ورقيتين حمراوين بذيلين أزرقين طويلين، تحلقان في السماء. كانتا ترقصان عاليا فوق الأشجار على الطرف الغربي من المنتزه، فوق طواحين الهواء، تسبحان جنبا إلى جنب كعينين تنظران من عل إلى سان فرانسيسكو، المدينة التي أسميها الآن وطني. وفجأة همس صوت حسن في رأسي: "من أجلك ألف مرة ومرة".

 حسن عداء الطائرة الورقية صاحب الشفة الأرنبية". ويعرض هنا، عبر صفحات الرواية وطفولة الطفل أمير، بشكل صادم العلاقة بين البشتون وهم من السنة الذي ينتمي إليهم أمير بطل الرواية ونعرف أنهم من يسيطر على البلاد فهم يمثلون الأغلبية، وحسن الذي يعمل والده خادم في بيت بطل الرواية وتربيا معا، حسن من قبيلة الأقلية الهزارة الذي يصفهم بطل الرواية بأصحاب الوجه المستدير الذي يشبه الدمى الصينية المصنوعة من الخشب الثقيل، ويمثلون الأقلية الشيعية ويعيشون تحت رحمة البشتون في ظروف لا إنسانية ويتم التعامل معهم كأنهم بدرجة الحيوانات.

 تعود لذاكرة بطل الرواية عدد المرات التي كان حسن يدافع عنه ويحميه حتى لو تعرض للأذى، ويتذكر بحسرة كيف تخلى هو عن حسن وهو يتعرض للاغتصاب أمام عينيه. لم تكن الرحلة لأفغانستان سهلة ومريحة فالبلد تحت سيطرة طالبان. ونرى بعيون بطل الرواية مدى التدمير الذي أصاب الحي الراقي والبيت الكبير الذي عاش به طفولته. " قلت: - هل الأمر سيء كما اسمع؟ قال: - لا، اسوا. أسوأ كثيرا. أنهم لا يسمحون لك بأن تبقى إنسانا."

 الرواية يمكن تصنيفها بالأدب الواقعي الاجتماعي، فهي تحكي جزء من تاريخ أفغانستان البلد الذي لا نعرف عنه الكثير، بكل تناقضاته ومآسيه. لغة الكتاب بسيطة وواضحة، يوضح فيها المؤلف صعوبة الهروب من الأسرار الدفينة التي يحملها المرء من طفولته، صعوبة الهروب من مشاعر الذنب والخيانة لأقرب الأصدقاء مهما حاول المرء أن ينكرها لكنها تنبعث فجأة كما يحدث لأمير الذي تعود له كل ذكريات طفولته عندما هاتفه صديق والده رحيم خان. 

أحداث الرواية تبدأ من الفترة الملكية في أفغانستان وسقوط تلك الملكية وظهور الجمهورية، والدمار الذي يخلفه الغزو السوفييتي للبلاد، وفترة الجهاد وآثارها على البلاد خاصة بعد الخلافات المميتة بين قادة المجاهدين بعد خروج السوفييت من البلاد وانتشار الفوضى في البلاد وسيطرة طالبان. تنتهي الرواية قبل الغزو الأمريكي للبلاد.

 الحوارات رائعة، وأسلوب السرد في الرواية يشد القارئ للنهاية، وكأنه جزء من الحدث. هي من الروايات التي تؤلم وبقوة فهي لا تجمل الواقع ولا تمجد شخصيات ولا تسقط في فخ الدفاع أو الاتهام لأي جهة، بل ببساطة تسرد أحداث يومية صادمة في حياة شخصيات الرواية.

 ومن الرائع تطريز المؤلف للرواية بألفاظ وعبارات باللغة الأفغانية، لغة البشتون، فتشعر أنك انغمست داخل المجتمع الأفغاني بعاداته وتقاليده وموسيقاه وشعره وأدبه وروائح طعامه وسلوكيات أهله. اقتباسات من الرواية:

 - تعلمت أن ما يقولونه عن الماضي، عن قدرتك على دفنه، خطأ. لأن الماضي يشق طريقه. - عندما تقتل رجلًا فأنت تسرق حياة، تسرق حق زوجته في أن يكون لها زوج، تسرق من أطفاله أباهم، عندما تكذب تسرق حق شخص في معرفة الحقيقة، عندما تغش تسرق الحق في المنافسة الشريفة.

 - إنّ العيون نوافذ على الروح. - الأطفال ليسوا كتب تلوين. لا يمكنك أن تملأهم بألوانك المفضلة. 

 - أن تملك ثم تفقد أكثر إيلاما من الا تملك أصلا.

 - غمرني الحزن. كانت العودة إلى كابول أشبه بأن تقابل مصادفة صديقا قديما منسيا، فتعرف أن الحياة لم تكن منصفة معه، أنه بات شريدا ومعدما. 

 المؤلف خالد حسيني: كاتب وطبيب أفغاني، ولد في كابول عام 1965.

 عمل والده في الحقل الدبلوماسي طلب جق اللجوء بعد الغزو السوفياتي لبلاده عام 1979. نشر روايته الأولى "عداء الطائرة الورقية"، عام 2003 والتي احتلت المرتبة الأولى ضمن قائمة نيويورك تايمز لأكثر الكتب مبيعا.

 وفي عام 2007 نشر روايته الثانية "ألف شمس ساطعة" والتي لقت الشهرة ذاتها. وفي العام 2013 نشر الرواية الثالثة " ورددت الجبال الصدى". رواياته تدور جميعها حول أفغانستان وما يحدث فيها.

قراءة لرواية فتاة القطار لباولا هوكينز

" جائزة قراءة الغودريدز لعام 2015" 

 " الرواية التي كسرت الرقم القياسي في المبيعات – الغارديان"

 هذا ما تقع عليه عينا القارئ على غلاف الرواية التي وصفت بأنها الأعلى مبيعا على موقع أمازون لعام 2015، والحاصلة على جائزة اختيار قراء الغودريدز لنفس العام. والأفضل مبيعاً في العام 2016 في إنجلترا وأمريكا، بيع منها 15 مليون نسخة في مختلف أنحاء العالم من الرواية. وترجمت الى 42 لغة.

 ترجمها للعربية الحارث النبهان. هذا النجاح للرواية دفع المخرج ستيفن سبيلبرغ لشراء حقوق تحويلها الى الشاشة الكبيرة، بفيلم يحمل اسم الرواية من بطولة البريطانية إيميلي بلنت. وحقق أرباح تجاوزت أربعة أضعاف ميزانيته المدفوعة. 

 ملخص الرواية: 

الرواية صيغت بطريقة الراوي غير الموثوق به، لتستمر في جذب القارئ وتتركه فريسة للتخمينات والتوقعات حتى النهاية. استخدمت الكاتبة الصوت الأول أو ضمير المتكلم، للنساء الثلاث التي تدور الرواية على ألسنتهن أو من وجهات نظرهن، لنعرف في كل مرة جزء من الحقيقة من وجهة نظر كل واحدة منهن. ولدى كل واحدة منهن ماض مضطرب، وقصة حزينة، حيث تبرع الكاتبة في تصوير هذه الانفعالات. 

 تبدأ الرواية على متن قطار حيث نتعرف على البطلة الرئيسية للرواية، راشيل، امرأة شابة مطلقة ومدمنة على الكحول، تستقل القطار مرتين يومياً في رحلتها بين لندن وضواحيها، تنطلق صباحاً في الثامنة واربع دقائق من إحدى ضواحي لندن، حيث تقيم، إلى قلب العاصمة البريطانية لندن، وتعود به الى منزلها عند الخامسة وست وخمسين دقيقة مساء. تجلس دائما في المكان عينه، جهة النافذة. 

خلال فترة توقف القطار عند الإشارة الضوئية تتأمل من مقعدها منزلاً جميلا غير بعيد عن خط القطار، يقطنه رجل وامرأة، وخلال رحلتها اليومية، ترسم في مخيلتها قصة للزوجين الرائعين الذي تراقبهما من نافذة القطار كل صباح عندما يتوقف القطار عند تلك الإشارة الضوئية، فتنظر للزوجين وهما يتناولان إفطارهما على الشرفة. صارت ترى حياتهما كاملة، حياة غير بعيدة عن حياة خسرتها منذ وقت قريب، فهما يعيشان قريباً من الشارع الذي يسكن فيه طليقها توم وزوجته الجديدة آنّا. ثم ترى ما يصدمها. 

مرَّت دقيقة واحدة قبل أن يتحرك القطار لكنها كانت كافية لتتحطم صورة الزوجين المثاليين، وفي اليوم التالي تقرأ عن اختفاء الزوجة وتعرف أنها تدعى ميغان وزوجها سكوت. تغيّر كل شيء الآن. لم تستطع راشيل كتم ما رأته فأخبرت الشرطة وصارت مرتبطة بما سيحدث بعد ذلك ارتباطاً لا فكاك منه مثلما وجدت نفسها مرتبطة بكل من لهم علاقة بالأمر، وتتخوف راشيل من إمكانية أن يكون لها يد في اختفاء ميغان، فهي كانت ثملة للغاية في ليلة الاختفاء، ما يجعلها عاجزة عن تذكر ما الذي فعلته خلالها، أو إدراك لماذا انتهى بها المطاف في الصباح مُثخنةً بجروح وكدمات بالغة. وبعدها تبدأ رحلة كشف حقائق، وأسرار قديمة، وجرائم، وشخصيات مزيفة.

 تظل راشيل تجاهد مع ذاكرتها لتعلم ما حدث يوم اختفاء ميغان وخاصة بعد عثور الشرطة على جثة ميغان، لتدرك انها اخر من رآها حية، لكن ذلك يستغرقها فترة طويله لاستعادة الوقائع، لأنها للأسف تستمر في الشرب بطريقة تفقد الآخرين الثقة بما تقول. 

 وتنتقل الكاتبة الى حياة راشيل، تلك الحياة البائسة لمن ادمنت على الكحول، لمن خانها زوجها و تركها وحيدة رغم حبها له لأنها لا تنجب، وزواجه من عشيقته آنا وجلبها لتعيش في بيت راشيل، ذلك البيت الذي اسسته مع زوجها. وينتقل صوت السرد بلسان ميغان، التي تختلف في حقيقتها عن الإطار الذي رسمته لها ريتشل كزوجة مثالية، ليتكشف لاحقاً أنها تمتلك سراً مريعا، لكن المؤلفة تتعمد تضليل القارئ بخصوص الرجل الآخر في حياة ميغان ولا يكتشف القارئ ذلك إلا قبل نهاية الرواية. 

كما يروى جزء من الرواية على لسان آنا التي تتزوج سكوت بعد طلاقه من راشيل. وهي لا ترى أي سوء في خطف زوج من زوجته، وتعتبر انها تفتن الجميع، تستطيع سرقة أي رجل من زوجته و حياته لأنها فقط جميلة، وتبرر لنفسها ما فعلته: “كنت مستمتعة بهذا، بل أحببته في حقيقة الأمر. لم أشعر بأي ذنب أبداً. كنت أتظاهر بأنني أشعر بالذنب"، وتظل تكيل الشتائم البشعة لراشيل عندما يصور لها خيالها أن راشيل تريد إفساد زواجها. 

 وهنا نأتي للفكرة الأساسية في الرواية: الواقع، ومدى سهولة التلاعب به، وكيف ترفض بطلات الرواية الثلاث راشيل وميغان وآنا تقبله. وعبر صفحات الرواية تنجح الكاتبة في تضليل القارئ لتثبت لنا أن في هذا العالم لا شيء يبدو كما هو في الواقع. 

 تتناول الرواية عدد من القضايا الحساسة مثل: الخيانة الزوجية، التوهم والتلاعب بالآخرين وبمشاعرهم، الإدمان الذي يدمر حياة الناس فهو مجرد وسيلة للهروب من مواجهة الحقيقة، وتصور ببراعة كيف يرفض المرء قبول الواقع ويتمسك بالآمال الكاذبة والزائفة، ويصل الأمر كما حدث لبطلة الرواية والتي قبلت إذلال نفسها على أمل أن تستعيد زوج لم تعترف بحقيقته البشعة، وفضلت خداع نفسها. تلاعبت الكاتبة بالزمن في الرواية، فتارة يُقدم وتارة يُؤخر، وذكرت تاريخ الجدث في أعلى كل فصل. 

وتميزت الرواية بوصف التفاصيل الدقيقة للألوان والروائح مما يسهل للقارئ رسم المشهد بخياله وكأنه يراه بوضوح. كما أعطت كل شخصية حقها ووصفت دواخل كل شخصية بدقة. لكنها ركزت كثيرا على شخصية راشيل. الشخصيات الرئيسية في الرواية كلها إناث بما في ذلك المحققة في قسم الشرطة. 

لكن تلك الشخصيات جميعها اتصفت بالسلبية المفرطة. ريتشل مطلّقة ترفض تقبُّلَ حقيقة أن زوجها كوّن عائلة جديدة، وما زالت تلاحقه. هي أيضاً عاطلة عن العمل بعد طردها من وظيفتها. ومدمنة على الكحول. 

ميغان الشخصية الشريرة تسعى لتدمير من يهجرها أو يؤذيها. تقريباً لا صفة إيجابية باستثناء الجمال، تخون زوجها وتعاني من مشاكل نفسية وماض مرعب. 

آنا لا تتورع عن خطف زوج من زوجته. المحققة شخصيتها بغيضة ومتسرعة في حكمها على الأشخاص ولا تتصف بالحكمة. 

كما أن الرواية تحتوى على الكثير من التلميحات الجنسية وغريبة الأطوار أحيانا، وكأنها كتبت لتتحول إلى أحد أفلام الإثارة والتشويق التي تزدحم بها الشاشات. 

المؤلفة بولا هوكينز: ولدت الكاتبة البريطانية باولا هوكينز، ونشأت في زيمبابوي واستقرت في بريطانيا ابتداء من عام 1989، لتشغل حالياً منصب نائب المحرر المالي في «ذا تايمز» بلندن. 

المترجم: الحارث النبهان مترجم سوري مقيم في بلغاريا، ولد في دمشق عام 1961.

 بدأ عمله في الترجمة عام 1991م، وترجم الكثير من المؤلفات عن اللغة الإنجليزية من أبرزها رواية 1984 لجورج أورويل. 

وإليه يعود الفضل في إيصال كتب ثمينة شهيرة على صعيد العالم إلى القراء العرب. ونوعية الترجمة ملفتة للنظر لم تعد الكتب المترجمة بلغة صعبة الفهم وعبارات غريبة، بل ترجمة سلسة وكأن اللغة العربية هي لغة الرواية. وهذا تطور إيجابي في لغة الترجمة يحسب للمترجم.

قراءة ناقدة للمجموعة القصصية: لست سوى امرأة:

 

تراث الاستعلاء في قصص أحلام جحاف
بقلم : يحيى اليازلي 
 
يتقاطع عنوانا المجموعة القصصية "لست سوى امرأة" ورواية "إضرام النيران" للقاصة والروائية أحلام جحاف في أن كليهما أتى على لسان الآخر.. فعنوان لست سوى امرأة جاء على لسان شرطي المرور وهي عبارة يقولها بصورة شبه دائمة الذكور كصورة من صور هيمنة الرجل في المجتمع العربي واليمني تحديدا.. وقد تأتي على لسان المرأة كدلالة على رضوخ ومجاراة ومداراة للثقافة الذكورية. وبالنسبة لعنوان رواية "إضرام النيران" فقد جاء أيضا على لسان الآخر مقتبسا من عبارة لسقراط.. كنسق ثقافي ينم عن اطلاع واسع وأصيل للروائية أحلام جحاف والتي تسعى في ثنايا فصول روايتها تكريس فلسفة الأخلاق في العملية التعليمية. لكن ماذا لو سألنا سقراط هل توجد امرأة فيلسوفة.. أعتقد سيجيبنا سقراط ومعه أفلاطون وأرسطو بقوله 'لا.. ليست سوى امرأة.. آراؤهم معروفة وأعتقد أن فلاسفة اليونان استعلائيون تجاه المرأة أكثر من غيرهم.. وعندي في هذه الجزئية بالذات أن لا فرق بين نظرة أرسطو وشرطي المرور.. لذا فإن العنوان يدينه أكثر من أن يستهله.
 
كتبت قبل عام تقريبا عن دور الجدات في تشكيل وجدان الأحفاد وأقصد الجدات تحديدا كرمز للذاكرة الشعبية الثقافية والدينية وأنها هي الناقل المباشر للثقافة الموروثة للجيل التالي أكثر من الوالدين لأن الوالدين يكونان وما يزالان في حالة نضوج وتطور في الوعي ولم يكتسبا بعد الخبرات والثقافة الشعبية التي تؤهلهما لنقل المحتوى الثقافي الشعبي إلى الأبناء.
كنت وما زلت أريد أن أكتب بحثا أحاول أن أعالج فيه مشكلات إجتماعية ونفسية.. المسبب المباشر لها هو الموروث الحكائي والتديني الشعبي.. مثل أوهام العين والمس والسحر والشعوذة منطلقا مما فهمت من آيات قرآنية وأحاديث نبوية وممررا كل ذلك على ما أعتبره حدود العقل من وجهتي نظري.
 
فالعين بمفهومي هي الحسد وتأثيره على المحسود مستقبليا عبارة عن ردة فعل كيدية وليست روحية مباشرة. ما ينتج عنها من أفعال إنتقامية كسعي الحاسد إلى الفتك بالمحسود أو الإضرار به بيده أو كلامه ما يسوقه إلى إزالة النعمة عنه ولا أستصيغ فكرة إصابة المحسود بالعين المباشرة بمجرد النظر إليه.
 
السحر بمفهومي عبارة عن القدرة على التأثير في الناس بالأفكار وليس بالطلامس والشخابيط وعندي أن الأفكار السلبية هي التي شكلت إنشقاقات في الأمة الإسلامية وجعلتها سبعين فرقة هي عين السحر وهي السحر ذاته. المذاهب والأيدلوجيات هي السحر.. هي التي تفرق بين المرء وزوجه والمرء وصديقه والمرء وأخيه والمرء وعشيرته.
 
والمس من وجهة نظري هو المس الفكري أو المس العقدي الذي يصيب الناس بواسطة بعض الحكايات للأطفال والجهال والذي يتطور داخل وعي الطفل ويشكل صورا من الرعب والتصور المرعب المتفاقم للجن والمخلوقات الأخرى المشابهة والتي ليست موجودة أصلا إلا في الأساطير.. كالغول وأم الغول وصياد وأم الصبيان وأم قالد وبقرة الليل والطاهش والبعبوع.. كل هذه أوهام موروثة صنعها الخيال العامي وطورها في حكاياته وليس لها أشكال محددة لأنها لا توجد في الواقع أصلا.
 
تريد أحلام جحاف أن تعالج في مجموعتها القصصية 'لست سوى امرأة' الجهل والخرافة. وفي روايتها إضرام النيران مشكلات التربية والتعليم. وقدمت فلكلورا شعبيا في شكل فلسفي.. وقدمت مضمون فلسفي في شكل شعبي.. تربوية من حيث أنها معلمة ومعلمة من حيث أنها مربية.
 
في حكاية "وعاد رمضان".. وفيه سنتعرف على بعض من عادات اليمنيين في رمضان.. وسنتعرف على مفهوم الأطفال للصيام أو صيام رمضان من وجهة نظر الأطفال.. أو رمضان كما يراه الأطفال.. خاصة الجزئية التي تصف كيفية صيام الأطفال وأن نهارهم الرمضاني يجب أن ينتهي عند أذان الظهر.. لذلك يجبرونهم على تناول الغداء.. وبهذا يكونوا قد صاموا نصف يوم لأن الأم ستتكفل بخياطته مع نصف اليوم التالي بالإبرة.. لكي يصبح يوما كاملا. وتشعرك طفلة الحكاية في حكاية الطفلة أنها كانت تتعرض بإجبارها على الإفطار لاستعلاء من جانب الكبار. 
 
لقد جرتني الكاتبة إلى ذاكرة الطفولة الرمضانية وأن لي كطفل طقوسا خاصة في رمضان وفي غيره. مفهوم الأطفال لبعض العبادات يظهر في سلوكهم الفطري والمكتسب أيضا.. أتذكر كنت إذا رأيت في الطريق حذاء مقلوبا أتجه إلى الحذاء لأقلبها لأنها موجهة كما كنت اتصور إلى الله.. أيضا إذا رأيت قطعة خبز مرمية في الشارع كنت آخذها وأقبلها وأضعها للحظات على رأسي ثم أجد لها مكانا بعيدا عن دهس الأقدام.
 
إن للأطفال نبوءات.. شعور الأطفال بأن في أسنانهم التي يرمونها في عين الشمس أسرارا.. هم لا يعون ما هي.. قد تحقق في زمننا فالطب الحديث قد استطاع استخراج خلايا جذعية من الأسنان اللبنية فعلا.. هذه الثقافة الشعبية الطفولية التي يورثها الاطفال لأترابهم جيلا بعد جيل لم تأت من فراغ ولكنها نبوءة فطرية لا تخيب.
 
استعلاء الحماة في التراث الشعبي.. في حكايات أحلام جحاف له دوافع و مبررات تدينية أو عادات اجتماعية.. كذلك الذكر على الأنثى.. وبالمقابل استعلاء المرأة على الرجل كما في حكاية "حطام رجل". واستعلاء المسؤول على المواطن.. واستعلاء امرأة المسؤول.
في قصة بقرة الليل بدا الاستعلاء مخيفا من جهة العمة أخت الأب والتي مارست الترهيب على بنات أخوتها وبصورة عامة استعلاء الأهالي على الطفولة.. والذي ترك اثرا بليغا في نفسي الطفلتين.. لازمهما طوال العمر.
 
في قصة "غصن الشذاب" بدت العمة الحماة أو أم الزوج مستعلية على زوجة ابنها "سماح" والمسوغ هنا تراثي شعبي.. له علاقة بالعين.. والمس.. لذلك كان لزاما عليها إرغام زوجة ابنها 'الوالدة' على وضع غصن الشذاب تحت ثيابها وتحت غطاء رأسها وأماكن متفرقة من جسدها.. لدفع عين الحسد.. التي قد تصيبها من النساء الزائرات.. وكذلك حماية لها من أن يمسها جان أثناء استخدامها الحمام.
 
حكاية "الزنيحية" أيضا نفس الاستعلاء.. الحماة توبخ زوجة ابنها "جميلة" وتحذرها أن لا تنعس أثناء تواجد الزائرات في "مكان الولاد" وإلا فستاتي الزنيحية لتسلبها الحليب من جيوبها.. كما أرغمتها على لبس غطاء غليظ على رأسها لإعطاء مظهر اجتماعي موروث للوالدة.. في حين أن الجو حار ويكاد يخنق الأم والرضيع..
في قصة نورية بدا الاستعلاء ليس فقط على أم نورية الأرملة التي أرغمت على الزواج من أخي زوجها الكبير.. لكي لا يذهب الإرث الذي تركه المتوفي الثري خارج نطاق العائلة.. بل إن الاستعلاء مورس على "نورية" الطفلة التي أرغمت بدورها على الزواج من ابن عمها.. لذات السبب الذي أرغمت من أجله والدتها. ما يؤكد أن الاستعلاء لا يتم بصورة فردية على الضعفاء بل ينسرب كل أفراد العائلة..
 
في قصة لست سوى امرأة وهي صياغة مفصحة للعبارة العامية التي جاءت على لسان شرطي المرور.. بقوله للفتاة التي تقود السيارة بعد أن أوقفها زاعما أنها خالفت قواعد السير مع أنها لم تخالف لكنه خاطبها وبلهجة استعلائية " انتي غر مره".
قصتان هما "توقيع شيك" و "ضربوا المدير وأسعدوا الموظفين".. جاءتا خارج سياق الحكي الشعبي كتأكيد على استفحال متأصل ممتد لثقافة الاستعلاء حتى في أروقة منشآت الدولة في الوقت الحاضر.
 

 

قراءة لرواية بحثا عن الزمن المفقود – الجزء السابع – الزمن المستعاد لمارسيل بروست:


هنا يصل القارئ للمحطة الأخيرة لرحلة قراءة رواية بحثا عن الزمن المفقود، بشخصياتها المتعددة، وأحداثها التي تعبر الزمن وتستعيد الماضي وجزء من حياة أشخاصه. حقا إنه انجاز حقيقي أن ينتهي القارئ من قراءة الأجزاء السبعة. وسيكتشف أنه سيعيش مع أحداثها وشخصياتها وكاتبها لزمن غير محدد، يكتشف فيه جمال ماقرأ.

عن الحرب:

تدور أحداث الرواية خلال الحرب العالمية الأولى. "إن الحرب لا تفلت من قوانين هيغل العجوز إنها ضرورة مستمرة" 

اعتبر هيغل الحرب ضرورة منطقية في حسم العلاقات بين الدول لكي يتم تجاوز الإرادة الجزئية في فرض سيادة الدولة على الدول الأخرى باعتبارها هي أيضا غايات، وبالتالي فإن الدخول في صراع بينها هو ضرورة ولازمة لكي يتم السلب والرجوع إلى العقل الكلي مما ينتج منه قانون يحكم العالم باسره. وهو هنا متفق مع غروسيوس في إدارة الدول بقانون دولي عام. إلا أن هذا القانون عند هيغل لا ينشأ إلا بالحرب كحالة سلبية تؤدي في النهاية إلى التعين والتحقق الذاتي. 

ويعرض الكاتب جزء مما غيرته الحرب في حياة الناس اليومية. وكيف يتأقلم الناس مع ما يحدث، وكيف يتفاعلون معه. " بحيث أن موت ملايين البشر المجهولين يكاد لا يلامسنا ولا يزعجنا أكثر من مجرى هواء"

تصوير بليغ لطريقة تأثر الناس الذين يعيشون بأمان بما يحدث للناس الآخرين من كوارث." البلهاء في كل البلدان هم الأكثر عددا"

ويصور مظهر من مظاهر بشاعة الحرب:" أعجب بإنكلترا المثالية والتي لا تستطيع أن تكذب عندما قطعت القمح والحليب عن ألمانيا"، يصف جانب من فظائع الحروب: " والثقافة الشائعة الذكر هي أن تقتل نساء وأطفال لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم"

ورغم الحرب فإن حياة البعض لا تتغير، ويسجل دهشته لما يراه عند دخوله مبنى لا يعرف حقيقة ما يحدث فيه، فيسجل لقطات من ممارسات الشخصيات المثلية في الرواية: " إنه حجم حقيقي ظننت أني كالخليفة في ألف ليلة وليلة، وصلت في الوقت المناسب لأجد رجلا يضرب، وإذا بي أمام حكاية أخرى من حكايات ألف ليلة وليلة حكاية المرأة التي مسخت كلبة تضرب بطوعها كي تستعيد شكلها الأول"

" عندما ندرس بعض حقبات التاريخ القديم، نذهل من وجود أشخاص طيبين، إذا أخذوا بمفردهم يساهمون دون أي وازع في مجازر جماعية ومذابح بشرية يرونها على الأرجح كأشياء طبيعية".


عن الأدب والكتابة:

خيال جميل وتعبير ساحر عن المشاعر والراوي يصف لنا ذكريات طفولته. ويعرج  للمعاناة الصحية التي تحرمه من الكتابة، ويتساءل: " أتساءل: هل يستطيع الكاتب أن يأمل بنقل متعة إلى القارئ لم يشعر بها؟"

بروست حقا يحير النقاد، فهل روايته سيرة ذاتية، أم عمل أدبي خيالي. ويعلن لنا عن رأيه بكتابه: " في هذا الكتاب الذي لا يوجد فيه إلا شطح خيال، ولا توجد فيه شخصية حقيقية واحدة مهمة، وخلقت فيه أنا كل شيء حسب مقتضيات عرضي ...."

في حيز غير قليل يسهب الكاتب في آراؤه حول الكتابة والفن والنقد الأدبي. فيكتب بإسهاب عن الكاتب والكتابة وخبرة الكاتب. حديث يكشف للقارئ عن معاناة الكاتب واحباطاته والآمه. ويقارن بين الرسام والكاتب: " يحتاج الرسام إلى مشاهدة كنائس عديدة ليرسم واحدة منها، أما الكاتب فيحتاج إلى أكثر من ذلك ليحصل على الحجم والقوام والعمومية والواقع الأدبي، يحتاج إلى أشخاص كثيرين ليحصل على عاطفة واحدة"

يتحدث عن خبرات الكاتب الحياتية التي تشكل مادة كتابته وأعماله الأدبية. عن معاناته الصحية والآم جسده وعزلته. ويعرج إلى دور الألم في إبداع الكاتب واثراء تجاربه. " السنوات الرغيدة هي سنوات ضائعة، إننا ننتظر ألما لنتمكن من العمل".

"وحتى من غير الصحيح أنني أفكر بالذين سيقرأونه، أفكر بقرائي. لانهم لن يكونوا، بحسب رأيي، قرائي، وإنما قراء أنفسهم، فكتابي ما هو إلا نوع من العدسات المكبرة مثل تلك التي يقدمها بائع نظارات كومبريه إلى أحد المشترين، بفضل كتابي سأعطيهم وسيلة لكي يقرأوا أنفسهم".

تشبيهات كثيرة مميزة وعبارات رائعة لوصف دخول الليل أو ظهور الصباح، الطائرات في السماء. وتشبيه حركة الماء بالموسيقى.

حديث طويل عن الأدب ومقارنة بين الأعمال الأدبية ونقدها.


ماذا يفعل الزمن؟

يتوقف كثيرا عند ماهية الزمن، وأثره على الناس. شاب الأمس هو شيخ اليوم لكنه لا يحس بذلك. " الناس لا يرون ملامحهم وأعمارهم، ولكن كل واحد ينظر إلى ملامح وأعمار الآخرين، كما في المرايا المتعاكسة" ، يتناول موضوع السن والشيخوخة والزمن من زاوية فلسفية. 

عبر صفحات طويلة يرصد بروست أو الراوي فعل الزمن بالوجوه للشخصيات التي عرفها في شبابه. ويسهب كعادته في توضيح فكرته عن فعل الزمن بالبشر، فالزمن كي يصبح مرئيا يبحث عن الأجسام فيعبث بملامحها، يرخيها، ويمطها، ويضع لطخات داكنة، فيغير ملامحها لنفهم أن ذلك من صنع الزمن الذي لا نشعر بمروره. " وهكذا نرى أن الزمن يمتلك قطارات سريعة وخاصة تنقل بسرعة إلى الشيخوخة المبكرة"، " وكذلك يبدد الزمن الخصومات العائلية".

يصف الراوي كيف تغيرت الأزياء في فرنسا، ويرصد تغير آراء الناس حول عدد من القضايا بتغير الزمن، فما كان منكرا يصبح عاديا، مثل قضية دريفوس الشهيرة. ونرى كيف تغيرت طبقات المجتمع الفرنسي بمرور الزمن، وظهرت أجيال تجهل كل شيء عن عظماء الماضي ومشاهيره. " يكفي جيل واحد ليتم فيه التغيير الذي حصل منذ قرون".

" وبسبب التقدم الحتمي لعلم الجمال الذي انتهى به الأمر إلى التكرار الممل، فإن عائلة الفيردوران كانت تقول إنها لا تطيق الأسلوب الجديد في الفن لأنه يأتي من ميونخ، ولا الشقق المدهونة بالأبيض، ولم تعد تحب إلا الأثاث الفرنسي القديم ذا الديكور القاتم".

ويفهم القارئ سر تسمية العمل ببحثا عن الزمن المفقود (سر عنوان الرواية)، فيعيش القارئ لصفحات مع كلام عميق عن الزمن والاحساس بجمال الأشياء عندما نستعيد ذكراها ونستمتع بتلك اللحظات التي لم نستمتع بها في وقتها: "ذلك أن الجنان الحقيقية هي الجنان التي أضعناها"

وعبر صفحات طويلة يعيش القارئ مع تحليلات الراوي، وتقييم تصرفاته ومشاعره في الماضي وهو ينظر إليه بمنظار جديد: " ولأن الأجساد البشرية تختزن في داخلها ساعات من الماضي، فإنه بإمكانها أن تسبب الكثير من الألم للأشخاص الذين يحبونها، ذلك لأنها تختزن الكثير من الذكريات، ومن الفرح، ومن الرغبات التي أُزيلت من أجله، والتي تبقى قاسية جدا على الشخص الذي يتأمل ويطيل، في نظام الزمن، الجسد الحبيب الذي يغار منه لدرجة أنه يتمنى تدميره".

سحر ألف ليلة وليلة:

ويكشف لنا عن عمق حبه وتأثره بكتاب ألف ليلة وليلة: " سيكون كتابا بطول ألف ليلة وليلة ربما، ولكنه مختلف تماما. لا شك أننا عندما نحب عملا ما فإننا نرغب في فعل شيء مشابه له". ويتمنى أن يمهله الموت لينتهي من كتابة كتابه الطويل كما فعل شهريار مع شهرزاد وهي تحكي حكاياتها التي لا تنتهي. " لكن كنت بحاجة إلى ليال كثيرة، مئة ليلة، أو ربما ألف. وسوف أعيش في قلق لأنني لا أعرف إذا ما كان سيد قدري أقل رأفة من السلطان شهريار، وعندما أقطع حكايتي في النهار، أتراه يقبل تأجيل موتي ويسمح لي باستئناف البقية في الأمسية القادمة".

الترجمة:

تغير مترجم الكتاب من الجزء السادس، وعلى غلاف هذا الجزء فقط يظهر اسم المترجم له دون اقترانه باسم المترجم للأجزاء السابقة. ويلاحظ القارئ أن المترجم لم يلتزم بترجمة المترجم السابق، فهو يغير تسميات وضعها المترجم السابق فيتسبب بالإرباك للقارئ. فهو مثلا مصر على تسمية المادلين بالمجدلية دون مراعاة أن القارئ عرفها كذلك في بداية الرواية، وأن مصطلح أو تسمية المجدلية غريب ومزعج ويحتاج القارئ وقت ليستوعب أنها تعني المادلين.

يصف المترجم الجندي ذو الشعر بالجندي الشعراني وهي ترجمة غريبة للفظ الفرنسي Poilu   التي تعني مشعر أو أزغب أو كثير الشعر. 

ملاحظات المترجم في الهوامش غير ذات قيمة بالنسبة لي. ما يهمني عند قراءة الرواية هو أفكار الكاتب ولا أحتاج توضيحات المترجم وتفسيراته وتأويلاته. بل أنه يلعب دور ناقد في بعض ملاحظاته وهذا غير مقبول ولا محمود. وفي صفحة 377 وضع ملاحظة غريبة: "كان على بروست أن يدرج هنا قصة أوديت التي أصبحت عشيقة كوتار، وليس في آخر هذا الجزء من الكتاب". المترجم الذي يكون له آراء تخالف مؤلف الكتاب الذي يقوم بترجمته يمكنه اصدار كتاب خاص به يضع كل آرائه ونقده فيه.

https://mirdad.app/articles/4902/%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%A1%D8%A9-%D9%84%D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%D8%A8%D8%AD%D8%AB%D8%A7-%D8%B9%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B2%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%81%D9%82%D9%88%D8%AF-%E2%80%93-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D8%A8%D8%B9-%E2%80%93-%D8%A7%D9%84%D8%B2%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D8%AF-%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%B3%D9%8A%D9%84-%D8%A8%D8%B1%D9%88%D8%B3%D8%AA 

 


الجزء الأول - جانب منازل سوان

 

الجزء الثاني - في ظلال ربيع الفتيات 

الجزء الثالث - جانب منازل غيرمانت

الجزء الرابع - سادوم وعامورة 

الجزء الخامس - السجينة

الجزء السادس - الشاردة  

قراءة لكتاب المذكرات السياسية في اليمن لمحمد ناجي أحمد:

 قراءة لكتاب المذكرات السياسية في اليمن لمحمد ناجي أحمد:

الكتاب هو قراءة ناقدة لعدد من كتب المذكرات السياسية.

يوضح الكاتب رأيه الذي قد يخالف مؤلفي هذه الكتب، في نقاط يحددها ويذكر ما قاله آخرون في النقطة محل الخلاف.

وهو جهد يشكر عليه الكاتب، لأنه كتاب تحليلي وتوثيقي للحياة السياسية في اليمن، ويسلط الضوء على عدد من النقاط الغامضة في التاريخ السياسي اليمني، مع محاولة تصحيح ما يقع فيه الكتاب من تشويهات للتاريخ وأخطاء. قد نختلف مع المؤلف في بعض النقاط لكننا نتفق معه في الأغلب.

يتناول الكتاب الكتب التالية:

1-    حركة الأحرار اليمنيين والبحث عن الحقيقة لمحمد علي الأسودي. يصحح الكاتب ما جاء في كتاب الأسودي من اتهام للمملكة المتوكلية بالتقاعس عن تحرير الجنوب المحتل، ويذكر أن الحقيقة التاريخية هي أن الإمام يحيى لم يتوقف عن المطالبة بالجنوب حتى تعرضت قواته للقصف الذي قامت به طائرات المحتل البريطاني. كما أنه لا يوافق الأسودي في قوله إن ظهور العدنانية والقحطانية والزيدية والشافعية من ابتداع المتوكليين، ويقول أن هذه التهم هي تبرئة للدور العثماني الذي عزز الصراع الطائفي بين الشافعية والزيدية واليمن العالي واليمن الأسفل. " ويرى الأسودي أن خلق العداوة والحقد بين أبناء الشمال أنفسهم هو من صنيعة الحكم المتوكلي الذي قسم الناس إلى رعية من الدرجة الثانية وشيعة من الدرجة الأولى، والحقيقة هي أن القبائل نضير نصرتها وتأسيسها لحكم الأئمة هي التي فرضت نفسها كأنصار فوق الرعية، وحين كانت الإمامة تحاول فرض سيطرة الدولة سرعان ما تصطدم بالحقوق المكتسبة للقبائل المحاربة.

 

2-    مذكرات أحمد محمد نعمان، سيرة حياته الثقافية والسياسية، ويكشف الكاتب أن مؤلف هذا الكتاب ينسب لنفسه أعمال قام بها أخوه.

 

3-   تحت عنوان جمهورية 5 نوفمبر يقدم مذكرات الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر، ويوضح أن المشايخ استولوا على الحكم بعد أن خدعوا الناس بأن الثورة كانت من أجل تحرير الشعب رغم أن الإمام بدأ بالانفتاح ونشر التعليم، لكن المشايخ ثاروا عندما حاول الإمام مساواتهم ببقية الرعية.

 

4-   قراءة نقدية لكتاب قصة ثورة وثوار - حقائق عن ثورة 26 سبتمبر، عبد الله الراعي يحكي.

ويذكر أن الراعي ينفي خبر هروب البدر بملابس امرأة، ويبرر الراعي بأن الإعدامات بعد الثورة كانت ضرورية.

5-   قراءة نقدية في أوراق من ذكرياتي للواء حسين المسوري، ينتقد الكاتب المسوري لأنه لم يوضح ما نوع عمل والده.

 

6-   قراءة نقدية في كتاب خمسون عاما في الرمال المتحركة لمحسن العيني، ينفي الكاتب ما تردد وشاع حول المقولة الشهيرة للثلايا (لعن الله شعبا أردت له الحياة فاراد لي الموت) وينسبها للمصريين ويروي حكاية سمعها من معمري قرى العدنة الذي يحكون قصة مختلفة.

7-   مقاربة لأيام وذكريات لحسن مكي، ويرى الكاتب أن حسن مكي كان محايدا وموضوعيا في تفسيره لما حدث من خلافات بين الثوار.

 

8-   عن كتاب الثورة والنفق المظلم لعبد الملك بن محمد الطيب، الكاتب يرى أن الطيب متحيز ضد المصريين والعمري في حكاية مقتل الزبيري.

 

9-   شذرات عن مذكرات اللواء علي صلاح، ويشير الكاتب إلى ما قاله مؤلف الكتاب عن نظام الرهائن باليمن والذي هو في الأصل نظام شرقي يمتد إلى عهود سابقة، لكنه كان في عهد الاستعمار التركي لليمن من أسوأ أنظمة الرهائن مهانة، فلقد كانوا يأخذون رهائن مثلثة، اي إحدى الزوجات والبنت والأخت، ولأن في هذا النوع من الرهائن إذلالا اجتماعيا فقد قلصه الإمام يحيى إلى رهينة واحدة، وهو عبارة عن أصغر أبناء مشائخ الضمان حتى لا يفسدوا على الدولة، وكان الإمام يقوم بتعليمهم، ويأمر لهم بريال كل يوم. ويشير علي صلاح أنهم بعد الثورة وفي عهد الجمهورية كانوا يأخذوا رهائن ممن يعلن انضمامه للصف الجمهوري للتأكد من صدقه.

 

10-  إطلالة على مذكرات اللواء محمد عبد الله الإرياني، أحداث من الذاكرة، يسرد الإرياني لماذا تم نفي الفريق العمري وقصة المصور محمد الحرازي الذي قتله العمري. ويرى الإرياني أن المشائخ كان من مصلحتهم التخلص من العمري، وكذلك من مصلحة السعودية. ويشير لسبب اغتيال الحجري.

11-   قراءة نقدية في كتاب: شخصية الإمام أحمد حميد الدين ورجالات عصره للواء محمد علي الأكوع، الكاتب يرى أن الأكوع غير منصف، ويكره الإمام، ويقول أن الأكوع كان أحد الضباط الذي انقلبوا على الإمام وأمروا بإطلاق النار على القصر في تعز ورفضوا تسليم الجنود للمحاسبة وهرب إلى عدن. ويكشف الكاتب كيف يصور الأكوع الإمام أحمد بصورة مشوهة فيتعسف الحقائق التاريخية حين يتحدث عن مواجهة الإمام للثلايا بعد اعتقاله من قبل المواطنين، وتلك الحكاية المشوهة يحكيها الأكوع رغم أنه لم يحضر الحادثة وكان يومها في مصر.

كما يشير الكاتب لما قام به الأكوع عندما وضع هوامش لكتاب رحلة الإمام أحمد إلى روما والذي كتبه الدكتور جوزيبي جاسبريني، فعمد لوضع أفكاره هو ونسبها للمؤلف الإيطالي.

12-   قراءة في ثورة 14 أكتوبر اليمنية من الانطلاقة حتى الاستقلال لراشد محمد ثابت أحد قيادي الجبهة القومية، ويذكر:" على غير ما هو شائع من دور الاستعمار البريطاني في تطوير الجنوب، نجد الاحتلال أبقى عدن مجرد ميناء ترانزيت لاستقبال البضائع وتمويل السفن بالبترول والفحم، فباستثناء المصفاة، لم توجد في عدن حركة صناعية وانتاجية، والأرياف كانت بائسة بدون شبكة مواصلات وبدون تعليم  وبدون خدمات صحية ، لقد انحصر دور الاحتلال في إيجاد قدر من التطور العمراني وشبكة المواصلات داخل مدينة عدن وذلك لاستيعاب الحجم المتزايد للقوات البريطانية واحتياجاتها من النشاط الإداري على صعيد الخدمات وبناء الطرق وتوسيع الخدمة في الميناء".

13-  المطيع دماج والانتماء لقيم الثورة، يرى الكاتب أن دماج كان ضد استخدام الدين في السياسة، وكان مستوعبا لخطر توظيف الرجعية والاستعمار للدين من أجل ضرب العروبة.

14-  شذرات من كتاب دفاعا عن الحرية والإنسان لهايل منصور (كتبها الدكتور أبو بكر السقاف)

"المشكلة أننا نتشبه بالمصريين منذ عهد الفراعنة في السياسة والفساد ولا نتشبه بهم في الانتاج والثقافة"

يسرد الكاتب كثير من الاقتباسات من الكتاب لآراء الدكتور السقاف التحليلية للوضع في اليمن. " القضية اليمنية لن تحل بانتعاش الهويات الوهمية، ولكن بالسير قدما نحو هوية جامعة تحترم التنوعات لكنها لا تغرق في أوهامها"

ويختم الكتاب بعدد من المقالات التي نشرها عن الأوضاع في فترة 2011 وما بعدها.