قراءة لرواية: والله إن هذه الحكاية لحكايتي لعبد الفتاح كيليطو:

 

رواية ممتعة لمن قرأ حكايات ألف ليلة وليلة لأنها تربط بطل الرواية حسن ميرو ببطل أحد حكايات ألف ليلة وليلة حسن البصري الذي أحب جنية وأخفى ثوب الريش الذي تتحول به إلى طائر، لكنها تجده ذات يوم وتغادر تحمل معها طفليها...
فحكاية حسن ميرو تشبه حكاية حسن البصري إلى حد ما، وكذلك الكاتب الأمريكي يوليوس موريس...لكن الرواية لا تكتفي بهذه الشخصيات فهناك الراوي ...
لتفهم حكاية حسن ميرو عليك أن تفهم حكاية حسن البصري..
وتزدحم الرواية بعناوين الكتب وأسماء الكتاب والأساطير المتنوعة...
عنوان الرواية الذي يقف عنده القارئ، عنوان يحمل شيء من سحر التراث، سحر الحكايات والاصرار على حكيها...
 
صورة الغلاف لامرأة تطير، فما هي حكاية طيران النساء في هذه الحكايات؟
لكن الرواية لا تكتفي بحكاية الجنية التي تطير بثوب الريش بل تأخذ القارئ لحكايات أخرى مليئة بالسحر والغرائب فهناك إشارة لجازون الذي فاز بالفروة الذهبية وهي إحدى القصص الإغريقية، وإشارة أخرى لأرثر غوردون بيم ورفيقه بيتر وهما بطلا رواية لإدغار الآن بو. وهناك أسطورة الغورغون والأخوات الثلاث ذوات الشعر من الأفاعي ونظراتهن تمسخ الرائي إلى حجر ...
 
ويقتبس الراوي من آيات القرآن الكريم عن النمل والنبي سليمان وملكة سبأ والهدهد، وحكاية التعبير Fort da وما يعنيه حسب تفسيرات فرويد.
وهناك معلومات عن طائر الخطاف أو السنونو واللقالق التي تهاجر وتعود كل مرة لأعشاشها السابقة...
هل قرأت كتاب عصفور من الشرق لتوفيق الحكيم؟
وما مدى معرفتك ببطل مقامات الحريري الذي يصف نفسه بالشاعر فهو يأخذ اللفظ فضة وحين يصوغه يحوله لذهب، مع هذه الرواية ستجد نفسك داخل متحف اللوفر حيث تمثال ساموثراس لآلهة النصر نايكي.
ويطل ابن حزم في إحدى الصفحات بقوله: " إنه لم ير أشد تبجحا ولا أعظم سرورا بما هو فيه من محب، أيقن أن قلب محبوبه عنده ووثق بميله إليه".
ويفتح حسن ميرو كتابا قديما يعود إلى القرن الرابع الهجري " مثالب الوزيرين" من تأليف أبي حيان التوحيدي، وهو الكتاب الذي سيقلب حياته رأسا على عقب.
ولكن ماذا يقصد الكاتب الفرنسي جورج بيرنانوس عندما يقول: " لن يرحمك المخفقون" وما علاقتها بحكايتنا هذه؟
وتطل روايات فلوبير، ومونتي أحد حكماء الغرب، وسيلين صاحب الشخصية الجدلية. ويظهر كتاب معجم البلدان وكتاب معجم الأدباء لياقوت، وكتاب المقامة الجاحظية للهمذاني، كتب تقتل صاحبها كما حدث للجاحظ الذي مات تحت ركام كتبه كما قيل.
ونتساءل مع حسن هل أصابته لعنة كتاب التوحيدي وهو يعمل على أطروحته عن التوحيدي وموقف ابن عباد منه، وكيف كانت سخرية التوحيدي من خصمه سببا في شهرة ابن عباد الذي ما كان سيتذكره إنسان لولا سخرية التوحيدي منه، ولكن هل هناك حقا لعنة مرتبطة بكتاب التوحيدي؟
 
تدافع الرواية عن أبي حيان التوحيدي الذي ألصق بكتبه عدد من الافتراءات منها استنكار ابن خلكان ضمنيا تأليف كتاب المثالب فعده من المؤلفات ذات التأثير المضر. الضر لا يلحق بمن يقرأ الكتاب بل حتى من يدخله بيته!
 
في حكاية ألف ليلة وليلة ينتهك حسن البصري المحرم ويفتح الباب الذي ما كان عليه أن يفتحه، ونتابع ما جر عليه ذلك من الهم فكانت نظرة أعقبتها ألف حسرة كما جاء الوصف على لسان شهرزاد، وما حدث للبصري يشبه إلى حد ما موضوع الفضول المحرم الذي أخرج آدم وحواء من الجنة، وهو سبب إصابة أوديبوس بالعمى، وكذلك مسخ الصياد أكتيون إلى أيل لتأكله كلابه.
 
إنها رواية تعج بعناوين الكتب وأسماء الكتاب، والإشارة للأساطير ونقاشات أدبية كأن القارئ في صالون أدبي..
 
كانت بالنسبة لي 142 صفحة من القراءة الممتعة التي تقدم التراث بطريقة ذكية ومشوقة...وتدفع القارئ لقراءة تلك الكتب.
ولكن هل حقا هناك لعنة تلحق بمن يقرأ للتوحيدي؟

 

رواية: صنعاء ..الوجه الآخر للدكتور إبراهيم إسحاق

 


استوقفني غلاف الرواية ...غلاف الرواية هو المدخل الأول للعمل الأدبي ...يحمل دلالات لها علاقة بمحتوى الرواية....
هنا الغلاف يهيئ القارئ لجو الرواية ...وزمنها...صنعاء في زمن محدد ..
هناك دور نشر لا تشرك المؤلف في عملية اختيار صورة الغلاف ويعتمد اختيار الغلاف على عامل التسويق والترويج للرواية فيضلل القارئ لأن صورة الغلاف في الغالب لا علاقة لها بمحتوى الرواية ...
لكن هنا الإبداع بدأ من صورة الغلاف الذي ينقل القارئ لزمن الرواية ...
العنوان يحدد مكان العمل الروائي هنا ...ويترك للقارئ مهمة اكتشاف الوجه الآخر للمدينة...
السرد مؤثر لأن اختيار أن يكون السرد على لسان الطفل بطل الرواية يجعل الحكاية أكثر تأثيرا ...
 
طفل لا يعرف حقيقة ما يحدث لكنه يعيش آثار تلك الأحداث التي تغير مصير عائلته ...ونعيش معه تفاصيل حياته اليومية...
أبدع المؤلف ، والذي اقرأ له اول عمل، في جذب القارئ لينغمس في الأحداث التي يسردها الطفل لحياته البسيطة والتغيرات التي طرات على المدينة بعد قيام الثورة وأثر ذلك على أفراد أسرته المحسوبه على النظام السابق ...
فيعدم جده ويلقى القبض على والده وعمه ...رغم أن عمه الصغير من ضباط الثورة...
وكيف تتغير حياة الأسرة بعد الاستيلاء ومصادرة منزل الأسرة وانتقالهم لمكان آخر ...وترصد الرواية الحياة الاجتماعية للاسرة في تلك الفترة وتأثيراتها على بطل الرواية الصغير وهو يستمع مع جدته لأغاني وردة الجزائرية التي يظنها مصرية ... 
 
تسير أحداث الرواية دون أن يتورط الكاتب بالتفسير أو الوقوع في فخ توجيه القارئ حسب وجهة نظره....ويترك القارئ أمام عمل أدبي يفهم منه ما يشاء ...
ويترك الحكاية تدور ببساطة بكل ما فيها من جرعات ألم وحزن تنساب ببساطة من ذهن طفل يحاول فهم ما يحدث فيعيش القارئ هموم الطفل وتفسيراته ومخاوفه الطفولية من الجن الذي يسكنون حر الحطب أسفل المنزل وكيف يقطع تلك المسافة جريا وقلبه يكاد يتوقف عن الحركة من شدة الرعب... 
 
تنتهي الرواية بالانقلاب على الرئيس المشير السلال وبداية عهد جديد ...
لكن النهاية كانت مفاجئة بموت والد الطفل دون تفصيلات ...
 
اقتباس من الرواية:
- الحبس يا أم إبراهيم حبس القلوب..إذا احتبس القلب احتبس كل شيء، وإذا تحرر؟
 
- يا أم نديم ، القلعة أو الرادع أفضل لإخوتي ، خصوصا محمد، لأنه لو خرج بأمر أصحابنا فسيسجنه المصريون في القيادة العربية، وهناك لا أراك الله، عذاب الكهرباء التي لم تصل إلى بيتكم حتى الآن، ونهش بكلاب البشر والحيوان.

 

فيلم قتلة زهرة القمر Killers of the flower Moon

 

ونحن نعيش الصدمة لما يحدث من جرائم يمكن وصفها بالابادة الجماعية في غزة والتي تحدث على مرأى ومسمع من كل العالم ...
يأتي فيلم قتلة زهرة القمر ...الذي تدور أحداثه الصادمة عن جرائم إبادة عرقية أيضا....
الفيلم طويل ثلاث ساعات و نصف ...لكن المشاهد يحبس أنفاسه أمام القصة المؤلمة التي يحاول الفيلم تلخيص أحداثها ...
الإبداع ظاهر في كل شيء ...طريقة سرد الحكاية وأداء مذهل لكافة الممثلين ...
يقول ليوناردو دي كابريو والذي كان سيؤدي دور رائد المباحث الفيدرالية للتحقيق في الجرائم أنه فضل أداء دور القاتل ...
 
أحداث الفيلم عن قصة حقيقية في العشرينيات من القرن الماضي وبعد أن تم طرد الهنود الحمر وتحديدا قبيلة الاوساج إلى ولاية اكلاهوما ذات التربة الفقيرة تفجر النفط هناك وهبطت الثروة على أفراد الاوساج....
 
يبدأ الفيلم برقصة والنفط يتفجر وينساب على أجساد الراقصين...
لكن المهاجرين البيض الذي لم يكتفوا بما ارتكبوه بحق السكان الأصليين لأمريكا انتقلوا طمعا في نهب الثروة الجديدة والتخطيط لسرقتها والتخلص من مالكيها ...
يظهر الفيلم ببراعة كيف يتم التخطيط لعمليات القتل التي تلفت انتباه مكتب التحقيقات الفيدرالي حديث التأسيس لتكشف التحقيقات جرائم التصفية العرقية التي تحدث ....
يؤدي دي نيرو دور نائب العمدة ...المسؤول الذي يحبه الجميع صاحب القلب الكبير الذي يمد يد العون للجميع وهو من يخطط لكل عمليات القتل ...
 
قصة الحب بين إرنست يوركهارت الذي يؤدي دوره ليوناردو دي كابريو ومولي يوركهارت وهي ثرية من الأوساج ويتزوجها ليسلبها ثروتها باتفاق مع عمه ...قصة الحب التي توضح تناقضات المشاعر البشرية وتعقيداتها...
وهل يمكن أن نحب من يؤذينا ويتسبب في هلاكنا؟
في لقاء مع المخرج سكورسيزي يوضح أنه مع طاقم العمل حرصوا على فهم عادات وأفكار قبيلة الاوساج والذهاب إلى مناطقهم وحيث سيتم التصوير للحديث معهم ...
شارك أفراد من الاوساج في الفيلم وأيضا خلف الكواليس لاظهار العادات للقبيلة وتراثهم بشكل صحيح ودقيق ...
مثل مشاهد الاحتفال بالمولود الجديد وقيمة زهرة القمر بالنسبة لهم ...وأشرفوا على التأكد من نطق الممثليين للغة الأوساج بطريقة صحيحة ...
 
ينتهي الفيلم بمشهد مسرحي يظهر فيه المخرج وهو يحكي تطورات القصة ...
هناك من انتقد الفيلم لأنه يقدم القصة من وجهة نظر القتلة لا الضحايا ...لكنني أرى عكس ذلك فالاختيار كان ذكي وأكثر تأثير وصدمة...خاصة والمشاهد يعرف من هم القتلة ويراقب كيف تنفذ الخطة بكل برود ...لأن هذا ما يحدث فعلا في الواقع الذي يحتاج المزيد من التعرية....
القصة مؤلمة وهي تحكي قصة جرائم الإبادة التي تعرض لها الهنود الحمر من قبل البيض الذي قدموا من أوروبا وظنوا أنهم أحق بالأرض وماعليها من ثروات ولم يتورعوا عن ارتكاب أبشع الجرائم ....وهو وضع مشابه لما يحدث اليوم بالاراضي المحتلة في فلسطين ...
الملفت للنظر أن تاريخ البشرية مليء بالفظائع التي تتكرر...
لكن الفيلم دفعني للتساؤل: هل بدأ الإنسان يستوعب بشاعة تلك الأعمال ويرفض أية تبريرات لها؟
 
هل ما نراه من تجاوب ايجابي مع ما يحدث في غزة من أشخاص في العالم الغربي أحد المؤشرات على أن البشرية تسير في الطريق الصحيح لرفض القتل والتعصب والتطرف رغم وعورة هذا الطريق؟
 

 

الثورة والنفق المظلم لعبد الملك الطيب

 

هذا أول كتاب أجد فيه تفاصيل لما حدث في مرحلة حكم السلال ووجود القوات المصرية المسلحة في اليمن...
يستند الكاتب إلى عدد من الخطابات بين مشائخ القبائل اليمنية وعدد من الشخصيات التي لعبت دور في تلك الفترة ومراسلات مع سفراء عرب وسفارات أجنبية وكذلك مقالات في الصحف اللبنانية عما يحدث في اليمن...
هناك نقد وتحليل لموقف مصر في اليمن والأخطاء التي أرتكبت وكيف حاول عبد الناصر السيطرة على اليمن وكيف أدخل اسلوب التعذيب المرعب في السجون وحملة الإعدامات للمخالفين للسياسة المصرية ،أو لحكم السلال، دون محاكمات ...
" فالشعب يريد العدل بدلا عن الظلم، والعمل والبناء بدلا عن البطالة ، والأمن والاستقرار بدلا عن الإرهاب ، والمدارس والمستشفيات بدلا عن السجون، والمصانع والإصلاح بدلا عن التدمير، والإخوة والرخاء بدلا عن الفقر والاختلافات..."
" حكومة تدعي أنها تمثل الثورة، فهل الثورة لصوصية ونهب وسرقة أموال؟ وتدعي أنها تمثل الجمهورية فهل الجمهورية إرهاب وبطش وسفك دماء..."
هناك تفصيلات عن أهم الأحداث التي توضح حجم الانحراف عن أهداف الثورة مثل:
حملة العدين ، والاعتقالات الواسعة في اليمن لملاحقة كل المعارضين لسياسة السلال، ضرب بعض المناطق بالغازات في أرحب وآنس، قتل شخصيات لها ثقل اجتماعي مثل النيني وهو من مشايخ خولان الذين شاركوا ليلة الثورة، وعلي بن محسن هارون، وهادي عبسى ومحمد الرعيني وهو نائب الرئيس السلال ووزير وبعيد عن كل شبهه وتعرض لتعذيب مرعب. ومحاولة ضرب القبائل ببعضها، وإثارة العصبيات والنعرات الطائفية والمذهبية.
ثم يشرح كيف انسحبت القوات المصرية من اليمن دون أن تسلم مواقعها للجيش اليمني وهذا أعطى الفرصة للملكيين لسد الفراغ والوصول لمحاصرة صنعاء...
كثير من المراسلات توضح لماذا تكاتفت كل القبائل في اليمن ضد السلال والقوات المصرية التي هدمت البيوت وأحرقت الحيوانات ولاحقت كل المخالفين.
والمحاولات لما عرف بالقوة الثالثة في اليمن للم شمل كل اليمنيين بعيدا عن الوصاية على اليمن.
ويوضح الكاتب أن شيوخ القبائل كانوا يطالبون بحكم إسلامي، وذلك ما نصت عليه اتفاقية الطائف، إنشاء دولة إسلامية.
ويمكن فهم تلك الأفكار في ذلك الزمن.
الكتاب رائع بما فيه من حقائق وتوضيحات وهناك حاجة لمزيد من الكتب والتحليلات عن تلك الفترة لمعرفة كل الآراء.
 

 

قراءة لكتاب ثورة 26 سبتمبر 1962 قراءة في الهوامش لعرفات عبد الخبير الرميم

 الكاتب وضع في هذا الكتاب قراءات لعدد من الكتب التي نشرت عن الثورة اليمنية تقريبا 54 كتاب ...
يقارن ما جاء في تلك الكتب عن الحدث الواحد ، يحدد الأكاذيب التي تشاع ويقارنها بوقائع وكتابات حول الموضوع نفسه.
فالكتاب إذا كتاب يقارن ويحلل ما جاء في تلك الكتب من تناقضات ويوضح أين الحقيقية وأين الأكاذيب
ولأن كل المذكرات والكتب تبدأ عادة من فترة الحكم الإمامي فكذلك هذا الكتاب ويوضح أن انقلاب 48 لأنه بدأ بكذبه لهذا عندما عرف الناس الحقيقة انقلبوا على قادة الإنقلاب ودعموا الإمام أحمد الذي ثار لمقتل والده.

ويوضح سبب انقلاب 1955 واسباب الفشل وموقف النعمان والزبيري من ذلك الانقلاب. وهناك تفصيلات عن سبب حقد عائلة حسين الأحمر على الإمام أحمد.
وتفنيد ادعاءات السلال بإنه كان على علم بما سيفعله اللقية في حادثة مارس لقتل الإمام ، كما أن السلال لم يكن محل إجماع الثورالالدوره في قتل اللقية. ودور السلال بعد الثورة وإصدار الأوامر لقتل رئيس الاستئناف وأبنه بشكل غريب. ويوضح موقف الفسيل واعتراضه على السلال
" الثوار لم يكونوا يدا واحدة وتحت قيادة واحدة وإنما كانت الحساسيات والمناكفات قد ظهرت"

يقارن الكاتب بين ادعاءات وكتابات بعض الشخصيات حول كل حدث ويظهر حجم التشويه والتزوير في كتابة الأحداث
مثلا يشير إلى أن القاضي الإرياني في كتابه يكذب إدعاء بركات ويقول أن مسلسل الاعدامات استمر دون محاكمات بعد مرور عدة أشهر على اندلاع الثورة. وكيف سمع الناس خبر إعدام بعض الشخصيات قبل محاكمتهم وإكمال التحقيق معهم...
" ويبدأ قطار الثورة يسير في نفس الاتجاه الذي كان يسير فيه قبل قيامها بعد أن تم تغيير السائق ولم يتم تغيير الوجهه وكان ينتقل من محطة إلى أخرى مستبدلا الركاب في كل محطة ، فهناك من كانت مهتمة إبقاء شعلة الثورة فقط وهناك من حمل تلك الشعلة وهناك من مشى على هدى ضؤوها للوصول لمآربه وهذا ما كان ، فقد تم نسف مجلس قيادة الثورة الذي شكل من اليوم الأول للثورة وأعلن مجلس ثورة جديدة من رجال لم يشتركوا في الثورة وليس لهم شعبية ولا هم في مستوى الظروف"
تلك العبارة تلخص الكثير مما حدث في الواقع.
ميزة الكتاب أنه يقارن بين عدة كتابات حول الأحداث التي مرت باليمن
فهو لا يرصد أحداث ويعيد نشرها بل يستخدم كل ماكتب بمختلف الآراء وزوايا النظر ليساعد القارئ على الفهم ومعرفة ماحدث وحقيقة التشوية الذي تم
هذا النوع من الكتابات نحتاجها لأن حجم ما نجهله عما حدث كبير.


 

كتاب: أضواء على طريق اليمنيين- الأطراف المعنية في اليمن لمحمد أحمد نعمان:

 


نشر الكتاب ببيروت عام 1965، الفصل الأخير أضافه بعد توقف المحادثات في مؤتمر حرض كما جاء بالغلاف الخارجي للكتاب.
لغة الكتاب جيدة لا تحمل تحيز ضد أي جهة أو مكون يمني وهذا شيء ايجابي يحسب للكاتب.
 
يشرح الكاتب الفرق بين المدرسة الابتدائية التي اسميت مكتب الأيتام والمدرسة العلمية : " فلما بدأ الأمر يستقر للإمام يحيى بعد انقضاء نحو سبعة أعوام على دخوله صنعاء أنشأ مدرسة ابتدائية داخلية باسم مكتب الأيتام ، كما أنشأ مدرسة أخرى داخلية أسماها المدرسة العلمية"
لكن تفسير الكاتب يتنافى مع كتابات من درسوا بتلك المدارس كما جاء في مذكراتهم.
ويذكر أن من خريجي مكتب الأيتام كثير من الضباط الذي شاركوا في تفجير الثورة.
في تفسيره لسبب حقد وكراهية خريجي مدرسة الأيتام لخريجي المدرسة العلمية هل يفسر سبب حقد الرئيس السلال على كثير من الشخصيات التي تم إعدامها في فترة حكمه؟
ويفصل سبب تفضيل الأحرار لولاية عهد البدر. ويستفيض في الحديث عن انقلاب 1955.
 
يضع تحليل جميل لجزء من المشكلة وسوء الفهم للقضايا الحقيقية:
" إن تجاهل الواقع لا يمكن من الفهم الذي يساعد على الحل والتمسك بالواقع، والانطلاق منه للاستمرار فيه، جمود يثبت المشكلة ويرسخها، وللاا ينتقل بنا خارج حدودها، والسبيل الأوفق في الأمر أن يستعرض الواقع على ما هو عليه ليغير هذا الواقع بهدف إزالة السوء فيه، وليس نقل سوئه من فريق إلى فريق".
 
ويوجه النقد لما حدث، وهذه خطوة جريئة وصحيحة، لأنها تدل على عقلية تحليلية صادقة تحاول فهم السبب الحقيقي للخلل بعيدا عن توزيع الاتهامات جزافا بشكل عاطفي لا يساعد على الفهم:
" لقد حاولنا القفز على الحواجز، ثم دبرنا المكائد، وانفجر البركان، يريد أن يحطم كل شيء ويسحق كل مقاوم. ثم وجدنا أنفسنا بعد ذلك نواجه جقائق وجودنا صارخة مجردة، وننظر لتناقضات حياتنا سافرة مفزعة، الحريق والدمار لأرض القبائل ، والنسف والاغتيال في المدن، وقتل العساكر للفلاحين في ماوية وشرعب، ونهب الدكاكين في الحديدة وتعز، والاعداماتللهاشميين والمعممين والكبار من القحطانيين، والصراع المخيف على اققتسام المراكز بين الزيود والشوافع. وتهامة التي تبحث عن نسب لها بين الفئات المختلفة كلها، تشكو انصراف الجميع عنها، وتضيق بالوافدين الجبالية إليها، فالحديدة لإبنائها أولا، وليعد أهل البلاد الباردة إلى الجبال. كل ذلك قد كان".
 
محمد أحمد نعمان في هذا الكتاب يثير نقطة مهمة لا يلتفت إليها الكثيرون. . المعرفة مهمة..
نعم المعرفة ...أن يعرف اليمني مشاكل كل اليمن واحتياجات المواطن اليمني في شتى المحافظات حتى لا يبقى كل طرف متقوقع على نفسه ويظن أنه يمثل كل اليمن...فكل منطقة لها مشاكلها الخاصة لكنها لا تلغي وجود مشاكل أخرى في مناطق أخرى...
الشرح الموجز لتاريخ اليمن مهم ...الفهم خطوة مهمة لمعرفة طريق الحل...ومعرفة أن سبب الاختلافات هي الجهل بحقيقة مجمل الأوضاع يعد أمر أكثر أهمية، حتى نخرج من تلك الدائرة التي لا نزال نعيش بها حتى اليوم...
 
نعم معرفة الماضي مهمة، لكن العيش اليوم هو في الحاضر المختلف كلية عن الماضي...
قد نختلف قليلا مع الكاتب في بعض النقاط ولكن الكتاب محاولة جريئة ومهمة من جانبه ومابه من أفكار وآراء قابلة للحوار حولها والنقاش والتوسع به بنفس اللغة الهادئة التي لا تلغي الآخر ولا تنسب له تهمة الخراب والدمار، والبناء على كل ذلك مهم من وجهة نظري لنخطو نحو الأمام خطوة حقيقية...
 

 

 

الأرطلان طائر مغرد يتواجد في جميع أنحاء أوروبا...وأجزاء من غرب آسيا ..
يتغذى ليلا ...لذلك عادة ما يتم تسمين الطيور المأسورة بالدخن عن طريق إبقائها في أقفاص في ظلام دائم...
 
ويبلغ طوله حوالي 6 بوصات ويزن أربع أوقيات، ولونه يميل إلى اللون الأخضر والأصفر بلمسة حمراء ياقوتية في أجزاء مختلفة في جسمه.
 
وتعتبر فرنسا، موطناً لأكبر تجمعات طائر الأرطلان.
الطريقة التقليدية التي يأكل بها الذواقة الفرنسيون الأرطلان هي طريقة غريبة جدا، تتم بتغطية رؤوسهم ووجههم بمنديل كبير أو منشفة أثناء تناول الطائر. 
 
يدعي البعض أن المنديل ضروري للاحتفاظ بالرائحة القصوى مع النكهة لأنهم يأكلون الطائر بأكمله في وقت واحد ...
وذكر آخرون أن التقليد يفرض أن هذا التصرف يهدف - التخفي من أعين الله - بسبب هذا العمل الفاضح والمشين...
وآخرون قالوا أن المنشفة أو المنديل، تخفي ببساطة وجوه الذين يبصقون العظام بعد التهام الطائر دفعة واحدة بكل أجزائه ...
 
وبسبب هذا التقليد العجيب، يقتل الصيادون الآلاف من طيور الأرطلان بطريقة غير شرعية سنوياً، فيما يقدر الاتحاد الدولي للمحافظة على الطبيعة أن أعداد هذا النوع من الطيور قد انخفضت بنسبة 30 في المائة خلال العقد الماضي..
 
تم حظر صيد الأرطلان من قبل الاتحاد الأوروبي في عام 1979. ووضعت تشريعات مختلفة تحظر صيد الطيور أو أسرها أو حيازتها منذ التسعينيات ، وبدأت الحكومة الفرنسية مؤخرًا في أخذ إنفاذ القانون على محمل الجد...
 
وهكذا ارتفعت أسعار هذا الطائر في السوق السوداء (وصلت في بعض الأحيان إلى 200 دولار للطائر)....
 
ورد ذكر بيض الأرطلان في رواية "بحثا عن الزمن المفقود لمارسيل بروست" مما أثار فضولي ودفعني للبحث عن هذا الطائر العجيب...

 

لم أخرج من ليلي لآني إرنو:

 

كتاب مؤلم ومحزن وصادم..
أسلوب مختلف في الكتابة ...
يوميات مختصرة ...
ما يميز كتابات آني إرنو هو الدخول مباشرة للموضوع دون الحاجة للمقدمات...
هذا الكتاب الثاني عن أمها...بعد كتاب امرأة
لكن في هذه المرة تعود للمذكرات أو اليوميات التي كتبتها أثناء فترة وجود أمها في دار المسنين...
فتكتب آني إرنو عن التحولات التي تحدث لأمها من يوم دخولها دار المسنين ...
لكنها لا تكتب تفاصيل كثيرة ...بل كلام مختصر...
تضع تاريخ واسم اليوم وأسطر قليلة ...
قليل من الكلمات لزيارة تتم أحيانا مرة في الشهر أو أكثر من مرة ...
العنوان هو العبارة الأخيرة التي كتبتها الأم: لم أخرج من ليلي...
"إنها أمي ...ولم تعد أمي"
ترصد التدهور الذي يصيب الأم ...
"أعطيها قطعة بريوش باللوز، إنها عاجزة عن أن تأكلها وحدها، شفتاها ترضعان الفراغ. في تلك اللحظة أود لو تموت ، أود ألا تكون في هذا التحلل"
الإحساس الذي ينتابها أنها هي أمها.. جسد أمها هو جسدها...ورفضها أن تكون هذه حال أمها...
"ملامحها هي ملامحي"
كل تصرف من أمها يذكرها بنفسها...بطفولتها...
"إنها تطيعني بخوف"
تصوير مؤلم ومحزن...
"عندما أرحل تنظر إلي كالضائعة المذعورة:هل تذهبين؟ كل شيء مقلوب، الآن ، إنها هي ابنتي الصغيرة، لكنني لا أستطيع أن أكون أمها"
المكان البائس الذي تعيش فيه مع مريضة أخرى تصرخ باستمرار ...
 
كتبت مرارا عن قذارة المكان ورائحة البول والخراء...
آلمني قولها في البداية أن أمها صدمت لأنها أخذتها لدار المسنين بينما كانت تتوقع أن تصحبها لبيتها...
تعبر الأم عن حاجتها لابنتها....
"معك أنا في أيد أمينة"
"لم أنجدها بالقدر الكافي، لقد عبرت ليلها وحدها"
 
عندما تموت الأم لم أتعاطف مع الكاتبة ...لأن نهاية الأم لم تكن مفاجئة ...
 
ميزة كتابات آني إرنو أنها صادقة وتكشف ما لا يجروء غيرها على كشفه بهذا العمق والصدق...تركز على الأشياء الدقيقة والحقيقية والتي لا يلتفت لها آخرون...
الكتاب أصابني بألم كبير للحالة التي يعيشها كبير السن مهملا ضائعا في الوقت الذي يكون بأمس الحاجة للعطف والرعاية...
من الكتابات التي تصيب المرء بالغصة والاكتئاب...
 

 

هل نحن وحدنا في الكون؟

 في العام 1772 حصلت جنيف على أول مرصد فلكي، أصبح لاحقا تابع لقسم الفلك بجامعة جنيف. 

وبمناسبة مرور 250 عام على تأسيس المرصد، تقوم الجامعة بمعرض يشمل عدة أنشطة تعريفية للجمهور للنقاش حول السؤال الهام: 

هل نحن وحدنا في الكون؟

مع اكتشاف كواكب صغيرة معتدلة الحرارة حول نجوم غير الشمس ، تبرز مسألة وجود الحياة في مكان آخر من الكون. 

 يهدف مركز الحياة في الكون (CVU) التابع لجامعة جنيف إلى الإجابة على هذا السؤال من خلال الجمع بين الخبراء من مختلف المجالات في علم الفلك والفيزياء والبيانات وغيرهم لمحاولة الإجابة عن السؤال. 

من خلال هذا المعرض ، تقدم لك CVU وشركاؤها رحلة بين النجوم ستأخذك من أكبر الهياكل في الكون إلى البكتيريا التي تعيش في بحيرة جنيف. 

عند بحيرة جنيف عرضت أعداد من الملصقات الضخمة المزودة بالصور عن الكون ومعلومات علمية كثيرة حول الموضوع. تلفت انتباه الناس لمواضيع الساعة في عالم الفلك والأبحاث الجديدة.

المعلومات معروضة على اللوحات باللغتين الفرنسية والإنجليزية...


 

قراءة لرواية المنتهكون لسمية هندوسة:

 


العنوان: 

يبدأ السؤال من لحظة قراءة العنوان...

 المنتهكون، من هم؟ أي انتهاك ستدور حوله الرواية؟

مدخل الرواية جميل، يشد القارئ بشخصية الخير مختار الذي يرتبط معه القارئ عاطفيا. ولادة طفلته الأولى شكلت ولادة حلم بحياة جديدة ومستقبل أفضل، حلم مشرق. 

وتزدحم الرواية بالشخصيات التي تتحاور وتتفاعل مع بعضها في بيئة سودانية فنغوص في التفاصيل الصغيرة والحميمة للطقوس النسوية ، والحوارات باللهجة السودانية والتي تضفي نكهة مميزة للرواية.

ونجحت الكاتبة بتأثيث الرواية بكل ما هو سوداني الداية وتوزيع الحلويات، ومستلزمات السماية ومصطلحات الحياة اليومية وهموم الناس البسطاء الممزوجة بالأساطير والمخاوف.

ناقشت الرواية عدد من القضايا المهمة، الانتهاكات بصور مختلفة، انتهاك الطفولة، التحرش والاغتصاب، سيطرة الثقافة الخرافية في المجتمع على ثقافة العلم والوعي، زواج الصغيرات أو بمعنى أدق بيع الفتيات ودفع أخريات لبيوت الدعارة، والظروف التي تدفع الشباب للتورط مع الجماعات المتطرفة في بيئة لا تمنح الحب والاحتضان.

وتسلط الرواية الضوء على ما يسمى بالقضايا المسكوت عنها، تلك التي لا يحب أحد أن يعترف بوجودها ويهيل الجميع عليها التراب.

في الرواية تتعدد الشخصيات المنتهكة، وينجو الجناة بسبب الثقافة السائدة التي تحمي الجناة وتدين الضحايا: " كلنا ضحايا وكلنا منتهكون في مجتمع يحاكم الضحية ويقف مع المجرم"، كما جاء على لسان أحد شخصيات الرواية، وهي تلخص ثقافة العيب، والخوف والتربية التي تفتقر للتوجيه والتوعية الحقيقية للطفل حتى يتعلم كيف يحمي نفسه من أي خطر يواجه. وهي نقد للتربية الساذجة التي لا تعترف بأي أخطار محتملة قد تنتهك براءة وطفولة الأطفال. 

 

الرواية تمثل من وجهة نظري صرخة في وجه المجتمعات التي لا تواجه مشكلاتها الحقيقية ولا تعترف بوجودها من الأساس.

ظهرت لغة صحفية وتقريرية في بعض الأماكن بالرواية، عندما كان هناك المزيد من التوضيح والشرح الذي يقلل من جمال السرد الروائي عندما يكون التركيز على وصف ماذا حدث وتكرار الوصف والشرح، كما جاء في صفحة 179: " ولا يدري بأنه هو هذا المليونير الذي تأخذ من خزائنه ما تشاء لتجلب كل ما تريده لها ولأبنائها ولوالدتها"، فهي جملة توضيحية مكررة تشرح ما يعرفه القارئ.

 

بالإجمال هي رواية مؤلمة فهي تبدأ بيوم ولادة هادية ذلك الحلم الجميل لوالدها، وتنتهي الرواية بموت بطلة الرواية وهي تحاول الانتقام ممن انتهكوا حياتها وأضاعوها، موتها يعلن بوضوح أن المواجهة الفردية اليائسة ليست حل لمواجهة الانتهاكات.

 


 

المكان لآني إرنو:


عمل أدبي مختلف لكاتبة فازت بجائزة نوبل للأدب...
الكاتبة تتميز بكتابة تفاصيل دقيقة وعميقة لا يكتبها الكتاب عادة.
الغريب وضع الحرف الأول فقط لأسماء الأماكن ...
الترجمة باللغة العربية الفصحى، لكن الحوارات باللهجة المصرية تشعر القارئ بالغرابة عند تخيل شخصيات فرنسية تتحدث باللهجة المصرية ..
اختيار غير موفق للترجمة ...
الكاتبة تحاول تسليط الضوء على شخصية والدها ...تفسير تصرفاته والصعوبات التي عاشها وهي صعوبات تواجه الطبقات الفقيرة التي ينتمي إليها...
لست متأكدة هل ينطبق على هذا النص مسمى رواية...
يشبه كتابة مذكرات مختصرة ...
يبدأ الكتاب بموت الوالد ...وتتداعى الذكريات التي تحاول الكاتبة تجميعها عنه...
انتهت صفحات الكتاب 81 صفحة ...هل يعقل أن ذلك كل شيء!!!
الكتابة مختصرة ، القارئ يتعاطف مع وضع الوالد ومجمل التعاسة التي عاشها، ويخيم شعور الكاتبة بالذنب لأنها تركت عائلتها لتنتقل للعيش في مستوى اجتماعي أفضل...مكان آخر ...
عندما وصلت مرحلة المراهقة وهي مرحلة صراع نفسي... وجدت نفسها في صراع بين الانتماء لطبقة عائلتها وشعورها بالانفصال التدريجي عن تلك الطبقة، والتعليم يكسبها معرفة تعزلها عن ذلك المحيط ...
وتتزوج بشاب من الطبقة البرجوازية وهكذا تنفصل عن طبقة عائلتها، رغم استمرار زياراتها لهم ...لكنهم أصبحوا عالم يختلف عن عالمها...والدها ترى فيه صورة للعصور الوسطى ببساطته وأفكاره...
وهي تعرف المكان بذلك الفضاء غير المرئي الذي يفصل بين البشر ...تلك المسافة التي تم انشاؤها بين الناس...فالمكان هو الطبقة الاجتماعية التي ينتمي لها الإنسان...
تحاول اللجوء للكتابة لتسلط الضوء على حقائق طمسها الزمن ...
استطاعت ببراعة أن تنقل للقارئ مشاعرها وهي تصف والدها الميت الذي لن تراه ...
اعتقد أن براعة الكاتبة يتلخص في قدرتها على التكثيف وفضح المشاعر القوية كما هي دون تجميل ...
 
عللت لجنة جائزة نوبل اختيارها الكاتبة الفرنسية البالغة من العمر 82 عاماً للجائزة: "لما أظهرته من "شجاعة وبراعة في اكتشاف الجذور والاغتراب والقيود الجماعية للذاكرة الشخصية ووصفت اللجنة انتاجها الأدبي بأنه:
"أعمال غير مهادنة أنجزتها على مدى 50 عاماً، صورت فيها حياة تشوبها الفوارق الكبرى في اللغة والجنس والطبقة"
 

 
 

رواية أفراح القبة - نجيب محفوظ:

 


هل يكفي اسم الروائي ليكون العمل رائعا؟
الرواية قصيرة لكنها غنية بالمعاني، يفسرها القارئ كيف يشاء ...
 
الرواية مكونة من أربعة فصول: في كل فصل نسمع صوت أحد الشخصيات الرئيسية...أي رواية متعددة الأصوات ...نسمع الحكاية من أربع وجهات نظر مختلفة، كل شخصية تحكي الحكاية من وجهة نظرها...
ولأن كل شخص في الحياة يرى ويحكي ويفهم من زاوية مختلفة لهذا سنسمع الحكاية من زوايا مختلفة...
 
الفصل الأول الذي يحمل اسم الشخصية الأولى طارق رمضان وهو ممثل في المسرح سيلعب دور البطولة في مسرحية تحمل عنوان أفراح القبة...يؤكد الممثل أن مؤلف المسرحية عباس يحكي في المسرحية حكاية حقيقية ويعترف بجريمة قتل زوجته ...ونفهم أن المسرحية تكشف أحداث حقيقية وشخصياتها هم من العاملين في المسرح.
إذا الرواية عن مسرحية، ومؤلف المسرحية كتب الواقع، ما حدث كما حدث، ويختفي.
لا تكتمل الصورة أمام القارئ إلا بعد قراءة الفصل الرابع ، وهو الجزء الأجمل حيث يعرف القارئ لماذا كتب عباس المسرحية.
أسلوب السرد في الرواية رائع ومدهش....الكاتب لا يصف ...لا يشرح لا يقول إلا قليلا ...يترك فراغات كثيرة لخيال القارئ ...
 
عند الانتهاء من الرواية وجدتني استعيد أحداثها ومواقف الشخصيات ...الحياة مسرحية حقا وكل منا يلعب دوره فيها، لكل منا قناعاته ومفاهيمة التي تتبلور حسب البيئة التي ننشأ فيها...وهناك حواجز كبيرة بيننا وبين أقرب الناس لنا تسبب كوارث في حياتنا.
الحب والكراهية والخيانة والغدر والطيبة وحتى سوء الفهم وسوء الظن كلها تلعب دور كبير في علاقات الناس ...
الرواية مدهشة ...أحد إبداعات صاحب جائزة نوبل ...كتبها نجيب محفوظ في ثمانينيات القرن الماضي .
رواية تستحق القراءة...والتوقف عندها قليلا.
 
اقتباسات من الرواية:
" حرارة المقت أقوى من موقد الفرن"
"إن الخير ينتصر إذا وجد من ينصره"
الحب أقوى من الشر نفسه"
"منذا يدلني على معنى الحظ"