قراءة لرواية الثائر (أو الخنثى) لمحمد الغربي عمران

 


الرواية تحلق بالقارئ مع بطلها الغريب الذي يربك القارئ...
حكاية غامضة...
فالبطل تارة يحمل اسم شيزان وتارة هو قمر !!
يتنقل عبر أرجاء البلاد بطولها وعرضها...سجونها، مساجدها، جبالها، أزقتها، أسواقها، سماسرها...سمسرة وردة وسمسرة أبو عامر...
تقرأ وتنتظر أن تفهم ما هي حكاية بطل القصة! فتزداد حيرتك وترتبك لعدم فهمك ..
ولكن ما هو المفهوم في هذا البلد...
من يحارب من؟!
 
يختفي الأب والأم والأخوة...
تختفي العائلة مصدر الأمان، ليبقى بطل الرواية يبحث عنهم ، لا يدري أين يبحث...يعيش بلا عائلة ...
شيخ القرية كان سبب مأساته، الظلم في كل مكان ...تختلف أيادي من تمارسه:
شيخ القرية..
 سيدنا...
الشاويش...
عسكري السجن...
ضابط التحقيق...
جروح تتعفن...جن ومخلوقات لا ترى ...
أن تعيش وانت تبحث في محاولة للفهم..
لتمر برحلة طويلة لتكتشف أنك لا تفهم شيئا...
 
خيال الكاتب يبدع في الإمساك بفضول القارئ ...
على وعد أن يعرف الحقيقة بعد حين ، ينتظر لحظة البوح ، ليكتشف انه ينتقل من سرداب لآخر ، من سراب لصحراء مجدبة وجبال وعرة... صنعاء، عدن، تعز، حجة، صعدة ، خولان...ينتقل القارئ على تفاصيل الخريطة لمدن وقرى وأزقة وشوارع...في بلد تنوعت تضاريسة بين جبال وشواطئ ووديان وصحارى...
وتنوعت ملامح الناس فيه لكن يجمعهم الهم والجري في سبيل معرفة الحقيقة التي تتسرب من بين أصابعهم...
 
حيرة تقابل القارئ...
الثائر هل هو ثائر! أم قاتل! ما حقيقة من يصفونه بالبطولة ويزينوا صدره بالنياشين...
قاتل أم ثائر أم باحث عن الحقيقة ؟
لا تقف كثيرا عند بعض التفاصيل ...
تجاوزها، فهنا الخيال يمتزج بالحقيقة فيختلط الأمر عليك...
 
بلد يعيش مخاض ثورات ...ثورات لا تنتهي ومخاضات لا تكتمل...
 
ينتقم بطل الرواية من القتلة الذي حولوا حياته لسلسلة من العذاب...يقتلهم خنقا ...ليتفاجأ أنهم على منصة التشريفات يتلقون الأوسمة ابطال تزين صدورهم النياشين..وهم من سيحكم البلاد...
 
الشعب بلا عيون ولا أفواة يضجون...لا يفهمون...لا يعرفون...
إذا شعرت أن القصة غير مفهومة ...
فما هو المفهوم في واقعنا؟
الحكاية متداخلة ، نعم فكل شيء متشابك...
خاصة مع شخصيات لا نفهم أين نصنفها: بالبطولة أم العمالة والخيانة؟
 
خاتمة الرواية ستدهشك وتجعل للرواية معنى وهدف عميق وتجعلك تتجاوز شيء من الحنق ربما ساورك في بعض الصفحات...
لغة الكاتب قوية ، خيال غريب ، التنقل سريع بين الاحداث والأزمنة... 
شعرت بعمق ما يريد الكاتب أن يوصله للقارئ حتى من خلال العنوان...
الخنثى..
 

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الصمت عار

فيلم Alpha

الكرد في اليمن، دراسة في تاريخهم السياسي والحضاري 1173 - 1454م لدلير فرحان إسمايل